العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ

تطور معالمها لم يلغِ جمال الشرق من وجوه سكانها

مرسين... مدينة الجنة والنار

لم تعد تركيا مجرد دولة تقع إلى الشمال من الوطن العربي، فهي اليوم واحدة من أهم الدول التي يقصدها السياح العرب خلال مواسم السياحة والاصطياف، ومع أن المسلسلات التركية لعبت دورا كبيرا في مسألة قصد العرب لمدن هذه الدولة، فإن مميزات السياحة فيها من طبيعة وحضارة ومنتجعات، قدمتها بين قائمة الدول المفضلة للمصطافين.

من بين أجمل المناطق التركية التي تتوجه إليها الحملات السياحية في الفترة الأخيرة، منطقة مرسين جنوب تركيا، والمطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وهي مسورة بسلسلة جبال طوروس، فوكالات السفر في الدول العربية، وخصوصا في سورية، باتت تنظم مجموعات سياحية تتوجه إلى هذه المدينة مرتين أسبوعيا على الأقل، وتقصد فيها مجموعة من المنتجعات السياحية القابعة مباشرة على الشاطئ.

ومرسين مدينة هادئة مناسبة جدا للزوار من العائلات، فعلى رغم أن الطابع العام للمدينة يحمل صفات غربية، فإن بساطة الناس وتقبلهم للزوار، تبقي على صفات الشرق في وجوههم، فيجتمع فيها التطور والتقدم من بناء حديث وخدمات تتناسب مع مختلف الاحتياجات التي يطلبها السائح، وفي الوقت نفسه لا يغيب عن ناظر الزائر العادات والمهن التقليدية والصفات الأصيلة لأهل مرسين، فأكشاك الذرة المسلوق والمشوي التي تنتشر بكثرة على الشواطئ، وعلى جوانب الطرقات، تقدم الذرة الطازجة ملفوفة بقشور الذرة الطبيعية، وبائعو الإكسسوارات التقليدية الذين يضعون طاولات صغيرة يستعرضون فيها الحلي التقيلدية التي يستعمل فيها بكثرة شكل العين الزرقاء، وأزياء نسبة كبيرة من الناس الذين مازالوا يرتدون الملابس التقليدية القروية للمنطقة... جميعها مشاهدات تبقي على شيء من السمات الخاصة المميزة للمدينة.

وتحتوي مرسين على مجموعة كبيرة من المناطق التي تقصدها المجموعات السياحية والزوار من الأفراد، من أجملها وأبرزها منطقة (الجنة والنار)، وهي معلم يقع في منطقة جبلية غربي مرسين، ويتكون من مغارة وواد، الوصول إلى جانب (الجنة) فيها يتطلب نزول 420 درجة، وهو طريق صعب ومتعب، أما (النار) فهي منبسطة يسهل الإطلال عليها. ويمثل اسم هذه المنطقة فكرة أن الوصول إلى الجنة يتطلب المثابرة والإصرار، وأنه طريق ليس بالبسيط أو الميسر، وأن الدخول إلى النار شيء يتحقق بسهولة، كما أن المنطقة تطل بمشهد ساحر على البحر من أعلى الجبل.

وعند النزول من هذه المنطقة يمكن المرور على قلعة شهيرة ومميزة جدا على الشاطئ، وهي قلعة «الفتاة» التي تروى فيها أسطورة قديمة تقول إن حاكما يونانيا يدعى «قرقوش» لم يحظ بذرية من الذكور، وبعد عمر طويل ولدت له ابنة أحبها كثيرا، وفي يوم من الأيام مرت «عرافة» تقرأ الطالع في الكفوف، وأخبرته بأن ابنته ستموت بلسعة أفعى تقرصها في يدها، ولخوف «قرقوش» على ابنته أمر ببناء قلعة في البحر لتسكنها ابنته، فلا تتمكن الأفاعي من عبور الماء والوصول إلى طفلته الوحيدة، وفعلا بنيت القلعة التي باتت اليوم متصلة بالساحل، وسكنتها الابنه، وفي يوم من الأيام قدم بعض زوار الحاكم عنبا لذيذا شهيا يزرع في منطقة قريبة من «قرقوش»، ولكثرة ما أعجبه مذاقه، أمر بإرسال سلة العنب بالكامل إلى ابنته في الجزيرة، وعندما مدت الفتاة يديها لتأخذ خصلة عنب من القربة، لسعتها حية صغيرة كانت تختبئ في السلة وماتت، وبقيت القلعة من بعدها معلما شهيرا في المنطقة.

ومن الأشياء الجميلة التي يمكن ارتيادها أيضا في مرسين، القوارب الكبيرة التي تجول بالسياح في محاذاة الشاطئ والكورنيش الجميل جدا الذي يمتاز بالمنحوتات والجلسات الجميلة، وتقدم على متن هذه القوارب وجبات غداء على وقع أنغام وصلات غنائية.

وزيارة مرسين لابد أن تتخللها رحلة قصيرة باتجاه الجبل للجلوس في المقاهي التي تطل على السهل بمناظر خلابة جدا، يطغي عليها اللون الأخضر، والتي تقدم بعض الوجبات الشعبية اللذيذة جدا، مثل الدجاج بالفخار، الذي ينصح الزوار بتناوله عند زيارة هذه المقاصف الجبلية.

وسواء أكان الزائر يرغب في الشواطئ والرحلات البحرية، أو في هواء الجبال العليل، أو في الأماكن والمعالم الأثرية، أو حتى في المجمعات الكبيرة التي يتوافر فيها عدد كبير من الأسماء التجارية الكبيرة والعالمية، فإن مرسين مكان مناسب للعائلة، وكلف زيارتها مقبولة مقارنة بالكثير من المدن الأخرى.

العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً