العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ

الأنا العربية أمام الأزمة المالية الأميركية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يواصل بركان الأزمة المالية الأميركية إطاحته بالمزيد من المصارف الأميركية العملاقة، تمده بالزخم والقوة كي ينثر رماد حممه على أسواق أخرى آسيوية كانت أم أوروبية. واليوم تزداد الصورة وضوحا وتتحدد معالمها على نحو أفضل، فكما يبدو بدأت مسببات استمرار الأزمة تتمحور في قضيتين: الأولى انعدام الثقة في المؤسسات المالية وبين المؤسسات المالية ذاتها، الأمر الذي قاد إلى تقلص، بل وربما توقف عمليات ضخ أي نسبة، بغض النظر عن ضآلتها، مما تحتاجه تلك المؤسسات، ما أدى إلى شلل عملياتها من جهة، وهروب زبائنها من جهة ثانية. وليس المقصود هنا تلك الأموال التي بدأت تضخها الحكومات في تلك المؤسسات، كما حصل في الولايات المتحدة، في حال تطبيق خطة الرئيس الأميركي جورج بوش، أو التدخل الدي شاهدناه في ألمانيا لانتشال ثاني أكبر قطاع عقاري من أزمته، أو تلك المحاولات التي تجري في كوريا أوفي اليابان. الثانية هي أن توفير السيولة النقدية، باتت هي «الحل السحري» الذي يتطلع نحوه الغارقون في الرمال المتحركة الممسكة بتلابيب تلك الأزمة.

فيما تبدو الصورة قاتمة على المستوى الدولي، تأخذنا على حين غرة تصريحات العديد من المسئولين العرب، وتغطيات أجهزة الإعلام العربية، مصحوبة بتقارير مطولة تسهب في»متانة الأوضاع الإقتصادية العربية»، محاولة بث الطمأنينة في قلوب المستثمرين العرب من قدرة «الاقتصاد العربي المعافى» على الصمود في وجه رياح تلك الأزمة.

ففي بيروت، يصر وزير المالية اللبناني محمد شطح على ثقته في «استقرار النظام المصرفي المحلي على رغم حال القلق التي تثيرها الأزمة المالية العالمية بين اللبنانيين... وبأن العملة اللبنانية والقطاع المصرفي اللبناني آمنان». أما صمام الأمان الذي يمسك به المسئول اللبناني فلا يعدو كونه أكثر من «حجم الزيادة في الودائع بالبنوك اللبنانية حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي التي تجاوزت سبعة مليارات دولار».

ومن بيروت ننطلق نحو العاصمة الأردنية (عمَّان)؛ إذ نطالع تصريحات وزير المالية الأردني حمد كساسبة التي جاهدت للتقليل من خطورة تأثير الأزمة المالية العالمية الراهنة على الاقتصاد الأردني، مؤكدة بأن «الجهاز المصرفي الأردني بعيد عما يحدث في العالم، بسبب قلّة التشابكات بينه وبين نظيره العالمي، وبالتحديد في الولايات المتحدة وأوروبا»، منطلقا في تطميناته إلى حد القول بأن «الرقابة الصارمة من جانب البنك المركزي على البنوك التجارية في الأردن ومعدل نمو الاقتصاد الذي وصل إلى نحو 6 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري ونمو احتياطي النقد الأجنبي للأردن بنسبة 13 في المئة منذ بداية العام الجاري ليصل إلى 7,5 مليارات دولار ساهمت في الحد من تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي».

ثم نصل إلى القاهرة كي نتلقى تطمينات مصادر رقابية مصرية رسمية تقول إن «المرحلة الثانية من خطة الإصلاح المصرفي التي يعتمدها البنك المركزي المصري تحمل توجها لإقامة نظام حديث للتأمين علي الودائع، (مؤكدة) بأن البنك المركزي استبق الأزمة المالية العالمية الحالية، باتخاذ عدة خطوات احترازية، حالت دون تأثر القطاع المالي وأسواق النقد سلبا».

القائمة طويلة والتصريحات الرسمية التي تحاول جاهدة طمأنة المواطن العربي، وعلى وجه التحديد المستثمر العربي، لاتكف عن الإستعانة بالأرقام، وعرض المشاريع التي تصب جميعها في خانة واحدة تقول «أوضاعنا جيدة ولاداعي للخوف من تأثيرات تلك الأزمة».

ما يقلق المستثمر العربي، ويقلقنا معه، ويدفعنا لمساءلة من أطلق تصريحات الطمأنة تلك مسألتين في غاية البساطة والأهمية في آن:

الأولى: مصير الاستثمارت العربية في الأسواق التي طالتها الأزمة، وخصوصا الغربية منها، نظرا لقناعتنا بأن الكثير من تلك الإستثمارات، وخصوصا تلك التي تسيرها الصناديق السيادية التي تسيطر على إدارتها، وتضع سياساتها جهات حكومية.

الثانية: الخوف من لجوء المؤسسات المالية الأميركية عبر علاقات حكومتها السياسية من الضغط على الحكومات العربية، وخصوصا الخليجية منها لامتصاص السيولة المتوافرة لديها من أجل تجاوز استمرار أزمة الثقة التي تطوقها من جهة، وتوفير السيولة النقدية التي تحتاجها تلك المؤسسسات المالية من جهة ثانية.

ومحصلة كل ذلك المساهمة في انتشال الإقتصاد الأميركي من أزمته من خلال حقنه بمسكنات جديدة تكون الأموال العربية هي المسئولة عن توفيرها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً