العدد 2229 - الأحد 12 أكتوبر 2008م الموافق 11 شوال 1429هـ

جُمْهُوْرِيّةٌ بِلا خَاتَمِي سَتَكُوْنُ أَفْضَل

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعاد السيدمحمد خاتمي اللعب بخذروف الإقدام والإحجام مرة أخرى. خاتمي قال لصحف إيرانية (إصلاحية) ثم تداولتها صحف مماثلة أخرى بأن «الإرادة التاريخية للشعب هي الحرية والتقدم والعدالة، في شكل يتوافق مع الدين».

ثم قال: «سأقدم قريبا برنامجا معدا للمجتمع، وأتفاهم معه حول تطلعاته، لكن يجب أن نرى إلى أية درجة يمكن تطبيق هذه البرامج في ظل الهيكلية الحالية، فأنا لست قلقا حيال نتيجة الانتخابات، نظرا إلى الإشارات التي أتلقاها من المجتمع، لكنني لا أريد العودة إلى السلطة بأي ثمن».

خاتمي غادر القصر الجمهوري في 2 أغسطس/ آب من العام 2005 وسلّم العهدة لأحمدي نجاد. وفي 6 أبريل/ نيسان من العام 2006 حين سألته عن إمكانية عودته لمّح بالإيجاب. لكنه بعد عام واحد من ذلك رفض عروض الترشيح من الأحزاب لإصلاحية له!.

ثم نقض غزل كلامه وبدأ في مشاورات كرّوبية - رفسنجانيّة مشتركة لإنشاء جبهة معتدلة تُمهّد للانتخابات الرئاسية العاشرة. ثم أعلن للصحافيين مرة أخرى وهو يُدلي بصوته في الانتخابات التشريعية الثامنة بأنه اعتزل العمل السياسي مع إلقائه ورقة الترشيح في الصندوق.

ثم يجهد مرة أخرى في أن يتسرْول السياسة من جديد من محافظة جيلان الإيرانية بحديثه عن تصدير الثورة بشكل ملفت. وقد كتبت عن هذا التردد، ووصفته حينها بـ «الإخلاء الإرادي» للمسئولية. ويُمكن مراجعة المقال المنشور في 12 مايو/ أيار الماضي في هذا المكان.

اليوم لا أتجاوز إذا قُلت إن رئاسة الجمهورية في إيران لا تتحمّل أن يأتيها محمد خاتمي. ليس معنى ذلك أن أحمدي نجاد أفضل، بل لأن إيران اليوم تحتاج إلى رئيس أقدر منه بمراتب وهي تخطو نحو عالم شَالَت نعامتُه كما يُقال.

إذا كانت نيّة خاتمي اليوم الدخول مرة أخرى إلى شارع فلسطين المُفضي إلى قصر الرئاسة وهو يصدح بالقول (سلبا) عن «الهيكلية الحالية» للنظام، فلا أظنه سيكون مختلفا عن تصريحاته التسعينية إبّان الموجة الإصلاحية المتطرفة.

أية تنمية سياسية تلك التي يريدها السيد خاتمي لإيران؟!. هل يريد زيادة سقف الحريات الصحافية وهو يعلم أن في بلاده تصدر أكثر من ألفي صحيفة تتسابق كل منها في النيل من الحكومة وأجهزتها!. وهو يُدرك ذلك جيدا لأنه لطالما حابى الإصلاحيين بنقده الشديد (عبر قراطيسها) لحكومة المحافظين.

ماذا يريد خاتمي من التنمية السياسية؟! هل يريد أن يُسمح لإبراهيم يزدي رئيس نهضة آزادي بأن يقول ما قاله ويقوله في صحيفة «روز»؟! أو لحميد رضا جلاى بور في صحيفة «أمروز»؟! أو ما تكتبه صحيفة «تابناك وإيران»؟!.

ماذا يريد خاتمي من التنمية السياسية؟! هل يريد أن يزيد من قوة حضور النساء الإيرانيات في الجامعات والأكاديميات العلمية وهو يعلم أن 56 في المئة هي نسبة تفوّق الإناث على الذكور في إيران، أي بمعدل 2 إلى 1 (راجع اختبارات الفورن بوليسي لشهر أغسطس/ آب 2008).

ماذا يريد خاتمي من التنمية السياسية؟! هل يريد أن تُحدِث بلاده تحولا حضريا وتقدما في نسبة التعليم والحريات المدنية وهو يعلم أن مؤسسة سوشيال تكنولوجيز قد صنّفت إيران ضمن الدول التي وصلت إلى التقسيم اللوني الأخضر متساوية بذلك مع فنلندا وإسبانيا والهند وروسيا!

ماذا يريد خاتمي من التنمية السياسية؟! هل يريد استيعاب الجيل الثالث للثورة عبر التخفّف من الأعباء الدينية ومن الحجاب ومن ملابس الألوان القاتمة وهو يعرف أن هذا الجيل الذي قام هو بتحريضه في التسعينيات هو مُتخفف من ذلك إلى درجة الخلط بين الشعار والشعور!.

أحمدي نجاد عندما ترشّح لرئاسة الجمهورية لم يضع شروطا على أحد في الحكم تُحدد إقدامه أو إحجامه من الترشيح. وعندما وصل تغيّرت إيران. في السياسة الداخلية والخارجية وفي الاقتصاد والملف النووي. في كل شيء، من دون أن أسرف في تقييمها الآن.

مع العلم أن ذلك حصل في ظل مناكفة إصلاحية واضحة للرئيس، ومعارضة قاسية وأخرى ناعمة من حلفائه من المحافظين الذين تمالؤوا عليه بسبب تمرده على اليمين التقليدي والاحتراب الذي سبق انتخابات رئاسة الجمهورية التاسعة.

أما خاتمي فهو اليوم يضع قائمة من الشروط قبل أن يَلِجَ الانتخابات. وهو تكتيك دَرَجَ عليه الرجل مذ كان في السلطة كحماية لمصداقيته عند الاحتكاك بالظروف والاقتصادية والسياسية والتحالفات القائمة، وعدم تحقيقه للوعود الانتخابية.

مع العلم أنه كان مبسوط اليد في المجلس النيابي وفي مجمع تشخيص مصلحة النظام وفي المجالس الأهلية والبلدية التي كان الإصلاحيون قد سيطروا عليها في انتخابات 1999 وانتخابات 2001.

السيد خاتمي هو شخصية مُقدّرة ومحترمة في ميادين مختلفة. لكن ذلك لا يمنع من أن يبقى السيد خاتمي ضمن تلك الحدود. وهو يعلم قدرته في خط الثقافة والمسئولية الاجتماعية المدنية قد تكون أجدى له وأنفع.

كما أن وصوله للحكم سيواجه بمعادلة صعبة ومعقدة للغاية. فكما احتار الرئيس أحمدي نجاد في تفكيك الأجواء الخاتمية داخل المجتمع الإيراني، وخصوصا بين الشباب، فإنه سيواجه المشكلة ذاتها في تفكيك الثقافة النجادية التي قرّبت أنوية الجماعات المهمّشة داخل الأحزاب، ومازجت بين سلطة طهران كمحافظة وبين باقي السلطات في المحافظات الأخرى.

بالمحصلة فإن إيران 2009 لن تكون كإيران 1997. وبالتالي فإن الصعوبات التي قد تواجه السيد خاتمي (إذا كان قطاره مشروطا) في الحكم ستجعل من حكومته في وضع صدام في أجنحة أخرى طالما اختلف معها طيلة ثمانية أعوام من حكمه.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2229 - الأحد 12 أكتوبر 2008م الموافق 11 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً