العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ

كل عام و«الكتلة الأكبر» بألف خير!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

لعل ما يحسب لأمين عام جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية» والنائب الفاضل الشيخ علي سلمان هو أنه من بين قلة قليلة من ممثلي الشعب المنتخبين ممن يقدمون اعتذارهم المستمر إلى الشعب عن التقصير في حقه نيابيّا، ويحاولون التكفير عن الذنب من دخول التجربة ولهم في ذلك كامل الحق رغما عن احتجاجات «نواب الأعراف والتقاليد»!

فمن تابع الحلقات الثلاث المنشورة في إحدى الصحف المحلية بشأن مقابلته، لنا منها دمغة كاوية وواضحة وشومها في وعيه وذاكرتها ألا وهي ذلك العنوان العريض «التجربة دون الطموح» وربما يحق له بالمثل أن يستنتج في غمرة الأخطاء التكتيكية السياسية والخطايا الاستراتيجية الجسيمة التي اقترفتها بها «الوفاق» قبل وبعد دخولها البرلمان كممثل وحيد عن قوى المعارضة الوطنية وبالمثل عن الطائفة الشيعية الكريمة (هل يستويان؟َ!) فإن كانت «التجربة دون الطموح» وهي نتيجة برهانية فذاك قطعا يعني أن العلة الأساسية والكافية هي أن «الوفاق دون الطموح» و«علي سلمان كقيادة دون الطموح» و«دون القدرة على اتخاذ القرار الحاسم والمواجهة وتحمل كامل المسئولية وتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب ضمن الكتلة» وبالتالي أرجو أن يتقبل نقد ولوم المحب الذي عول على أحبائه كثيرا!

كما أن ما يلاحظ في كلام سلمان هو غياب واضمحلال التطرق والحديث عن خطيئة «الوفاق» أو توبتها السياسية من تلك الخطيئة بشأن تشكيل «برنامج انتخابي وطني موحد» و«قائمة وطنية موحدة» تضم أبرز وأكفأ الممثلين من مختلف عناصر المعارضة الوطنية، في حين أنه أشار إلى تمنيه وجود مزيد من الدعم وتطوير التنسيق، ولكن هل من المستحيل بالنسبة إلى «الوفاق» وجود مثل ذلك البرنامج وتلك القائمة على رغم توحد غالبية الأهداف والأجندة الوطنية مع مختلف قوى المعارضة وما هو موقف «وعد» بزعامة إبراهيم شريف من ذلك وهو الذي أشار في مقابلته إلى تلك الخطيئة بقوة؟!

هل يكفي مثل هذا الدعم والتنسيق لتعزيز الثقة الوطنية وهو الذي أثبت فشله وإخفاقه النسبي؟!

وهل ينفع «الدعم والتنسيق المطور» لمعالجة «التركيبة السياسية غير السليمة» التي أشار إليها سلمان في مقابلته، أم أن ذلك يتطلب تجشم العودة إلى إحياء الخيار الجذري الاستراتيجي بشأن «القائمة الوطنية الموحدة» وكذلك البرنامج الوطني المشترك لمواجهة سياق الانشطار الطائفي البرلماني المعتمد والمتعمد؟!

وماذا عن مستقبل «مطبخ إبراهيم شريف» الذي لطالما اقترحه من قبل كبديل للعمل الوطني السياسي الوطني بين قوى المعارضة وهو الذي أخفق وربما احترق وأصبح الآن مخزنا STORE؟!

ما نود أن نسلط عليه الضوء ونستنتجه ونستقرئه من هذه المقابلة هو أن «الوفاق» طالما أنها تشبثت بالربط المحكم ما بين مرجعيتها الدينية المذهبية «العلمائية»، ومرجعيتها السياسية من دون أن تفصل بينهما نظرا إلى كونها تعوق حسيّا وعمليّا ومنطقيّا أي حراك وتنسيق وطني سواء بين نظيراتها من الطائفة ذاتها أو من «الوطنيين» و»العلمانيين»، فإنها في النهاية ستعيد اجترار الأزمة وارتكاب الخطيئة السياسية مجددا وتحميل جميع قوى المعارضة الوطنية أعباءها التراكمية مجددا التي ستقتل الأمل لدى الشارع والشعب البحريني مجددا، ولكن ما بات واضحا حتى هذه اللحظة أن «الوفاق» تريدها معارك وصدامات عقيمة ومدمرة ما بين الرموز الدينية والسياسية، وهي مؤهلة أكثر لتكون جزءا من الأزمة الحالية ومن تلك «التركيبة السياسية غير السليمة»، بدلا من أن تضحى حلا لها، وتحتوي على نواب فرجان و«دواعيس» وقرى، وبالتالي فـ «الوفاق» هي في النهاية لن تعدو أن تكون، بناء على تلك القراءات الواقعية، مشروعا لمحاصصة ومغانم طائفية في النهاية مهما تكن صدقية النوايا بالإصلاح والرقابة، وهي كتلة وجمعية وشارع وشعب ترنو وتحلم وتروم «إزعاج وتعكير مزاج الوزير عطية الله»، بدلا من أن تعيد الاعتبار إلى القضايا والملفات الوطنية الكبرى والمؤجلة!

هل تريد «الوفاق» أن تحل الأزمة؟!

عليها إذا أن تطرح أمامها أهداف «القائمة الوطنية الموحدة» و«البرنامج الوطني المشترك» وأن تسعى إلى حسم ذلك الرباط الخانق والعائق والمحرج بين مرجعيتها الدينية الطائفية «العلمائية» وبين مرجعيتها السياسية «الوطنية»، وهو ما يعني أن تختار إما بين زعامتها للطائفة أو زعامتها المندمجة للشارع الوطني ولا ثالث بينهما؟!

ولا أظن أن ما قدمه الشيخ علي سلمان من مواصفات رومانسية وشعاراتية للشخص الوطني حينما ذكر «الشخص الذي يحب البحرين ويعمل على رفعتها كما يعمل على محاربة الفساد الذي يأكل من مال الناس ويسرق الأراضي ومن يحارب هؤلاء فهو وطني، والشيخ على رأس من يحارب الفساد والسرقة في هذا البلد» هو أمر كاف واقعيّا وعمليّا وموضوعيّا لتحديد «وطنية» الشخص أو الرمز أو الجماعة، فمثل تلك المواصفات والمعايير الشكلية يزعمها ويدعيها الجميع من نواب البرلمان بمن فيهم أحد النواب المثير للجدل، ولا أحد بالتالي يختلف عليها شكلا، فهل هي بالتالي ضمانة وطنية وكافية لأن يكون الشخص رمزا وطنيّا، فنحن كغيرنا من المراقبين والمتابعين للواقع بثوابته ومتغيراته مازلنا نرى في الشيخ عيسى قاسم والشيخ علي سلمان مع احترامنا لهما زعيمين سياسيين للطائفة أكثر من كونهما زعيمين لأية «جماعة وطنية» تعدت في مساعيها العملية خطوط الفئة والطائفة، وهما على العكس من شخصيات ورموز وطنية سابقة وكثيرة!

فهل هنالك حل لذلك بدلا من المجاملات والإطراءات ومدح عناصر الذات «الوفاقية»؟!

وما نريده في النهاية يا شيخ هو التحلي بمزيد من الواقعية والموضوعية والاعتراف بالخطأ والخطيئة السياسية والاستراتيجية والمبدئية الجسيمة التي أوقعت فيها «الوفاق» نفسها ومعها قوى المعارضة الوطنية وليس ترقيعا للذات وكأنما لسان حال علي سلمان يقول لنا «كل عام والكتلة الأكبر بألف خير وخير»، فالحل الجذري هو في ما أسلفنا ذكره وفي العمل على تحقيقه بمنتهى الإخلاص والكد والجهد للمرحلة المقبلة بدلا من اقتطاع «1 في المئة» من التأمين «الوفاقي» ضد التعطل السياسي والاجتماعي لجمعية «وعد» أو غيرها، عسى أن يناله إبراهيم شريف أو غيره من المحظوظين حينها بتلك المكرمة الوفاقية، ويظل الأمر كما هو عليه «17+1» أو «20+1» وغيرها من معادلات صماء ومثبطة وقاتلة

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً