أكد التقرير السنوي لحقوق الإنسان الصادر عن مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أن البحرين تعاني من فرض معوقات جديدة على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات فيها.
وأشار التقرير إلى أن الدراسة التي قامت بها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بعد اجتماع «المراجعة الدورية الشاملة» الذي ناقش أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في شهر أبريل/ نيسان 2008 وفرت فرصة للمنظمات غير الحكومية لبدء حوار عام بشأن وضع حقوق الإنسان فيها، ولاسيّما في مسألة التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، فضلا عن التمييز.
ولفت إلى أن الحكومة أطلقت في شهر مايو/ أيار 2008 خطة عمل مع ممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حين أكد وزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة أن بلاده ملتزمة بإنشاء مؤسسة وطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأنه منذ ذلك التصريح قامت عدة منظمات غير حكومية في البحرين بتذكير السلطات مرارا بأن هذه المؤسسة يجب أن تتوافق مع مبادئ باريس.
وأكد التقرير أن حرية الصحافة في البحرين تواجه تهديدا خطيرا، وأنه في 28 و29 يونيو/ حزيران من العام الماضي، تم اعتقال 6 صحافيين بما فيهم 3 تابعين لجمعية «الوفاق» و3 آخرين يعملون في موقع إلكتروني، ناهيك عن اعتقال الناشط عبدالله بوحسن وذلك بعد اتهامه بالتحريض على الكراهية والشتائم ضد النظام على أثر نشره مقالا انتقد فيه سياسات الحكومة وندّد بممارستها العنصرية.
وتحت عنوان «معوقات جديدة لحرية التعبير»، جاء في التقرير: «من المرجح نشوء حواجز جديدة لحرية التعبير بعد نشر بيان صحافي في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 دعا فيه وزير الداخلية إلى التشدد في تطبيق المادة (134) من قانون العقوبات، والتي تشير إلى منع المشاركة في اجتماعات في الخارج أو مع المنظمات الدولية للبحث في الشئون الداخلية للبحرين، وأن أي مواطن يشارك في الخارج ومن دون إذن الحكومة، في مؤتمر أو حلقة دراسية تتعلق بالشأن السياسي، الاقتصادي والاجتماعي في البحرين، من شأنها أو من المحتمل أن تؤثّر على الثقة الاقتصادية في البحرين وعلاقاتها الدبلوماسية وهيبتها، يخضع لعقوبة السجن لمدة 13 شهر على الأقل ودفع غرامة».
وأضاف التقرير «هذه الأحكام تعود إلى العام 1976 عندما فرضت حالة الطوارئ في البحرين، وتعتبر سالبة للحرية وفقا لمعظم منظمات حقوق الإنسان والتي تطالب بصياغة قانون جديد للعقوبات».
وبشأن «المعوقات الإدارية والتشريعية والقضائية لحرية تكوين الجمعيات»، ذكر التقرير أن حرية تكوين الجمعيات لم تعد مضمونة بعد في العام 2008 ، باعتبار أن القانون رقم (21) للعام 1989 المنظّم للجمعيات الأهلية يتطلب الموافقة المسبقة لتأسيس أية جمعية مع العلم أن صمت السلطات يعني رفض إنشاء منظمات غير حكومية، وأنه حتى نهاية العام 2008، مازالت اللجنة الوطنية للعاطلين عن العمل وجمعية الشباب البحريني لحقوق الإنسان في انتظار جواب الحكومة على الطلب الذي تقدما به، ناهيك عن إغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان في سبتمبر/ أيلول 2004.
وقال التقرير «من الواضح أن هذه المنظمات غير الحكومية تعمل تحت تهديد دائم بالإغلاق ومن المرجح أن يتعرض مؤسسوها إلى الانتقام في ظل الافتقار إلى الاعتراف القانوني».
وفيما يتعلق بالعقبات الإدارية والقانونية لحرية التجمع السلمي، أشار التقرير إلى قانون التجمعات العامة الذي يوجب ضرورة الإخطار عن الأحداث والتجمعات العامة، وأنه مع ذلك وبالنظر إلى طبيعة وهدف التجمع، يتم تحديد مدى أهمية وجود عناصر إنفاذ القانون تبعا لما ينص عليه القانون الذي يحظّر أي تجمّع ما بين غروب الشمس وشروقها، وأية خطبة أو تعليق من المرجح أن يخل بالنظام العام أو الأخلاق من دون تحديد مغزى هذين المفهومين.
كما أشار إلى أنه في شهر سبتمبر/ أيلول 2008، صدر قراران عن ديوان الخدمة المدنية يعززان القيود على حرية التجمع السلمي، إذ يحظر على الطلاب وعناصر الحكومة المشاركة في التجمعات غير المرخص بها.
ولفت التقرير إلى أنه في العام 2008، كانت الأحداث التي لم يبلغ عنها قبل انعقادها أو التي وقعت بعد غروب الشمس عرضة للقمع من قوات الشرطة التي لجأت لاستخدام الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين وإطلاق الرصاص المطاط عليهم، وأنه حُكِم على عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين اعتقلوا في هذه التظاهرات بعقوبات سجن قاسية.
وبيّن أنه في الفترة الواقعة بين 25 و28 ديسمبر/ كانون الأول 2007، تم اعتقال 60 شابا في أعقاب مشاركاتهم في مظاهرة وقعت بتاريخ 17 ديسمبر 2007 في منطقة سنابس، كانوا يطالبون بضمان العدالة والتعويض لضحايا التعذيب.
وعن القيود التشريعية على الحقوق النقابية، أوضح التقرير أنه طبقا لقانون النقابات العمالية، فإن النقابة العمالية تكتسب الشخصية القانونية بعد تقديم نظامها التأسيسي إلى وزارة العمل، غير أن هناك قرارا إداريا يحظر على موظفي القطاع العام تشكيل اتحادات أو نقابات مستقلة، وأن النقابات العمالية الستة القائمة في القطاع العام هي أيضا محظورة من السلطات، على رغم اعتراف الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بها.
كما لفت التقرير إلى أنه مازال من الصعب على النقابات أن تدافع عن حقوق العمال من دون تحمل ردود فعل سلبية من قبل أصحاب العمل، مشيرا بذلك إلى النقابية نجية عبدالغفار التي تعرضت للكثير من فترات الإيقاف عن العمل والراتب وذلك منذ تعيينها نائبة رئيس نقابة البريد في العام 2003.
وقال التقرير: «تم استدعاء عبدالغفار من جانب لجنة التحقيق لإرغامها على التخلي عن منصبها الوظيفي، وذلك بتاريخ 30 مارس/ آذار، ومن المرجح أن أعمال الترهيب هذه كانت ردا على رسالة مرسلة إلى وزير العمل في العام 2003 وبيان إلى الصحافة في شهر يوليو/ تموز 2006، تشكو فيه وتندّد بظروف العمل السيئة لعمال البريد».
وأضاف التقرير: «تقدمت عبدالغفار بشكوى ضد القرارات المتخذة في حقها بتاريخ 30 ديسمبر 2008، ولكن الحكومة رفضت شكواها».
وفي «حملات التشويه والمضايقة للمدافعين الذين يدينون التمييز»، أشار التقرير إلى أنه بدأت في العام 2008 حملات التشويه ضد المدافعين الذين يشجبون التمييز، وأنه على سبيل المثال، تم اتهام المشاركين في ندوة في واشنطن بتاريخ 15 أكتوبر/ تشرين الأول نظمتها اللجان القائمة في الكونغرس في الولايات المتحدة بشأن أثر الإصلاح السياسي على الحرية الدينية في البحرين، بأنهم رهائن للولايات المتحدة وخونة.
كما تناول التقرير موضوع بث اعترافات بعض المشتبه بهم بالإرهاب على قناة البحرين الفضائية، والتي جاء فيها اعتراف على بعض الناشطين بالتحريض على أعمال العنف.
أما عن قيود حرية تنقل المدافعين عن حقوق الإنسان، ذكر التقرير أنه في العام 2008، عانى المزيد من المدافعين عن حقوق الإنسان من القيود على حرية تنقلهم، سواء داخل أو خارج البحرين، وأنه بتاريخ 2 ديسمبر 2008، تم منع الناطق باسم اللجنة الوطنية لشهداء وضحايا التعذيب عبدالغني خنجر من دخول دولة قطر، وأن هذا الحظر في السفر مرتبط بوجود لائحة بأسماء مرسلة إلى دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن من قبل وزارة الداخلية البحرينية، من أجل تشجيعهم على رفض دخول أناس يدافعون عن حقوق الإنسان في البحرين إلى أراضيهم، وُضعت في العام 2002 ومازالت موجودة حتى اليوم ويتم تحديثها بانتظام.
العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ