العدد 2230 - الإثنين 13 أكتوبر 2008م الموافق 12 شوال 1429هـ

من سينتظر تقرير بلمار؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فجّرت المديرة العامّة لصحيفة «الأنوار» اللبنانية إلهام فريحة مطلع الشهر الجاري قنبلة جديدة في مقالة نشرتها على صدر الصفحة الأولى عن ورود أسماء 120 لبنانيا في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

فريحة التي أثار مقالها زوبعة لعدة أيام، استندت كما يبدو على معلومات تم تسريبها إليها، من جهةٍ ما، عن ورود الأسماء في التقرير الذي سيقدّمه رئيس لجنة التحقيق الدولية دانيال بلمار إلى مجلس الأمن مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل. والتقرير خلاصة لما توصل إليه كلّ من رئيس لجنة تقصي الحقائق بيتر فيتزجيرالد، وقاضي التحقيق ديتليف ميليس، والمحقّق براميرتس... انتهاء بالقاضي الكندي بلمار.

فريحة تقول إنّ الـ 120 شخصا الواردة أسماؤهم في التقرير تم تصنيفهم إلى عدّة فئات: مخطِّط، منفِّذ، مُتدخِّل، وأخيرا «كاتم معلومات». ويتوقّع أنْ يفجّر كشف الأسماء زلزالا سياسيا جديدا في لبنان لما لعبته هذه الأسماء من أدوار قبل الاغتيال، وربما هذا ما يفسّر عدم رغبة السياسيين في تداول الموضوع حتى من تيّار الحريري.

بعض الصحف قالت: إنّ فريحة نفسها طلبت من بعض المحطات وقف بث الخبر في شريط الأخبار المهمّة أسفل الشاشة، رغم تأكيدها أنّ الخبر «أكثر من صحيح»، بدليل عدم نفي لجنة التحقيق الدولية للخبر. بل إنّ شخصا مثل: جوني عبدو، شغل منصب المدير العام السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية اللبنانية، وعمل سفيرا لبلده في باريس، قال: إنّ فحوى الخبر يبدو له منطقيا، وإنْ لم يكن لديه فكرة عن مصدره، ولكنه «يجب ألاّ يكون بعيدا من تقرير بلمار»، متوقعا أنْ يحدث التقرير دوّيا «يفوق دوّي المتفجرة التي استخدمت في اغتيال الحريري».

الفظيع أنّ التقرير تحدّث عن أن التخطيط للجريمة استغرق ثمانية أشهر، بل إن محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، كان القصد منها ما يُشبه رسالة طمأنة وتضليل من أنّ سقف الاغتيالات سيبقى في مستوى وزير لا أكثر.

الأفظع من ذلك، ما يكشفه التقرير من أنّ المنفذين قاموا في المراحل الأخيرة بإجراء ثلاث «بروفات» للعملية، مُستخدمين عددا مُشابها لسيارات موكب الحريري، وشاحنة شبيهة بشاحنة الميتسوبيتشي وتحمل عبوة مُشابهة للمستخدمة في التفجير. ويشير أيضا إلى أنّ عناصر من جهاز أمني رسمي كانت من بين ركّاب «موكب البروفة»، وفي إحدى المرات حضر رئيس الجهاز شخصيا وأشرف على العملية بنفسه! ويرد في التقرير المثير تسجيل لمكالمات تم التنصت عليها، يكشف أحدها حوارا بين اثنين من ذوي الرتب، يقول فيها الأدنى رتبة بالعامية: «انتهى الأمر، خلصنا منّو»!

التقرير إذا صدر بهذه المعطيات، سيفجّر زلزالا كبيرا بلا شك، فاللبنانيون سيصحون على حقيقة تورّط 120 لبنانيا بين عسكري ومدني، في اغتيال رئيس وزرائهم بتلك الصورة الدموية الفاجعة. وسيكتشفون متأخّرين جدا، أنهم آخر مَنْ يعلم بما يجري في بلادهم على أيدي الأجهزة المحلية المتورّطة في جرائم قتل وعمليات تضليل للرأي العام، في بلدٍ تلعب فيه المخابرات الأجنبية وتمرح في ضوء النهار.

الآن... من المتوقع إنشاء المحكمة الدولية في لاهاي مطلع العام الجديد، بعد أنْ تم اختيار المبنى السابق للاستخبارات الهولندية مقرا لها، ورتبت أماكن لتوقيف المتهمين، وأماكن للشهود، ومقار لإقامة القضاة... ولكن هل ستزيد معرفة الحقيقة اللبنانيين إلاّ مزيدا من الشك بالنفس والوطن؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2230 - الإثنين 13 أكتوبر 2008م الموافق 12 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً