العدد 2226 - الخميس 09 أكتوبر 2008م الموافق 08 شوال 1429هـ

خبر نقل... وخبر قتل!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قامت تلك الوزارة بإرسال خبر نقل موظفيها على آلة الفاكس، فما كان من الموظفين إلا أن يبدأوا بلملمة أغراضهم للذهاب إلى الإدارات المكتوبة في قرار الوزارة.

فهناك من كان يصفّق طربا، وهناك من كان يبكي حزنا، وهناك من كان بلا إحساس لأن الأمور جامدة في حياته، ويقول في نفسه هنا وهناك سيان، مجرّد عمل يؤدى ولا يشكل شيئا، إلا الراتب الشهري الذي يحرك جسده من الكرسي الجالس عليه طوال الشهر إلى حلول يوم المعاش.

وهناك ذلك الموظّف المتميّز المبدع، الذي ما أن تسمع صوته حتى تريد سماعه مرة أخرى، وما أن يدخل إلى مكتبه حتى تدب الحياة وتغرّد الأصوات فرحا به، فالكبير والصغير يريده ويتمنى مشورته، وعلى رغم هذا كله لم نجد فيه غرورا ولا استعلاء.

إن كلّمته في الثقافة تكلّم، وإن حدثته في الاقتصاد شرح وفهّم، وما ان تفضي له سرّك حتى أؤتمن وكتم... والغريب العجيب أن هذا الموظّف المبدع يغرّد الإنجليزية ولكأنها لغته، والإثيوبية ولكأنها لغة أمه، حتى لغة الإشارة لم تفلح أمام حركات يده، عندما يكلم أحد الإخوان من ذوي الإعاقات السمعية.

وبعد الدوام لا يكل ولا يمل، لأنّه يظن أنه صاحب رسالة يجب أن يقدّمها لأبناء شعبه، لا لشيء إلا الإخلاص وحب الوطن والإحساس بقيمة العطاء لا الجزاء.

ويُصدم هذا الموظف بقرارات بعض المسئولين مرّة ومرّة ومرّات، وتخبّط هذه الإدارة أو تلك، وعلى رغم هذا كله يترك الشوائب وراء ظهره ليعمل ويخلص، ولكن ضاقت عليه الدنيا في موقع العمل، فما كان منه إلا طلب النقل لمكان آخر، حتى يعطي كالسابق.

وما أن أتى خبر النقل حتى ضحك أخونا وقال: كنت أعرف المكان اللي بيحطوني فيه، قبل ما ينزل خبر النقل من آلة الفاكس!

أتدرون لماذا يا إخواني توقّع الموظف خبر النقل الذي طبع على آلة الفاكس مكان نقله ببساطة جدا، لأنه منذ التحدث مع بعض المسئولين المتهّربين من عنصر المواجهة والصدق، فهِم بين السطور وعرف موقع النقل ليخنَق أكثر مما هو مخنوق أصلا.

إذ إن خبر النقل هذا جلب خبرا آخر لدى الموظف، فلقد حدثته نفسه إلى مصير خبر النقل، وترجمت خواطره خبرا أخطر من ذلك... نعم، ترجمت خواطره خبر قتل بين علاقته بعمله ومسئوليه ووزارته، التي لم تعرف قيمته فهمّشته وجردته من الحافز باسم القانون، وعملت على محاولة زيادة ادماء هذا الموظّف الجريح.

ولكن هيهات أن يتوقف المبدع عن إبداعه، وهيهات أن تقوم الوزارة بتكسير مجاديفه، حيث أخذ يعد الخطط ويرسم بداية المعركة بينه وبين وزارته، وكان أول الطريق هو: باسم القانون!

ما رأيكم يا إخواني أن ننتظر ونرى في الأسبوع المقبل، ماذا يحدث لهذا الموظف بعد إعداد خططه لمحاربة الوزارة المستأسدة عليه، وعلى خلق الله؟!

أرجو أن تنتظروني باشتياق، كما ينتظر قلمي بتلهف إلى تسارع الأحداث، وكتابة الحرب التي شنّها الموظّف الجريح على من يدّعون الصدق والأمانة في أقوالهم من المسئولين.

ولينتبه مسئولو هذا الموظف من هذه الأبيات الحارقة:

لا تسألن ابن آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب

الله يغضب إن تركت سؤاله وابن آدم حين يسأل يغضب

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2226 - الخميس 09 أكتوبر 2008م الموافق 08 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً