من الملاحظ أنه وعندما تمر البحرين بفترات تتخللها أحداث تشغل الرأي العام تباشر بعض الجمعيات السياسية والفعاليات عملها بإصدار بيانات صحافية، إما لإبراء الذمة وإما لسكب الزيت على النار بحسب توجه المصدر الذي كتب البيان. ولكن الجمعيات السياسية دورها أكبر من إصدار بيان، ومن المفترض أن الجمعيات المتقاربة في وجهات النظر أن تمسك بزمام المبادرة وتجلس مع بعضها البعض لتدار س الأمور قبل إصدار أي بيان للإدانة أو التأييد، وأن تتخذ خطوات عملية على الأرض.
يلاحظ أيضا أن بعض الأشخاص ربما وظّف له من يكتب بيانات يومية عن كل صغيرة أو كبيرة ويرمي باللوم على فئة معينة من المجتمع بأسلوب لا يخلو من الظلم المتعمد، حتى أن أحد المحررين قال (مازحا) إنه لم يتسلّم بيانا أمس من كاتب البيانات المذكور ليلقي اللوم بالأزمة المالية العالمية على الفئة التي يستهدفها في بياناته اليومية. إن مثل هذه البيانات إنما هي فرقعات لا طائل من ورائها، ولكنها تدخل ضمن التشويش الذي يخلق مزيدا من الضبابية في مجريات الأحداث.
إن على الجمعيات السياسية أن تضطلع بدورها وتسعى لتحقيق نتائج ملموسة لمواقفها وتحريك الجهود نحو تعزيز المكتسبات الوطنية بدلا من الوقوف على جانب الطريق كالمراقب الذي سلّم أمره لما يحدث. فالجمعيات ذات النفوذ في الشارع وفي أوساط النخبة تستطيع ومن خلال نهج واقعي التواصل فيما بينها، ومن ثم التواصل مع مختلف أنواع الناشطين في الشارع السياسي بشكل فاعل، وتستطيع أن تتواصل مع أصحاب القرار عبر قنواتها المتعددة.
إن ما ينبغي أن نسعى إليه هو أن يرفع البحريني رأسه دائما، وأن يشعر بكرامته وأن دوره مُفعّل، وأن قدراته لم تنخفض بسبب الفرقعات والتحريضات من هنا أو هناك. فالعمل السياسي المتمرس في الأداء يستطيع الاستعانة بذوي الخبرة وبمن لديه القدرة على توثيق الصلات، وأن يباشر حل المشكلات التي قد تتسبب في إرهاق الساحة إذا تركت من دون معالجة لفترات طويلة.
إنني من المؤمنين بأن الحوار بين العقلاء من مختلف الجهات هو المفتاح لحلحلة القضايا التي تتكرر، وما حدث في الفترة الأخيرة من تصعيد في اللغة وفي الاحتجاجات إنما يؤشر إلى ضعف في البيئة السياسية، وهو ضعف لا يمكن معالجته إلا من خلال تعزيز أجواء الثقة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ