العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ

ذهبنا لنعزّي أهلنا... ووجدنا الموت أمامنا

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

توجّهنا بالأمس إلى جسر الملك فهد، حتى نعزّي أهلنا في فقيدتنا (أم محمد)، المرأة الصابرة التي خاضت دروبا مرّة لتربّي أطفالها الصغار، وقاست الأمرّين بمواجهة تحديات الحياة الصعبة، وانتهت رحلة حياتها بمعاناة أليمة مع مرض السرطان.

وإذ نحن في الجسر نتكلّم عن الفقيدة، لاحظنا تلك السيارة البيضاء التي تمرّ من أمامنا، ووجدناها مكتّظة بالأرواح، حتى أن ثقلها جعلها تحتك بالشارع، وكنا نتوجّس الخطر في حمولتها، ونطلب من الله أن يسلّم مَن فيها مِن شر الطريق.

وما هي إلا لحظات حتى فارقتنا هذه السيارة في الأفق، وسرنا في طريقنا، متجهين إلى مدينة الرياض، نتكلّم عن أحوال الدنيا وأهوالها، ونناقش أمور حياتنا وماضينا، وما سنقوم به بعد تعزيتنا لأهلنا.

وبعد ساعة تقريبا، سمعنا دوي سيارة الإسعاف، ودعونا الله أن يرحم من سيذهب إليه الإسعاف بهذه السرعة، وطلبنا المولى أن يحفظنا من خطورة الشارع وجنون من يسوق فيه!

مررنا بهذا الشارع، الذي وجدنا فيه جثث الإخوة الذين سبقونا في سيارتهم المزدحمة، ووجدنا المسعفين يّخرجون الباقين من السيارة، والدماء متناثرة حتى تكاد تُغرق الشارع.

ما يقارب الخمسة أشخاص مع طفلين، لقوا حتفهم في تدهور سيارتهم، ودهس شاحنة كبيرة لهم، مما أدى إلى انحشار بعضهم في السيارة، وهم ميتون... ميتون... ميتون.

طبعا أنّه القدر الذي لا يعرف صغيرا أو كبيرا، ولا شيخ ولا شاب، ولا غني ولا فقير، فلقد حصدهم هادم اللذات ومفرّق الجماعات، ويتّم أطفالهم، ورمّل زوجاتهم، وعصر قلوب أمهاتهم، في لحظات قليلة، وقد انقلب القدر وأصبحت السعادة تعاسة.

إننا لا نلقي اللوم عليهم، فكما قلنا آنفا بأنّه قدر الله، ولكننا وجدنا الحوادث تُسارع في حمل جثث أبنائنا إلى مثوى القبر، ولن نقول «لو» لأننا نعلم بأنّها تجلب عمل الشيطان، ولكننا نقول لأي شاب وشابة عليكم بالتمهّل والانتباه، حتى لا تأخذوا أرواحكم وأجسادكم عنا أو أجساد الآخرين عن ذويهم.

لقد ازدادت الحوادث وغرّرت بالكثير من أبنائنا، وجعلتهم ضحايا التهوّر وعدم التركيز في القيادة، ولم نر من يتحرّك كثيرا لزيادة الوعي حول خطورة سرعة السيارات، والانشغال بالهواتف النقّالة أثناء القيادة، وعدم لبس حزام الأمان الذي يحمي من خطورة الإصابات.

لقد اجتمع الأئمة على إن من يموت في حادث سيّارة «هو» مسبّبه بالتهوّر والتعجّل وعدم الانتباه، فإنه قاتل نفسه وقاتل أخيه، وعليه فإننا لابد أن نقول لهؤلاء توقّفوا، فأنتم لستم وحدكم في الشارع، بل هناك من تنتظره أمّه وزوجته وبنيه، فلا تأخذوا الإثم بقتلهم.

ويا إدارة المرور ويا وزارة الداخلية ويا وزارة الإعلام، إنكم لم تقصّروا في واجبكم اتجاه أبناء الوطن، ولكن وجود 13 ضحيّة بسبب حوادث السيارات في مايو/ أيار المنصرم، دليل على الحاجة الملحّة بأهمّية اتخاذ وسائل السلامة أثناء قيادة السيارات.

ونتمنى من كل بحريني أن يتعقّل في قيادة سيارته إذا كان ممن يتباهون بالسرعة، ومن كل مدمنٍ على استخدام الهاتف النقّال ألا يُجيب أثناء القيادة فيشتت انتباهه ويؤدي إلى هلاكه، ومن كل من يسهى وينسى أن يبدأ في التركيز والانتباه، فأرواح الناس ليست لقمةُ سهلة، لتحصدوها بهذا التهوّر غير المسئول.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:55 م

      لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

      نعم اختي الفاضلة هذا قدر الله والأجل الذي لا مفر منه ولكني أوييد رأيك الذي يطالب كل أخ وأخت عزيزة علينا التمهل في الطريق فنحن لنا أهل ينتظرونا وكذلك مستخدمي الطريق لهم أهل ينتظروهم بفارغ الصبر لنا ولهم أولاد ينتظرون وصول من يعز عليهم فلا نستعجل فوالله كلها دقائق تفرق عمن يسرع في الشارع الفرق بينك وبينه دقائق أو قد تجده في الأشارة أمامك أو تجده لا سامح الله متعلق على أحد أعمدة الأنوار أو رصيف أو تحت أحد الشاحنات لا سامح الله أو قد يسبب بأذى الأخرين من المارة الآمنين

    • ابومحمد | 3:26 ص

      الله يصبر اهلهم

      البقاء لله
      ةالله يصبر اهلهم

اقرأ ايضاً