العدد 2222 - الأحد 05 أكتوبر 2008م الموافق 04 شوال 1429هـ

الاتجار بالأشخاص في بنغلاديش وما وراءها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أصبحت زارينا (تم تغيير اسمها الحقيقي لحماية هويتها)، فتاة الستة عشر عاما التي بيعت إلى صاحب بار للرقص وأُجبِرَت على العمل في «تجارة الرقيق»، وهي ابنة عامل يومي بالأجرة من كريشنابور في جنوب شرق بنغلاديش، أصبحت آخر ضحايا الاتجار بالأشخاص. لقد وصلت هذه التجارة غير القانونية إلى أبعاد خطيرة في السنوات الأخيرة.

يشكل الاتجار بالأشخاص مشكلة عالمية. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) بأنه يتم الاتجار بنحو 1.2 مليون طفل سنويا. وتدل تقارير اليونسيف على أنه في بنغلاديش وحدها، يقع نحو 400 ألف امرأة وطفل ضحايا لتجارة الأشخاص كل شهر، معظمهم بين الثانية عشرة والسادسة عشرة من العمر، يعملون بالإكراه في صناعة الجنس التجارية.

لا تختلف قصة زارينا عن قصص عدد كبير من الفتيات من بنغلاديش اللواتي يحلمن بطريقة للخروج من الفقر الذي ولدن فيه. حصلت زارينا وأختها وزوج أختها على وعود عمل براتب شهري يبلغ 5000 تاكا بنغلاديشي (73 دولاراَ أميركيا) من أحد معارف العائلة، حثهم على اللحاق به إلى مومبي بالهند، حيث كانت تنتظرهم «الوظائف الموعودة».

يشكّل الفقر والأمية وانعدام الخبرة والمعرفة بالشارع في القرى الصغيرة بعض العوامل التي أدت إلى الاستغلال الجنسي للفتيات الصغيرات من بنغلاديش. إضافة إلى ذلك تقع العديد من القرى بمحاذاة الهند المجاورة، حيث ييّسر هذا القرب التهريب غير القانوني للأشخاص. توافر هذه الحالات الاجتماعية الاقتصادية والجغرافية السائدة أرضا خصبة يرتع فيها القائمون على الاتجار بالبشر.

تمكَّنت أخت زارينا وزوج أختها بطريقة ما من الهروب وإعلام والد زارينا. استغرق الأمر تسعة شهور مضنية من الجهود والمناورات المتواصلة قبل أن يتمكن الرجل من إعادة ابنته إلى المنزل. واجهت الفتاة المصابة بالرضوض والهلع مما تعرضت له معضلة أخرى في قريتها التي نبذتها بسبب ما حصل لها. مازالت الثقافات شبه القبلية هنا في قرى بنغلاديش مسيطرة بشكل واسع بينما يُعتَبَر التثقيف عن الاتجار بالأشخاص غير مناسب بعد.

ما الذي يمكن عمله إذا؟ أخذت المنظمات المحلية في بنغلاديش وغيرها من الدول المتأثرة تضم قواتها مع شركاء إقليميين ودوليين مهتمين بموضوع الاتجار بالبشر للتعامل مع هذه المشكلة العالمية.

على سبيل المثال، قامت إرسالية «إحسانية دكّا»، وهي منظمة بنغلاديشية غير ربحية، بالمبادرة ببرنامج جديد، وهو منع الاتجار عبر الحدود بالنساء والأطفال بين بنغلاديش وغرب البنغال بالهند، في أكتوبر/ تشرين الأول 2005. تهدف المبادرة إلى الحدّ من الاتجار بالبشر وتركز على إعادة الضحايا إلى بلادهم وإعادة تكاملهم مع مجتمعاتهم وإعادة تأهيلهم.

وقد تم توجيه الجهود، بدعم من الهيئة الأوروبية والمعونة الايرلندية، ومن خلال العمل بشكل وثيق مع منظمتين هنديتين غير حكوميتين، هما المركز الاجتماعي القانوني لبحوث المعونة والتدريب ومؤسسة إنترلنك للنساء، بهدف بناء حركة اجتماعية لمنع الاتجار بالأشخاص من خلال اجتماعات منتظمة لأفراد المجتمع المحلي، وعروض المسرحيات الجماهيرية والحلقات الدراسية وجلسات الحوار، وخاصة في المناطق الحدودية من بنغلاديش.

قام برنامج منع الاتجار عبر الحدود بمساعدة الفتيات بشكل خاص لتعلُّم مهارات عملية ذات علاقة، بما فيها أساسيات الصحة والصحة الإنجابية والتغذية والنظافة ومنع انتشار مرض نقص المناعة (الإيدز)، إضافة إلى القراءة والكتابة والتفكير الناقد ومهارات حل المشاكل. إلا أنهم يتكلمون كذلك عن الخطط التي يستخدمها القائمون على الاتجار بالأفراد لجعل الفتيات الصغيرات يغادرن قراهن تحت وعود زائفة بفرص عمل محترمة.

تشكّل عمليات بناء وتعزيز القدرات في مؤسسات الحكم المحلي أولوية لضمان نجاح البرنامج. وتعمل الإدارات المحلية، إضافة إلى الشرطة والأفراد شبه العسكريين على مكافحة الاتجار بالأشخاص بالتعاون مع المجتمع المدني. كذلك يجري تدريب نواب الجمهور وأفراد سلطات تطبيق القانون والمسئولين في الإدارة المحلية والمعلمين وقادة المجتمع.

تأثرت حتى الآن أكثر من 40000 عائلة بحملات برنامج الاتجار عبر الحدود للتوعية، وحصلت 17 ضحية تم إنقاذها على ملاجئ وإرشاد نفسي والطعام والملبس والتعليم الأساسي والتدريب في مهارات مثل التطريز لجعلهن يعتمدن على أنفسهن.

تعتبر عملية مباشرة حوار حول «أفضل الممارسات» بين الدول التي تواجه أزمان مماثلة خطوة مهمة إلى الأمام. يمكن لتنظيم ورشات عمل ودورات تدريبية يتم من خلالها للحكومات والمنظمات التي تحارب الاتجار بالأشخاص تبادل أفكار مفيدة ناجحة، أن تشكل أداة مفيدة للتعامل مع هذه القضية الحاسمة.

من الأساسي تطوير علاقات قوية بين العاملين على حل هذه الممارسة الضارة، محليا ودوليا. يشكل التعاون المتبادل والتفاهم أمرا ضروريا لتحقيق فائدة متبادلة.

* يعمل لدى إرسالية «إحسانية» بدّكا في بنغلاديش، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2222 - الأحد 05 أكتوبر 2008م الموافق 04 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً