العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ

سؤال الأسئلة ... ماذا يجري في إيران؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سألني أحدهم: ماذا يجري في إيران. قلت: سؤالك يحتاج إلى تقسيط؛ فهو بحجم سائلي أهل علم الكلام والعقائد عن الوجود والخلق. فأزمة إيران عبارة عن فسيفساء من الأزمات الصغيرة والمتوسّطة شكّلت في النهاية أزمة اليوم.

حَسَنا... لنأخذ رأس الإشكال وهو الخريطة الحزبية. لا يُمكن المفاضلة مُطلقا بين التيار المحافظ والتيار المُتمرّد (الإصلاحي). فالأول يعتبر هويّة للثورة ومدماك للدولة. والثاني يُشكّل هويّة مُستوردة على غير ملامح الثورة ويعيش على حافّة الجمهورية.

الأوّل يملك الأكثرية السياسية، والثاني أقلّي قضمت وجوده رهاناته على الخارج. وأيّا تكن مقولات بعض المحافظين وعِلِيّة القوم بشأن «وطنيّة» هذا التيار المُتمرّد إلاّ أنه تيار (بسواده الأعظم) غير نقي ومُشَوأب ومشبوه، وكلّ ما يُقال بشأنه على غير ذلك هو بدواعي موازنات الداخل لا غير.

وعليه فإن المفاضلة تبقى داخل أروقة التيار المحافظ. هنا حديث مختلف. فهذا التيار على ثلاث شُعِب. الأول تقليدي يتشكّل من رموز سياسية (دون ذكر الحرس القديم فيه) بينها بور محمّدي رئيس منظمة التفتيش القضائي، وأحمد توكّلي مُرشّح سابق للرئاسة وعضو برلماني، وحدّاد عادل رئيس البرلمان السابق وعضو حالي بالمجلس.

الثاني تقدّمي يتشكّل من عدد آخر من الأصوليين بينهم علي لاريجاني رئيس البرلمان الحالي وباقر قاليباف أمين العاصمة ودانش جعفري وزير الاقتصاد السابق ومحسن رضائي الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام.

الثالث تعميري يتشكّل من الرئيس أحمدي نجاد ومهدي جمران رئيس المجلس البلدي لطهران، ومجتبى هاشمي ثمرة المستشار الأعلى لرئيس الجمهورية وجوانفكر المستشار الإعلامي للرئيس، واسفنديار رحيم مشائي رئيس مكتب رئاسة الجمهورية.

هذا التيار بعمومه لديه روافع فكرية وأخرى فقهية. الرافعة الفكرية له تتشكّل من محمد جواد لاريجاني رئيس مركز الفيزياء النظرية والرياضيات بطهران، وآية الله محمد تقي مصباح اليزدي أحد فقهاء الحوزة القُمّيّة، وآية الله عباس علي عميد الزنجاني.

أمّا الرافعة الفقهية للتيار المحافظ فتتمثّل في المراجع الدينية العظام في مدينة قم وهم الشيخ لطف الله الصافي الكلبيكاني والشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ حسين نوري همداني والشيخ عبد الله جوادي الآملي.

هنا تجب الإشارة إلى جذور هذا التيار في الحكم. فعندما انتصرت الثورة الإسلامية رُحِّلَت الأحزاب والحركات التي كانت تنشط قبل الثورة إلى وعاء الحكم الجديد. وكانت لها حظوة في التشكيلات الناتجة عن السلطة، كالمنصورين وجمعية علماء الدين المناضلين.

ففي مناحي الثورة الدينية ووصلتها بالسياسة تمّ إدماج علماء الدين في جمعية المناضلين التي قادت الثورة عمليا في سنتيها الأخيرتين، وهي الغطاء التقليدي ليمين اليوم، فدخل أعضاؤها في هيئات صياغة الدستور ومجلس قيادة الثورة والحكومة المؤقتة.

وفي مؤسسات الثورة العسكرية كالجيش والحرس الثوري أُدْمِجَت فيها جماعات المنصورين وبدر التوحيدية والفلاح والفلق والصف والمُوحّدون. فدخل محسن رضائي ومحسن سازجارا ورفيق دوست ولاهوتي ودانس مُنفرد ومحمد غرضي وكلاهدور.

وعلى مدار سنوات الثورة الأولى كانت عمليات الإدماج تلك تترسّخ في كلّ حقبة. بل إن الانشطارات التي كانت تحدث داخل التيارات الثورية لم تكن تُشكّل عائقا في استيعابها. فتمّ استيعاب كل الشخصيات التي ظهرت في الحزب الجمهوري قبل حلّه.

وكان أي تغيّر يظهر على هذه الخريطة الحزبية لليمين يُؤثّر بطريقة أو أخرى على خريطة السياسة المُنداحة في الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية والرقابية ومراكز القوى، بل وحتى على الجوانب العسكرية.

لذا فإن عُرفا ساد على أن تتقاسم هذه الطُرُق السياسية (على شاكلة الطُرُق الصوفية) والتي من أهمّها قوى اليمين الأصولي أغلب مظاهر وتجليات الحكم السياسي في إيران. وللحديث صلة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً