أَصِلُ حديث اليوم بسابقه. أحزاب إيران وتياراتها. فقد خلصتُ إلى مفاضلة مُنتفية الموضوع بين التيار المحافظ والتيار المُتمرّد (الإصلاحي). ومفاضلة أخرى قائمة بين أطراف المحافظين. تقليديين، تعميريين وتقدّمين.
هذا التيار المحافظ يعيش اليوم واقعا سياسيا «حتميا». كيف؟ لو رجعنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء سنرى التالي: قُبَيْل انتخابات الرئاسة السابعة أي قبل 12 عاما والتي فاز فيها محمد خاتمي كانت مجاميع الإصلاحيين متماسكة.
وبعد وصول التيار المُتمرّد إلى السلطة بدأ نظام المصالح يتّسع لدى حشود التيار، لكنه يضيق بين فصائله. بمعنى أن التيار وبحكم وجوده في السلطة صارت علاقاته الداخلية والخارجية أوسع كضريبة للتعاطي البيني المتلاحق، لكن ظروف هذا التعاطي وتفسيراته ومدياته أصبحت تتنافر بين أطراف التيار. فبدأ الانقسام يدبّ فيه.
فبعدما كانت «روحانيون» و»كوادر البناء»، و»السائرون على نهج الإمام» هم المُسيطرين على التيار، ظهر بيت العامل وحزب التضامن والعمل الإسلامي والمرأة الإسلامية، والاتحاد الإسلامي للمهندسين، ورابطة الصحافيات ورابطة خريجي شبه القارة الهندية، والرابطة الإسلامية للمعلمين في إيران وجبهة المشاركة وغيرها من الأحزاب.
وخلال نهاية الولاية الثانية لحكومة خاتمي ظهر الخلاف بين هذه التيارات بشكل أوسع، إلى درجة أن هتَفَ بعض المتطرفين من التيار المُتمرّد ضد خاتمي في بهو جامعة طهران. والأكثر أن الخصام طال أبرز معاونيه (مهاجراني مثالا).
هنا يُمكن أن يُستلّ من ذلك طبيعة الصراعات الناتجة عن الفشل في التوافق حول نظام المصالح بين الحلفاء فضلا عن غيرهم. بل إن تداعيات ذلك قد تنجرّ إلى ما بعد الخروج من السلطة كما حدث مع انسحاب مهدي كرّوبي من مُجمّع علماء الدين المناضلين وتشكيله لحزب جديد وهو اعتماد ملّي احتجاجا على عدم إجماع التيار المُتمرّد عليه في انتخابات الرئاسة العام 2005.
ما يُخلَصُ إليه الآن هو أن التيار المحافظ مشى في ذات الفرز ولكن بشكل مختلف. فهذا التيار عندما كان في المعارضة التنفيذية والتشريعية بين العامي 1997 - 2005 كان أكثر تماسكا. بل إن هذا التماسك هو أحد أسباب فوزه أمام اهتزازات الجبهات الحزبية الأخرى.
لكنه وبمجرّد فوزه في الانتخابات البلدية في العام 2003 والتشريعية في العام 2004 والرئاسية في العام 2005 بدأ الخلاف حول نظام المصالح بداخله. لكن وجه الخلاف داخل التيار أخذ وجها آخر.
فالفرز قاد إلى معادلة معقّدة. فهو إلى ما قبل خمسة أعوام من الآن اعتمد على حركة سياسية مزدوجة. الأولى تقودها القوى الشابة في التيار، وأخرى تقودها الشخصيات الكارزمية فيه.
والغريب أن هذه الحركة كانت تعتمد على آلية معكوسة؛ وهي أن القوى الشابة كانت تتحرّك داخل المسطرة السياسية من أجل إيصال الشخصيات الكبيرة في التيار العام كهاشمي رفسنجاني كما حدث في انتخابات الرئاسة العام 2005.
وهو أحد أهمّ الأسباب التي قادت إلى التمرّدات فيه وأبرزها فصيل «أنصار تعمير إيران الإسلامية» التي يضم الرئيس أحمدي نجاد. لذا فقد رأينا لاحقا أن هذا التيار قام بإنتاج مجاميع سياسية شابّة تشارك في الانتخابات تداركا منه من أي انفراط حزبي تُنتجه تلك المعادلة.
لكن ذلك القرار كان قد صَدَرَ متأخرا. وبات ظهور محمد باقر قاليباف ومحسن رضائي وعلي لاريجاني لا يُغيّر من المعادلة بشيء وخصوصا أن من قادوا الانشقاق في التيار (وهم التعميريون) قد غيّروا كثيرا من لوازم اللعبة لغير صالح أحد سواهم.
أبرز معالم ذلك التغيير هو نقل مزاج المواطن الإيراني من أرض إلى أخرى، وتبديل ديموغرافيا الفعل الانتخابي، وأيضا الخيارات المعروضة عليه. الأمر الذي جعل عمليّة اللحاق بمُرشّحيه صعبة للغاية.
لذا فنحن نرى اليوم سطوة شعبية غير عادية بات يحصل عليها الرئيس أحمدي نجاد إلى الحدّ الذي قلّصت حجم (عدم) الإجماع عليه من نفوس ثلاثين محافظة في عموم إيران إلى مساحة أصغر لا تتجاوز شمال طهران في أحسن الأحوال!.
المهمّ اليوم بالنسبة للتيار المحافظ أن يعرف سماطاه حقيقة المعادلة. فلا الذي يملك الشارع بقادر على تخطّي الأكثريات السياسية لدى الطرف المحافظ الآخر، ولا الأخير بقادر على الالتفاف حول الوجود الشعبي لخصمه.
لكن المسئولية الملقاة على الرئيس أحمدي نجاد هي أكبر. فالمرحلة لا تتطلّب استدعاء عَتَبه على أصدقائه في التيار المحافظ لعدم دعمهم إيّاه في الانتخابات ما قبل الأخيرة.
وخصوصا أن التيار المتمرّد (الإصلاحي) يعيش أحلك أيامه ورياحه المأتميّة وغير قادر على النّدّيّة، وبالتالي فهي فرصة جيدة له ولحلفائه لتضييق حجم الخلاف وإنتاج صيغة سياسية جديدة تحكم إيران.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ
الأصلاحيون خربوا ما صلحوا
ماذا سيصلح هؤلاء الأصلاحيون ماذا فعلوا في الماضي؟ همهم جمع المال والشعب يأن من الفقر .. على العكس عندما جاء أحمدي نجادجعل من هذا البلد بلد يحسب له الف حساب بلد يخافه الغرب لانه لا يتنازل لهم كما يفعل الاخرون وما تم أصلاحه في فترة رئاسة احمدي نجاد أفضل من ما فعله الاصلاحيون من قبله... المشكلة هي حب الذات وحب السلطة لا حب الشعب كما ينادي به هؤلاء الذين يسمون انفسهم اصلاحيين.
إصلاحين و محافظين !!!!!
إصلاحين و محافظين في النهايه هم وجهان لعمله واحده !!! و مثل ما يقول إخواننا في مصر فخار يكسر بعضوا.
خيار الفقراء
لنبتعد عن التنظيرات التي لا يفهمها إلا النخبة .فوز أحمدي نجاد - والفارق الشاسع بينه وبين موسوي-
لم يحصل إلا لأنه يعيش هم الفقراء / انظروا وضعية الفقرا في الدول العربية لتعرفوا لما اختار الشارع الإيراني أحمدي نجاد المتواضع .
مقال مفيد
شكرا للكاتب الموقر على هذا المقال