لفت المحللون إلى أن انعدام الاستقرار المتواصل في سوات والمخاوف من تدفق المتمردين من أفغانستان، لا يشجعان الجيش الباكستاني المتردد اصلا على اطلاق العملية على عدوه الرئيسي زعيم طالبان بيعة الله محسود.
وأعلن الجيش في منتصف يونيو/ حزيران عن قرب اطلاق عملية برية واسعة النطاق ضد الزعيم المتمرد وشبكته في معقلهم بوزيرستان الجنوبية، وهي منطقة قبلية متاخمة لأفغانستان.
وحشد الجيش قواته حول المنطقة وشن غارات جوية عليها، فضلا عن غارات الطائرات الاميركية بلا طيار. غير أن العملية البرية المعلنة لم تحدث، بعد أن أشير الى وشوكها عقب «الانجازات» التي اعلن الجيش عن احرازها في منطقة بونر ودير السفلى وسوات (شمال غرب) حيث تدور المعارك منذ نهاية أبريل/ نيسان.
واعتبر الجيش مؤخرا أنه قضى على التهديد الارهابي في تلك المناطق عقب عملية ادت الى فرار اكثر من مليونين من السكان. غير أن المواجهات الدامية تتواصل، ما يغذي المخاوف من عودة طالبان، على غرار ما حدث بعد الحملات السابقة. ففي نهاية الاسبوع الاخير عثر على ثلاث جثث لعناصر من طالبان قتلوا بيد الجيش على طول طريق سوات، على ما أفاد سكان.
وصرح وزير الداخلية السابق حميد نواز لوكالة «فرانس برس»، بأنه «على الجيش تعزيز جبهة سوات وضمان الأمن كي يسنح للنازحين العودة»، معتبرا أن العسكريين سيمكثون في سوات «حتى عودة المدنيين» على الاقل، حيث ينقل أن اقل من ربعهم عاد الى دياره.
وأقر الموفد الأميركي ريتشارد هولبروك في زيارة الى إسلام آباد في الاسبوع المنصرم بأنه لزم تأخير العملية في وزيرستان الجنوبية، مشيرا إلى أن «الاولوية الكبرى هي ضمان أمن سوات وبونر مع عودة النازحين اليهما».
واضاف أن «شمال سوات ليس مأمونا، كما لم يلق القبض على القياديين ومن ضمنهم (زعيم طالبان في سوات، مولانا) فضل الله. وبالتالي مازال ينبغي بذل مزيد من الجهد هناك».
من جهة اخرى، يعرب الجيش والاستخبارات الباكستانية عن مخاوف من عواقب العملية الواسعة النطاق التي يشنها أربعة آلاف عنصر من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) في ولاية هلمند (جنوب أفغانستان)، والتي قد تدفع بـ «طالبان» على اجتياز الحدود لتغذية التمرد في بلوشستان (جنوب غرب).
فعندما بدأت الولايات المتحدة عمليتها أعلنت باكستان عن اعادة نشر قواتها على طول الحدود الافغانية لتفادي لجوء طالبان الى الاقليم الذي يعاني اصلا من التوتر الحاد.
ويسعى الأميركيون الى عدم تكرار «غلطة 2002»، عندما تمكن عدد كبير من عناصر «طالبان» من الفرار الى باكستان حيث اعادوا تشكيل صفوفهم، بحسب هولبروك. وبالتالي من الجلي أن الجيش الباكستاني المنهمك في سوات والمترقب في بلوشستان لن يتجاوز مرحلة شن الغارات الجوية على وزيرستان الجنوبي، بحسب الجنرال المتقاعد طلعت مسعود.
ناهيك عن أن الجيش «طالما تردد في شن عملية واسعة النطاق في المنطقة القبلية، البالغة في الصعوبة حيث يسود المتمردون، لأن الظروف فيها مختلفة كثيرا عن سوات»، بحسبه.
كما يبدو الجيش نفسه اقل ثقة مما كان عليه قبل شهر عند قرب العملية. فالناطق باسمه الجنرال اطهر عباس صرح «سنقرر اطلاقها في الوقت الذي نراه مناسبا».
العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ