القيادات الكردية في شمال العراق لها علاقات قديمة مع المجلس الإسلامي الأعلى الحاكم، وهذه العلاقات تمتد إلى فترة وجودهم في جبهة المعارضة التي استمرت لنحو 30 عاما.
هذا التقارب بين القادة الشيعة والأكراد، أسس فيما بعد تحالفا سياسيا نتجت عنه نواة تشكيل مجلس الحكم في العام 2003، بالإضافة إلى الحكومتين السابقتين، ومن ثم الاتفاق على عقد تحالف رباعي (شيعي - كردي) ضم المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في العام 2007، هدفه كان حل القضايا الخلافية الخاصة بالشأن العراقي.
العلاقة بين الائتلاف الشيعي والحزبين الكرديين هي مقدمة لحديثنا الذي بدأناه على مدى مقالين سابقين عن طبيعة العلاقة بين الكتل السياسية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وسنتحدث اليوم عن علاقة جبهة التحالف الكردستاني مع المالكي، ولماذا لا يفكر الأكراد بسحب ثقتهم من الحكومة بعد أن وصلت العلاقة بين الطرفين إلى اتهامات متبادلة ملأت صفحات ونشرات الإعلام العراقي العربي منه والكردي، وكان آخرها اعتراف رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في شمال العراق أمس بوجود خلافات مع حكومة بغداد، ورفض في إشارة مباشرة للمالكي مصطلح «الحكومة العراقية المركزية»، وقال إنه «خطأ شائع»، مفضلا أن يسميها «حكومة اتحادية يشترك فيها الأكراد» وليست مركزية.
القادة الأكراد يعرفون وهم من أكثر الكتل النيابية في العراق تنظيما بسبب خبرتهم السياسية الممتدة منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي عندما كانوا بعيدين عن سلطة بغداد وحتى الآن، أن انسحابهم من الحكومة الحالية بزعامة المالكي يعني حث خصومهم من الذين اختلفوا معهم بشأن مستقبل مدينة كركوك وإقرار قانون النفط على التجمع خلف المالكي، وخصوصا أن هؤلاء الخصوم الذين رفضوا بشكل قاطع مطالب القادة الأكراد، هم نواب وعددهم لا يقل عن عدد نواب التحالف الحاكم، برغم أنهم يشكلون مجموعة مختلفة مذهبيا وسياسيا، وبعضهم قد لا يلتزم حتى بمقررات كتلته.
بعد ازدياد الخلافات مع الكتل الأخرى، من حق الزعماء الأكراد الشعور بالقلق على مستقبل مكاسبهم السياسية، وخصوصا أن كل مطالبهم التي نجحوا بتضمينها في الدستور صارت محل نقاش واعتراض داخل قبة البرلمان، وبدأت تتسع لتدخل الشارع العراقي في حيثياتها واصطفافاتها القومية والمذهبية.
في المقابل، ليس سهلا على أية كتلة أو حزب أو مسئول في العراق المغامرة بتحديد مستقبل كركوك الغنية بالنفط في ظل خلافات ونقاشات واسعة وتباين في آراء سكانها الأصليين من تركمان وأكراد وعرب.
كركوك، مدينة ظلت نقطة خلاف معظم الأنظمة التي حكمت العراق منذ الملكية وحتى الآن، وهي ستظل نقطة الخلاف بين الأكراد وأية حكومة قادمة، بغض النظر عن خلفيات رئيس الحكومة وتوجهاته السياسية
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2222 - الأحد 05 أكتوبر 2008م الموافق 04 شوال 1429هـ