بمناسبة انتهاء فترة عملي، أود أن أعرب عن عميق شكري وامتناني لقيادة وشعب مملكة البحرين لما لقيته من حفاوة وحسن ضيافة ودعم طوال الثمانية والعشرين شهرا الماضية، والتي سوف لن أنساها ماحييت، وسأظل وإلى الأبد ممتنا ومقدرا لها.
تشرفت طوال مراحل حياتي المهنية بخدمة بلدي بطرق عديدة، كتاجر دولي ومسئول تنفيذي أول لشركة، ورئيس لوكالة حكومية، وعضو في البرلمان. لكن الشرف الأعظم الذي حظيت به طوال فترة حياتي كان تمثيلي لبلدي كسفير في مملكة البحرين. فمملكة البحرين هي البلد الوحيد الذي كنت تواقا إلى الخدمة فيه، وسأظل ممتنا إلى رئيس الوزراء كويزومي وإلى من خلفه للثقة الغالية التي منحوني إياها.
إن علاقاتنا الثنائية خاصة ومميزة، حيث تتقاسم البحرين واليابان المصالح والقيم المشتركة. ويمثل السلام والاستقرار والازدهار في هذه المنطقة أهمية جوهرية لشعبينا وخلال فترة عملي التي تجاوزت السنتين، شهدت علاقتنا الثنائية المزيد من التطور وازدادت أواصر الصداقة بيننا متانة وبشكل مميز. فعلى المستوى الحكومي تم تشكيل اللجنة الاقتصادية المشتركة، وبين وزارة المالية في مملكة البحرين وبنك اليابان للتعاون الدولي جرى التوقيع على مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة مالية استراتيجية. علاوة على ذلك، وفي المجال البرلماني، تشكلت مجموعات الصداقة البرلمانية في كلا البلدين. وعلى مستوى القطاع الخاص، وتشكلت رسميا وفي أوائل هذا العام جمعية الصداقة البحرينية - اليابانية التي انتظرناها طويلا.
أنا على ثقة تامة بأن العلاقات الممتازة تربط أيضا وعلى المستوى الشخصي بين قادتنا. ففي أكتوبر من العام الماضي، قام ولي عهد مملكة البحرين سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، بزيارة رسمية إلى اليابان. وفي وقت سابق، قام وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ومن ثم رئيس مجلس النواب خليفة بن أحمد الظهراني، بزيارة اليابان وتلبية لدعوة موجهة من قبل نظرائهما.
بالمثل، ومن اليابان، قام القادة السياسيون البارزون وبما فيهم رئيس الوزراء السابق ياسو فوكودا، والأمين العام السابق للحزب الديمقراطي الليبرالي تسوتومو تاكيبي، ونائب وزير المالية ونائب وزير الشئون الخارجية ونائب وزير الدفاع بزيارة هذا البلد وعلى مدى العامين الماضيين.
تعكس الزيادة في الاتصالات التي تمت وعلى المستوى الرفيع بين بلدينا أهمية الروابط والعلاقات بيننا وسمحت لنا لنكون ليس فقط أصدقاء مقربين بل أيضا شركاء يمكن الاعتماد عليهم في الساحات الدولية وكذلك في التجارة. إن تجارة اليابان والبحرين ازدادت بنسبة أكثر من 20 في المئة إلى 1.3 بليون دولار أميركي في السنة الماضية، مؤكدا مكانة اليابان كثاني أكبر شريك تجاري عالمي للمملكة. علاوة على ذلك، أكثر من 12 من أكبر وأشهر المؤسسات اليابانية حاليا اتخذت من البحرين مركزا إقليميا لها. ليس عندي أي شك بأننا سوف نعمل مع بعض وبشكل مقرب أكثر في السنوات المقبلة.
لا يسعني أغادر دون أن أذكر عن حياتي الاجتماعية في البحرين، من بين الكثير من المناسبات والنشاطات، استمتعت كثيرا وبالأخص بذهابي إلى المجالس الأسبوعية والسنوية (التي تقام خلال شهر رمضان المبارك). شهدت هناك وحيث تلتقي كل البحرين، برؤية كل الأطياف، وصانعي السياسات ورجال الأعمال والكتاب والفنانين والأطباء والمعلمين والصيادين ورجال الغوص المخضرمين. لقد تأثرت كثيرا وشعرت بالتواضع إزاء كل ما تعلمته وفهمته عن البحرين وروح شعب البحرين.
كنت أيضا محظوظا جدا لتمكني من لقاء الكثير من الشباب الذين ستعهد إليهم مملكة البحرين بتحمل مسئولية مستقبلها. وأشعر بعظيم الفخر لرؤية شباب البحرين وهم يذهبون إلى اليابان كل عام أما للمشاركة في برنامج سفينة الشباب أو لنيل الشهادات العليا في مختلف التخصصات. أعطى هؤلاء البحرينيون القدوة والمثل الأعلى في التفوق والتميز والعمل الجاد. ولن أنسى أبدا التفاعل والتجاوب الفكري الذي لقيته وسررت به من طلاب الماجستير والدكتوراه في الفصل الدراسي للجامعة الأهلية، حيث دعيت لإلقاء محاضرات حول التنمية الاقتصادية في اليابان كل يوم سبت وخلال الفترة من مارس وحتى نهاية مايو من هذا العام.
بالإضافة، لقد تأثرت كثيرا بالمشاعر الدافئة والاستقبال الحار الذي لقيته من الفتيان والفتيات الصغار في مركز عالية للتدخل المبكر، ومركز متلازمة دون للرعاية، ومعهد الأمل للتعليم الخاص، ولا أنسى أبدا ابتساماتهم المشرقة.
وبينما أتأهب للعودة إلى طوكيو، ستتربع البحرين دوما مكانا خاصا في قلبي، وسأظل أراقب وباهتمام المستقبل الذي ستسطرونه. فانا أتطلع إلى رؤية البحرين وقد حققت كل النجاحات في جميع مبادراتكم الإصلاحية ومع تحقيق المزيد من الازدهار، وذلك تمشيا مع الرؤية الاقتصادية لعام 2030، والتي تمثل وبكل جدارة الطموحات السامية لمستقبل البحرين. سأغادر هذا البلد الرائع وأنا على علم بأن علاقتنا الحالية قد أصبحت أقوى من أي وقت مضى، وأنا فخور لأنني تمكنت من المساهمة في تقوية هذه الروابط.
أخيرا، وبينما أودعكم، اسمحوا لي أن أقول لكم جميعا مرة أخرى «شكرا» لحسن ضيافتكم ودعمكم وصداقتكم التي قدمتموها دوما لي ولزوجتي خلال فترة إقامتنا هنا، ولأنكم تركتكم كذلك في نفسي تجربة من أفضل التجارب في حياتي. لقد كنت حقا محظوظا ومباركا بذلك.
إقرأ أيضا لـ ""العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ
تحياتي..
تحية للسفير تاكيشي كوندو الذي يمثل الواجهة الحضارية لبلده وانه لشرف لنا أن يكون بيننا من هم مثله من السفراء ونعتز بشهادته..