حقق الناتج المحلي الإجمالي للبحرين (أي القيمة المالية للسلع والخدمات) نتائج ملفتة في العام 2007. من جملة الأمور، ارتفعت نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي عن 8 في المئة، بيد أنه لا يأخذ التطور الاقتصادي تراجع مستوى الرفاهية للمواطنين بسبب ظاهرة التضخم.
في التفاصيل، تشير الإحصاءات إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي نموا قدره 8.1 في المئة في 2007 وذلك استنادا إلى مبدأ الأسعار الثابتة (أي المعدلة لعامل التضخم). ويمثل هذا الرقم تحسنا عن العام 2006 عندما تم تسجيل نمو حقيقي بمقدار 6.7 في المئة. بالمقابل، حقق الناتج المحلي بالأسعار الجارية نموا قدره 16.4 في المئة في العام 2007 أي اقل من العام 2006 حيث بلغت نسبة النمو 17.8 في المئة 2006.
4441 مليون دينار حجم الاقتصاد
ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2006 إلى 4441 مليون دينار بالأسعار الثابتة، ما يعني تحقيق زيادة قدرها 331 مليون دينار (بالمقارنة، تم تسجيل زيادة 257 مليون دينار في نتائج العام 2006). بيد أنه، وبحسب الإحصاءات الجارية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 6936 مليون دينار في العام 2007. وعليه، يلاحظ وجود فرق جوهري بين الرقمين يبلغ 2495 مليون دينار لصالح الإحصاءات المقدرة بالأسعار الجارية، الأمر الذي يشير إلى تفاقم ظاهرة التضخم في اقتصادنا الوطني في السنوات القليلة الماضية. ويشار إلى أنه تم اعتبار العام 2001 سنة القاعدة عند احتساب الأرقام.
كما أكدت النتائج بما ليس فيه لبس أن قطاع الخدمات المالية يعد الأهم بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بحسب الأسعار الثابتة. فقد بلغت نسبة مساهمة القطاع 26.7 في المئة في العام 2007. وبلغ حجم قطاع الخدمات المالية نحو مليار و200 مليون دينار.
القطاع النفطي لايزال محركا للاقتصاد
من جهة أخرى، تدنت الأهمية النسبية لقطاع النفط الخام والغاز الطبيعي في الناتج المحلي الإجمالي بالأرقام الثابتة من 14.5 في المئة في العام 2006 إلى 13.6 في المئة في العام 2007، لكن يختلف الوضع تماما عند احتساب الأرقام استنادا إلى مبدأ الأرقام الجارية حيث ساهم القطاع النفطي بنحو 25 في المئة من المجموع في العام 2007. وعلى هذا الأساس، اعتلى قطاع النفط الخام والغاز الطبيعي الصدارة في القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بحسب الأرقام الجارية في العام الماضي (فبلغت مساهمة قطاع الخدمات المالية نحو 23 في المئة فقط من الناتج المحلي بحسب الأسعار الجارية، أي في المرتبة الثانية).
أيضا، لا مناص من إضافة أمور أخرى عند الحديث عن القطاع النفطي. فهناك موضوع عملية تكرير النفط الخام إلى منتجات نفطية (تحتسب عملية تكرير النفط إلى منتجات نفطية ضمن قطاع الصناعات التحويلية). كما تكمن أهمية القطاع النفطي في جانبين آخرين وتحديدا دخل الموازنة والتجارة الدولية. فقد شكل الدخل النفطي 80 في المئة من مجموع إيرادات الخزانة في العام 2007، ما يعني أن دخل القطاع النفطي لعب دورا محوريا في مصروفات الدولية على مختلف القطاعات والأنشطة. كما مثلت الصادرات النفطية النسبة نفسها من مجموع الصادرات في العام الماضي.
أهمية الاستهلاك
من جهة أخرى، من المناسب معرفة الأسباب الحقيقية وراء التغييرات التي حصلت في الاقتصاد البحريني. بمعنى آخر، هل جاءت التغيرات نتيجة زيادة في الاستهلاك أم في الاستثمار أم أمور أخرى؟ وبحسب النظرية الاقتصادية يعتبر حدوث تطورات في الناتج المحلي الإجمالي بسبب الاستثمار أفضل من الاستهلاك نظرا إلى الدور المتواصل للاستثمار في التأثير على عجلة الدورة الاقتصادية.
يلعب متغير الاستهلاك بدور رئيسي في النشاط الاقتصادي في البحرين. والدليل على ذلك حجم الاستهلاك (الحكومي والخاص مجتمعين)، فقد شكل 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2007 مقارنة مع أكثر من 62 في المئة في العام 2006 وذلك بحسب الأرقام الثابتة. في المحصلة، ارتفعت قيمة الاستهلاك بنحو 90 مليون دينار إلى 2654 مليون دينار.
وبشكل أكثر تحديدا، بلغت قيمة الاستهلاك الخاص 1902 مليون دينار، الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية الكبيرة لاستهلاك الأفراد في اقتصادنا الوطني. كما أن الاستهلاك الحكومي الذي بلغ 752 مليون دينار في العام الماضي يعد كبيرا. حقيقة القول: لا يعتبر الاستهلاك الحكومي أمرا إيجابيا بحد ذاته، إذ إن ذلك يمثل منافسة القطاع العام للمؤسسات والأفراد للحصول على السلع والخدمات. وهذا بدوره يترك أثره على مستويات الأسعار وشروط الخدمات نظرا إلى ما يتمتع به القطاع العام من نفوذ.
أهمية الاستثمارات
كما يلعب الاستثمار دورا مهما في النشاط الاقتصادي في البحرين، لكن بكل تأكيد بعد الاستهلاك. فقد بقيت الأهمية النسبية للاستثمارات الخاصة والحكومية مجتمعين عند حاجز 29 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب الأسعار الثابتة. وبلغ حجم الاستثمار 1292 مليون دينار موزعة ما بين 896 مليون دينار للاستهلاك الخاص و396 مليون دينار للاستهلاك العام.
ختاما، تشير التغييرات التي حصلت في العام 2007 إلى جملة أمور من بينها أن الاستهلاك لايزال يعلب دورا محوريا في الحركة الاقتصادية عندنا حيث شكل 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي نهاية المطاف، من الضرورة بمكان أن ينعكس النمو الاقتصادي على رفاهية المواطنين. والمؤكد أنه لم يتم تسجيل نمو فعلي في مستوى رفاهية المواطن في العام 2007، بل على العكس يعتقد بأن الوضع المعيشي بالنسبة إلى المواطن البحريني بات أكثر سوءا من قبل وذلك على خلفية معضلة التضخم. وتبين من خلال تجربة علاوة الغلاء الأهمية النسبية التي أولتها نسبة غير قليلة من المواطنين لمبلغ شهري قدره 50 دينارا. وبكل تأكيد لا نريد أن يوضع وصف «بلد غني مقابل شعب فقير»
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 2223 - الإثنين 06 أكتوبر 2008م الموافق 05 شوال 1429هـ