قال الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي إن الجمعية طلبت السماح لوفد منها بزيارة الموقوفين على ذمة قضية حوادث قرية كرزكان، من أجل الاطلاع عن كثب على أوضاعهم.
وذكر في تصريح لـ «الوسط»: «إثر ما تشهده الساحة من حديث لأهالي الموقوفين يفيد بتعرضهم للتعذيب ونفي وزارة الداخلية ذلك، فإن الجمعية طلبت السماح لها بالقيام بهذه الزيارة، وخصوصا أنها جهة محايدة وستقدم تقريرا محايدا بعيدا عن أية ضغوط».
الوسط - أماني المسقطي
شهدت قرية كرزكان خلال شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان الماضي حادثين منفصلين كانا ومازالا مثار حديث الساحة البحرينية، الأول حرق مزرعة الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، وصاحبت ذلك حملة اعتقالات واسعة. وما هي إلا فترة وجيزة، حتى تفجرت قضية حرق سيارة تابعة للأجهزة الأمنية، صدر بعدها بيان من «الداخلية» أشار الى مقتل شهيد الواجب الشرطي ماجد أصغر علي، وترافق ذلك مع حملة اعتقالات واسعة بين شباب القرية، تم توجيه تهمة القتل العمد لهم. وشهدت هذه القضية خلال الأيام الماضية جدلا واسعا على إثر المستندات التي عرضتها هيئة الدفاع عن المتهمين.
«الوسط» استضافت عددا من أهالي كرزكان، بغرض التعرف على وجهة نظرهم، وفيما يأتي نص اللقاء مع سيد حسين إبراهيم (شقيق أحد المعتقلين)، وجعفر جواد أحمد (شقيق أحد المعتقلين)، وعبدالهادي الفردان (شقيق أحد المعتقلين وقريب معتقلين آخرين)، وسيدحميد سيدعدنان (والد أربعة معتقلين).
* هناك روايات كثيرة بشأن قضية حرق الجيب وقتل الشرطي، ولكن ماذا يقول أهالي كرزكان بشأن هذه الحادثة؟
- سيد حسين: لا نعرف عن الحادثة إلا ما نشر في الصحف، وفي ليلة الحادث كان الهدوء مسيطرا على القرية لم يعكرها سوى حرق الجيب، وفي الليلة نفسها تمت مداهمة عدد من المنازل واعتقال عدد من أبناء القرية، وفي اليوم التالي قرأنا في الصحف عن وفاة الشرطي. سمعنا أكثر من رواية من وزارة الداخلية بشأن وفاة الشرطي.
*هل كانت هناك حوادث في المنطقة سبقت حادث حرق الجيب؟
- سيد حسين: لا، سوى حادث حرق المزرعة الذي حدث قبل شهر، وهي الحادثة التي لم نعلم عنها أيضا إلا من خلال الصحف. وحتى بعد اعتقال أبنائنا، كنا ملتزمين بالقوانين ولم ننظم مسيرات أو اعتصامات للمطالبة بالإفراج عن أبنائنا إلا بعد إخطار وزارة الداخلية، وعلى رغم ذلك تتم مضايقتنا في الاعتصامات والمسيرات. ففي آخر مرة طلبنا الاعتصام أمام دوار بوري، ردت علينا الداخلية لتبلغنا أن أهالي كرزكان غير مسموح لهم بتنظيم الاعتصامات وأن أهالي بوري أبدوا انزعاجهم من تنظيم الاعتصامات في منطقتهم، ورغبة منا في عدم تأزيم الأمر قررنا أن نحوّل المسيرة إلى منطقة كرزكان.
*سيد حميد عدنان، لديك أربعة أبناء معتقلون على ذمة حوادث كرزكان، فإلى ماذا تستند في براءة أبنائك من هذه القضية؟
-سيد حميد: في يوم الحادث كنت جالسا في مزرعتنا بمنطقة كرزكان، وحين حاولت الخروج إلى مدينة حمد حيث أسكن، وفور وصولي إلى دوار كرزكان منعني رجال الأمن من الخروج من المنطقة، وحين حاولت الخروج من جهة منطقة دمستان رفضوا السماح لي بذلك أيضا.
هل كان أبناؤك معك؟
- سيد حميد: كان بعضهم موجودا في المزرعة حيث كنت، وبعد أن تمكنت من الوصول إلى بيتي في مدينة حمد، كان أحد أبنائي نائما بعد أن عاد من العمل.
عبدالهادي: نود أن نؤكد أننا من نرشد أبناءنا إلى المدارس، ومن المستحيل أن نرشدهم إلى أعمال العنف واستخدام المولوتوف... فنحن أبناء البحرين ولا نؤمن بقتل أحد.
*والد المعتقل محمد مكي منصور، كيف تصف حادث اعتقال ابنك الذي شهد من كانوا معه أنه كان يتمرن في نادي التضامن وقت وقوع الحادث؟
- مكي: لدي شهادات تثبت وجود ابني في النادي، وعرضنا ذلك على النيابة العامة ولكن لم يأبهوا بها، كما أنه تم استدعاء مدرب الفريق الذي ينتمي إليه ابني في منتصف الليلة نفسها من قبل التحقيقات الجنائية وعلى رغم أنه أكد وجود ابني في التمرين أثناء حادث حرق الجيب ومقتل الشرطي إلا أنهم أنكروا شهادته، وبدلا عن ذلك ادعوا أنه خرج من التمرين في الساعة 6:45 مساء وقام بالجريمة ومن ثم عاد مرة أخرى.
في الساعة التاسعة من مساء ليلة الحادث، علمت أن هناك جيبا يحترق، واتصلت بابني محمد لأطمئن عليه وأكد لي أنه وزملاءه يتناولون العشاء مع رئيس النادي منصور الفردان، وطلبت منه عدم التأخر في العودة إلى المنزل. وفي الساعة العشرة والنصف وأثناء عودتي إلى المنزل لقيت ابني في الشارع متوجها هو الآخر إلى البيت، وبعدها في الثانية والنصف فجرا سمعنا طرقا عنيفا على الباب من قبل رجال الأمن الذين اعتقلوا ابني.
*كيف كان اتصالكم بأبنائكم بعد اعتقالهم، وخصوصا بعدما تردد عن تعرضهم للتعذيب؟
-سيد حسين: بعثنا في شهر مايو/ أيار الماضي بخطاب إلى النائب العام نطالب فيه بالكشف على أبنائنا بعد أن تبين لنا أنهم كانوا في وضع صحي سيئ، ولكننا لم نحصل على رد منهم حتى الآن. وبحسب تصريحات المتهمين في المحكمة، فالواضح أنهم تعرضوا إلى اساءة معاملة مهينة وأنهم التقوا مع بعضهم للمرة الأولى في المحكمة، ما دفع هيئة الدفاع في شهر يونيو/ حزيران لطلب تشكيل لجنة طبية مستقلة للكشف على المتهمين بالنسبة لدعاوى التعذيب، وحين سأل القاضي عن الوقت الذي تحتاجه اللجنة لإجراء الفحص الطبي، تم إبلاغه بأنه سيتم الانتهاء من تقارير الفحص الطبي في نهاية شهر أغسطس/ آب، وأثناء زياراتنا للمتهمين تبين منهم أن عملية الفحص الطبي من قبل أطباء من مجمع السلمانية الطبي استكملت منذ شهر يوليو/ تموز الماضي.
ومن خلال اتصالاتنا تبين لنا أن التقرير الطبي جاهز، وفوجئنا لاحقا في إحدى جلسات المحاكمة أن القاضي رفع الجلسة منذ البداية إلى حين ورود التقرير الطبي، وفي الجلسة الأخيرة التي عقدت قبل أيام، أكد القاضي أنه لم يتسلم التقرير الطبي بعد، وحين تساءل المحامون عن سبب ذلك، أبلغهم أن التقرير تأخر.
سيد حميد: في زيارة لأحد أبنائي سألته عن مكان احتجازه فأبلغني أنه ليس لديه علم، كما كان واضحا على محياه أنه لم يكن في كامل وعيه، بل وطلب مني ألا آتي لزيارته مرة أخرى، وكان واضحا عليه أنه كان يائسا. أما ابني الآخر فلم يكن يستطيع تحريك يده جرّاء ما تعرض له أثناء التحقيق معه. وبالنسبة لابني الثالث فقد كان واقفا طوال مدة الزيارة لأنه لم يسمح له بدخول دورة المياه.
عبدالهادي: أخي وآخرون أكدوا أنهم تم تجريدهم من ملابسهم، وحتى عند دخولهم إلى دورات المياه يتم تصويرهم، كما أن بعضهم تعرضوا لإصابات جراء تعليقهم ومن ثم سقوطهم على الأرض.
*متى تم السماح لكم بأول زيارة للمعتقلين؟
- عبدالهادي: زرنا أخي بعد شهر وعشرة أيام منذ تم اعتقاله، وحين كنت أحاول لمس يده لم يكن يشعر بها، كما كنا مراقبين من قبل الكاميرات طوال فترة الزيارة.
سيد حميد: كانوا يحددون لنا مدة ثلث ساعة للقاء أبنائنا المعتقلين، وعلى رغم قصر الفترة فإنهم كانوا في كل مرة يتعمدون ضياع أكبر قدر منها.
جعفر: في إحدى زياراتنا لأخي في سجن الحوض الجاف كان يتفوه بكلمات غير مفهومة، وفي زيارة أخرى له حين ذكرناه بما قاله في الزيارة السابقة، أكد لنا أنه لا يتذكر شيئا مما تفوه به في المرة الأولى، وتبين لنا أنه كان يهذي ولم يكن في وعيه، وخصوصا بعد أن أبلغنا أنه تم إجباره على الوقوف لمدة ثلاثة أيام متتالية.
سيد حسين: منعنا من الزيارات منذ بداية شهر أغسطس/ آب الماضي، واستخرجنا عدة تصاريح من النيابة العامة التي كان من المفترض أن تحال إلى التحقيقات خلال أسبوع، وحين كنا نراجع التحقيقات يبلغونا بأنه ليس هناك تصريح بالزيارة، وحين مراجعتهم مرة أخرى يتم إبلاغنا بأن تصريحات الزيارة كانت جاهزة غير أنها انتهت مدتها.
بعدها توجهنا إلى المحكمة وأخذنا تصريحا بزيارة مفتوحة تنتهي بوقوع الزيارة، وحين راجعنا التحقيقات مرة أخرى أبلغنا الضابط أن أمر المحكمة لا ينطبق عليهم.
كما أن المعتقلين حين قاموا بالإضراب عن الطعام للمطالبة بتحسين أوضاعهم، تم تهديدهم وإدخال قوات مكافحة الشغب عليهم ورميهم بالغازات المسيلة للدموع داخل التوقيف.
أفاد مصدر مسئول بوزارة الداخلية أن الموقوفين في قضية قتل الشرطي بكرزكان هم الذين يرفضون استقبال أهاليهم. وأوضح المصدر أنه ليست للوزارة أية علاقة في منع الأهالي من لقاء أبنائهم في ظل تمسك الموقوفين برفضهم لقاء أهاليهم. كما رفض الادعاءات بانهم تعرضوا لسوء معاملة، وان وزارة الداخلية تلتزم بالقانون الذي يضمن حقوق الموقوفين وانه لايوجد اجبار على الاعترافات، كما ان الجرم المرتكب حدث وهناك الأدلة عليه ولايمكن التشكيك في أصل حدوثه.
الوسط - محرر الشئون المحلية
طلبت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التدخل للكشف عن أوضاع الموقوفين في قضية حوادث كرزكان، وذلك إثر دعاوى تعرضهم للمعاملة السيئة. وقال رئيس الجمعية عبدالله الدرازي في تصريح لـ «الوسط» أمس (الجمعة): «أرسلت الجمعية في وقت سابق رسالة إلى النائب العام لطلب زيارة الموقوفين في قضية حوادث كرزكان، وجاء الرد بشكل شفهي أن النيابة العامة ليست جهة الاختصاص على اعتبار أن القضية في المحكمة، وعلى إثر التطورات الأخيرة وما أثاره الأهالي من تعرض أبنائهم للمعاملة السيئة وغير الإنسانية تم الاتصال بالنائب العام لتجديد طلب الجمعية للسماح لها بزيارتهم، غير أن النائب العام أكد أن النيابة ليست جهة الاختصاص للسماح للجمعية، غير أن الزيارة مسموحة للأهالي». وبين الدرازي أن «القضية حساسة، ولابد أن يكون هناك طرف محايد يسمح له بزيارة الموقوفين من أجل القضاء على الشكوك، والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان هي جهة محايدة وفي حال السماح لها فإنها ستقدم تقريرا بشكل مستقل»، وعوّل الدرازي كثيرا على تصريحات وزير الداخلية التي طالب فيها بزرع الثقة، وقال الدرازي: «هذه فرصة لإثبات حسن النوايا بين مختلف الأطراف، ومن المهم أن يكون للجمعية هذا الدور من أجل تعزيز الثقة»
العدد 2227 - الجمعة 10 أكتوبر 2008م الموافق 09 شوال 1429هـ