بدعوة من غرفة تجارة وصناعة البحرين، التقت في مقر الغرفة مجموعة من رجال الأعمال البحرينيين، في اجتماع يعتبر إحدى القنوات التي يسعى من خلالها فريق العمل - شارك هو الآخر في الحضور - في مركز الدراسات والبحوث البحريني، المكلف من قبل اتحاد غرف التجارة والصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي، بإعداد دراسة عن مستقبل السوق الخليجية المشتركة، بعد تشخيص معوقاتها والأسباب الكامنة وراء تعثرها، ثم الانطلاق من خلال ذلك لرسم معالم المستقبل الذي ينتظرها.
وبما أن القضية الأهم هنا هو ما الذي قيل، وما هي الموضوعات التي أثيرت، أكثر ممن هو قائلها، فنكتفي بتلخيص ما جرى من حوار من دون أي تسلسل زمني. جرى تسليط الأضواء على القضايا الإجرائية التي تواجه رجل الأعمال البحريني عند محاولته دخول إحدى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، وتحرمه من دخول أسواق يجد فيها الكثير من الفرص للتوسع والانتشار. ويستند رجل الأعمال البحريني هذا في رحلته إلى تلك الأسواق إلى إيمانه بكونه مواطنا خليجيا يفترض أن ينعم بقرارات القمة الخليجية التي خصصت الكثير من اجتماعاتها واجتماعات اللجان المنبثقة عنها، مباشرة، أو عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لبحث معوقات قيام السوق الخليجية المشتركة من أجل اجتثاثها، لكنه يصطدم، أي رجل الأعمال البحريني، بواقع تلك الإجراءات التي لايزال الكثير منها يقف سدا منيعا أمام انسياب الأعمال البحرينية، وربما الخليجية أيضا، إلى تلك الأسواق التي يفترض أن تكون نواة لأي مشروع للسوق الخليجية المشتركة القادمة. وأسهب المشاركون في عرض تجارب حية لاتزال تنخر في جسم مساعي تسهيل معاملات انتقال البضائع والمنتجات والخدمات بحرية بين مدن دول مجلس التعاون
ومن الإجراءات اليومية المعيقة والمرهقة والمكلفة أيضا، وانطلق المجتمعون إلى القوانين والتشريعات التي تعوق حركة البضائع والخدمات، وتصل إلى الأفراد، من غير أبناء الخليج، لكنهم يعملون في شركات خليجية ويتطلب عملهم حصولهم على حرية التنقل بين المدن الخليجية، دون التعثر بقوانين متضاربة تشل تلك الحركة، وتنعكس سلبا على إمكانات الشركة البحرينية من الاستفادة من فرص يفترض أن تكون متاحة أمامها، فيما لو كانت هناك تلك السوق الخليجية.
هنا، توقف المشاركون في اللقاء أمام مسألتين ذاتي علاقة مباشرة بالقوانين والتشريعات: الأولى هي المعايير والمقاييس التي يفترض أن تكون المرجعية عند الحكم على حق أية بضاعة في دخول أية سوق، وأشار المجتمعون إلى وجود هيئة المقاييس والمعايير الخليجية، لكن صلاحيتها، لاتزال أضغف من تلك الهيئات القطرية، الأمر الذي أدى إلى تباين تلك المقايس بين دولة خليجية وأخرى، إلى درجة تصل إلى حد التضارب. أما المسألة الثانية فكانت الجهة التي يمكن العودة لها عندما تبرز بعض الخلافات، ونبه البعض إلى وجود «هيئة التحكيم الخليجية»، التي على رغم ما حققته من نجاحات ساهمت في حل بعض المشكلات، فإنها لاتزال بحاجة إلى المزيد من الصلاحيات، التي تمدها بالقوة لتنفيذ الأحكام التي تصل إليها، عند البت في أية منازعات.
حينها تطرق الحديث إلى أهمية بعض التجارب العالمية التي يمكن الاستفادة منها، وتحديدا حالة الاتحاد الأوروبي. هنا لفت البعض النظر إلى أنه بخلاف ما قد يتوهم البعض، لم تكن رحلة الاتحاد الأوروبي على امتداد الخمسين سنة من عمره خطا مستقيما يتجه نحو الأعلى، بقدر ما كانت خطا متعرجا على المستوى الافقي، وقمم صعود ومطبات هبوط على المستوى العمودي. لذلك لم يكن بوسع الاتحاد أن يحقق ما حققه، لولا تشكل مجموعات ضغط (Lobby Groups)، من بين صفوف المؤمنين بالفكرة، والأهم من ذلك من بين من كانت لهم مصلحة مباشرة وملموسة من وراء تعزيز مؤسسات الاتحاد الأوروربي وتفعيل عمل لجانه، ونضالهم من أجل إلحاق الهزيمة بالقوى التي كانت تقف ضد تلك الفكرة. والأمر لا يختلف عند الحديث عن مسيرة، ومن ثم مستقبل السوق الخليجية المشتركة، فعلى رغم أهمية القيام بالدراسة المطلوبة، وضرورة إنجازها، فإنها ستبقى أسيرة الأوراق التي دونت عليها، ما لم تلتقطها إحدى القوى ذات المصلحة الحقيقية في قيام سوق خليجية مشتركة وتدافع عنها أمام القوى التي تتضارب مصالحها وقيام تلك السوق
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2226 - الخميس 09 أكتوبر 2008م الموافق 08 شوال 1429هـ