سوف تدخل النار... ولكني أطلب الله أن يصلحني ويغفر لي... محادثة عشتها بين اثنين في أحد النقاشات المفتوحة، المتطرّقة الى فتح ملفات ساخنة واجتماعية في حياة الشباب البحريني، وهذا الملف تطرّق له الكثير من الصحافيين - وأنا منهم -، وانتقدوا فيه «اللوطيين» ووجهوا المجتمع البحريني نحو القضاء على هكذا حالات.
ولكن النقاش الذي شهدته شدّ انتباهي الى بعض الأبواب المخفية في صدور الكثير من أبنائنا المنتمين الى هذا الجنس، اذ انني أخذت ألاحظ ذلك الشاب اللوطي وهو يتحدث عن معاناته ناسيا من حوله من الناس، ومركّزا على بعض الشئون التي نتمنى أن نوضّحها للناس، كما وضحها هذا الشاب الحزين.
ولشرح الموضوع أكثر، لابد لنا أن نعرض المحادثة التي تمت بين الشابين:
- المصلح: لا تحاول أن تقنعني يا أخي... بأنَّ لكم حقوقا أمام المجتمع، وأنا من سيقف ضدّك اذا طالبت بها، انك سوف تدخل النار للعمل الشنيع الذي تقوم به.
- اللوطي: يا بو فلان ممكن أشرح، أم النقاش انتهى منذ بداية فتحه معك، انك تحكم عليّ، وانا لم أتطاول عليك حتى، انا أعلم بأن باب الرحمة مفتوح وان الله يعلم بأنني لم أرد أن أكون هكذا، وبدل أن تقول لي ستدخل النار، اطلب من الله الهداية لي ولمن هم مثلي.
- المصلح: ماذا تريد أن تقول، تفضّل اني أسمعك!
- اللوطي: حسنا سأسألك سؤالا وأريدك أن تجيبنيه بصراحة.
- المصلح: طيب اسال ما تشاء!
- اللوطي: هل تظن يا أخي أنّ هناك من يريد أن يخالف الطبيعة والفطرة التي فطرها الله عليه؟
- المصلح: أنت قل لي... فأمثالك يحبّون أن يغيروا جلدهم ويتحولون الى جنس أبعدهم الله عنه.
- اللوطي: لا أعتقد أن أحدا من اللواطيين الذين أعرفهم، والذين أشهروا ممارساتهم المختلفة عن الطبيعيين، يريدون أن يصبحوا مختلفين، ولكن في بعض الأحيان تكون هذه المسألة قدرا من الله وابتلاء للعبد وأهله، أو تكون مصيبة حلّت على المنزل.
- المصلح: لذلك أظن بن وضعكم في مستشفى الطب النفسي، هو أفضل مكان لكم، وتأديبكم بالطريقة الشرعية هو أكبر رادع لأمثالكم!
- اللوطي: يا بو فلان لا أستطيع أن أشرح لك أكثر، فالمعاناة التي نعانيها كبيرة، وألم نظرة المجتمع لنا ووصفنا بأننا قذارة، تصعّب علينا معيشتنا، على رغم محاولتنا للاصلاح، ولكن من يبدأ هذا الطريق فإنه لا ينتهي به، الا ميتا أو متعالجا بارادة جبّارة جدا.
- المصلح: فلتتعالج يا فلان فأنت أجمل وانت رجل، وستجد تلك الفتاة المثالية التي تناسبك.
- اللوطي: أريد ايصال رسالة للمجتمع الذي نحن فيه، والذي يحكم علينا من أشكالنا، أن يحذر وضع اصبعه والضحك أو اللعن منا، فإن هذا الابتلاء قد يصيب أهل داره، وليدع الله لنا بالثبات والصبر على ما ابتلينا به.
- المصلح: ماذا أيضا؟
- اللوطي: ألا تحكموا على اللوطيين بأنهم قذارة وشيء حقير في المجتمع، فهناك كثير من الرجال الذين يعتدون على الأطفال وهناك العديد من القتلة والسفاّحين الذين انتهكوا حرمات أكثر بيدهم ألا ينتهكوها، وتسببوا بضرر المجتمع أكثر منا.
- المصلح: اننا ندعو الله لكم.
- اللوطي: ولكني لم أجد فيكم ذلك، اذ انني توقّفت عن الذهاب الى المجمعات، وتوقفت حياتي الاجتماعية لما أتعرض له داخل مجتمعي، حتى المساجد لم أفلح في دخولها والصلاة فيها، لكثرة الناس اللاعنين والشاتمين ليَّ، اني أريد كل أب أن يرى ابنه ويقول: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاهم به، وفضّلني على كثير من قومه تفضيلا».
وأن يُؤخَذ بيدنا وأن نساعد كل الأطفال الذين يمرّون بما نمر به، من خلال توعيتهم عن طريقنا، لا أن نتعرض الى نوع من العنف والتجريح وتقليل الشأن، فنحن نستطيع أن نفيد بلدنا مثل المدمن المجهول وأصدقاء الايدز!
لم ينته حديثهما الطويل، ولكن انتهت ملاحظتي باستنتاجات عديدة، وبرؤى مختلفة، ففعلا كما قال أخونا اللوطي، من نحن لنرفع أصابعنا على اللوطيين؟!، اذ يجب علينا أن ننظر في المرآة ونكشف العاهة التي فينا قبل التطرق للكشف عن عاهات الآخرين، فمن منا يعيش بدون خطأ أو سرّ دفين في حياته.
فهل هناك من يريد أن يغيّر من نفسه اذا كان طبيعيا... بالطبع لا، فلا أحد يريد أن يخالف ما جبل الله عليه الناس، فالمرأة تميل غريزتها للرجل، والرجل تميل غريزته للمرأة، وما كان من أمور مختلفة فإنها بالطبع ليست وليدة اللحظة، وانما وليدة خبرات وسنوات مريرة مرّت بالانسان، ليكون على ما هو عليه.
وليبدأ كل واحد منا باخراج فكرة احتقار هؤلاء الفئة المسكينة، وليبدأ في اصلاح نفسه، لأنها الطريق المثلى لتقليل حجم «اللواط « في أية بقعة في العالم.
فانك قد تجد ذلك الرجل المتديّن والمرأة المتزوجة وذلك المسئول وتلك الموظّفة، الذين ابتلوا بهذا النوع من الأمراض النفسية ولم يجدوا من يرشدهم أو يوعيّهم، بسبب تحفّظ المجتمع وكتمانه لهذا النوع من التثقيف الجنسي، فيبقى هذا الهم سرا في حياتهم لا يعرفون كيف يتخلصون منه.
واننا على علم بأن التثقيف الجنسي في البيوت والمدارس في أغلب الأحيان، لم يصل الى الطريقة الصحيحة في ايصال المعلومة الخاصة بهذا الموضوع، لأسباب عدّة قد يكون الخجل أو الانزعاج أو القرف على رأس قائمتها، ففتح هذه المواضيع باعتقاد الناس الجاهلين يزيد الضرر، ويفتح أعين الأبناء.
وبالطبع من ناحية دينية وعلمية ومهنية نقول لكم أن التثقيف الجنسي المبكر، والحرص على فتح المواضيع الحسّاسة مع الأبناء، تؤثر تأثيرا ايجابيا في تشكيل شخصيتهم، وتؤدي الى فهم ذواتهم، وحتى الأطفال الذين قد تكون عندهم بوادر «اللواط»، فإن التثقيف الجنسي المحاط بمحكات علمية وتوعوية ارشادية، ستنقذ أحدهم من التحوّل الى حب نفس الجنس والرغبة فيه.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2231 - الثلثاء 14 أكتوبر 2008م الموافق 13 شوال 1429هـ