العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ

جادي أيزنقوط

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عنوان مقالي اليوم هو اسمٌ لعسكري صهيوني لا يجيد فَتْل الكلمات. ربما تسحرك (أو تُقزّزك لفظة اسمه: إيزنقوط) لكنه يبقى أن صاحبه هو قائد اللواء الشمالي في الجيش الصهيوني الذي عُيّن قبل عامين بديل إنقاذ عن أوري آدم، أول المُتذوقين لهزيمة جيش الدفاع في حربه الخاسرة مع حزب الله.

جادي أيزنقوط المنحوت اسمه على جلود الكَشَاكيل المُضحكة، تحدّث إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بلغة أقرب إلى الغباء منها إلى العقل. مُعطّلا بذلك حكمة دين أتشيسون في رئيسه هاري ترومان عندما ذكر أنه كان يعرف «القوة المسلحة التي لديه تجربة في استعمالها، فهو يعرف طبيعتها، وأهميتها، وحدود قدراتها».

أيزنقوط قال في هذيانه الصحافي: «سندمّر القرى الشيعية في الجنوب اللبناني في حال قيام حزب الله بقصف صاروخي للشمال الإسرائيلي، وسنحوّل كل قرية منها إلى نموذج للضاحية الجنوبية من بيروت في الحرب الأخيرة، لأننا سنرد بقوة جبّارة لا يتصورها حزب الله بحيث يتم تدمير القرية عن بكرة أبيها».

كما أنه ذكر أن جيشه «صحّح كل الأخطاء التي ظهرت لديه في الحرب الأخيرة على لبنان وضاعف قوته مئة مرة وبات يعرف عن حزب الله وطرق عمله وما يجري في داخله أكثر بكثير من ذي قبل، وأن لدى الجيش الإسرائيلي جوابا على كل سيناريو يطوّره حزب الله».

بل الأكثر وهو قوله إن الجيش الصهيوني «يُجري تدريبات متواصلة في كل أسبوع. وقد بنى نموذجا جديدا للقرية اللبنانية يحتوي على كل ما تحويه القرية اللبنانية الشيعية التي يعمل فيها حزب الله، بما في ذلك الخنادق والمواقع الصاروخية المستورة».

كل من يقرأ هذه التصريحات قد يهزّ كتفيه مستغربا! فهي لغة تُستخدم عادة في عراك الدول ليس أقل من ذلك. وهو ما يعني أن أيزنقوط ومن يدفعونه لقول ذلك، لايزال رعافهم ينشط خوفا من أية معركة قد تحتدم مع حزب الله ما داموا يُصوّرون قدرته بمقاييس جيوش الدول.

مُشكِلة الفهم الصهيوني أنه يُقيّم الأمور من فَاهِ الآلة فقط. وهو ما يجعل وازنته للأمور ترقص بين الحقيقة والخيال. فالمعارك ليست جنازير وبنادق مُعمّرة وحسب. بل هي خليط من الجهد، تفرزه نضارة الروح قبل عافية البدن. وهي أيضا فنّ لصناعة الخوف لدى الخصم، وتحطيم العزائم والمبادئ لديه.

قد لا يفهم الصهيوني أن قياس المعركة لدى حزب الله لا تختلف عن منطق الأشياء ومُسمّياتها. فهو أسهل لديه أن يستند جنود العدو على فولاذ الميركافا من دون التضحية بلحم حي لكي يكسب المعركة.

فالجولة لديه لا تحتاج إلى أكثر من آحاد المقاتلين، لا تفُتهم طلبتُهم، ولا يفرّون عن قِرْن (كما يُقال) لكي يكسبوها ظافرين. وإلاّ لما احتاج الأميركان إلى مئة وأربعين ألف جندي في العراق، أو إلى خمسة وثلاثين ألف جندي في أفغانستان. بل ولاحتاج حزب الله نفسه إلى عدّة وعتاد مماثل لما هو موجود لدى خصمه لكي ينتصر.

على أية حال، فإن صناعة الحروب تختلف حتما عن صناعة الهزائم أو الانتصارات. فليس كل صاحب حرب بمنهزم أو منتصر. لكن الأكيد أن كلّ منهزم هو خاسر، وكل منتصر هو رابح. وبين الربح والخسارة يُصبح اتخاذ قرارات الحروب أكثر حذرا وأقل استهتارا (يا أيزنقوط)

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً