جو هادئ من السكون الذي يخيّم كعادته على المعارض التشكيلية في الإجازة الصيفية , وصمت الفرشاة وتكبيل القلم وأداة اللون, فإنّ صالة البارح تكسر هذا الصمت فجأة لتسبق جميع محطات العرض المغلقة في تدشين الموسم التشكيلي بمعرض خاص للفنان القطري علي حسن.
وفي جو ترى فيه لغة الحرف التشكيلية والكلاسيكية محطاته محدودة نسبيا وتنحصر في نطاق ضيق إلا أن بعض الفنانين قد تمسكوا بهذه اللغة إيمانا منهم وقد شغفهم حبا , وعلي حسن أحد هؤلاء المتمسكين بتعابير الحرف في مشاركاته الفنية , ليطل في معرضه الأخير بإشراقة جديدة تحمل التحدي في تطويع الحرف العربي في محيط الجو العام للوحاته , فترى أن الحروف تتمايل في رقص شرقي جميل يحمل معاني الفرح والابتسامة اللطيفة بمعالجتها بالألوان المبهجة في سهرة من ليالي ألف ليلة وليلة.
وأن حرف النون يحضر متربعا على عرش الخلافة كأسطورة,ليظهر في كل مرة بصورة مغايرة وذلك بدلالات عميقة وأخرى سطحية , ففي مجموعة الأحرف المتقاطعة على بعضها تتمايز فيها المناورات بخلق الأبعاد اللونية تارة وأخرى يجسد البعد الآخر عن طريق ثقب صغير لأحد الأحرف ليعطيه بعدا آخر عادة ما يكون الأقوى في تمركز الجذب للنظر, أوكأنه يعطي تلميحا إلى مسافة تعبيرية إلى ما بعد اللوحة وسطوة السطح الأمامي , ولا يستغني عن القصاصات في توظيفها في كينونة اللوحة ومزجها باللون.
وإنّ استخدام الفنان للون بدرجاته المختلفة في كثير من الأحيان يعتمد الشفافية في توظيفها لأعماله , وخصوصا في المناطق المحدودة والصغيرة ’ بينما يعتمد في ملء الفراغ الواسع بدرجات كثيفة وهادئة من الألوان الترابية كرداء يحتضن عشيقته ويدفئها ويترك الرأس يتنفس فهذه أحرف «علي حسن»
أما النون ففتورها يأخذ الطابع الانسيابي والمتقطع لابسا ثوب العذراء في ليلة زفافها ولم يتقيد, الفنان بخط معين يشغل تكوين العمل غير أنّ الملاحظ هو استخدام عدّة أساليب لاحتواء نقطة النظر ’ إما باستخدام الإضاءة المغلقة في محيط معيّن أو استخدام الرسم الهندسي والنقش التأثيري والرسم العفوي لزهرة صغيرة يتضوع منها المسك ونسيم الصَّبا.
سيدحسن الساري
العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ