العدد 2516 - الأحد 26 يوليو 2009م الموافق 03 شعبان 1430هـ

لماذا محطة التلفزيون الصينية الناطقة بالعربية؟

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أكد أن عليها أن «تتفوق في خمسة مجالات إذا كان لها أن تنافس القنوات الدولية الأخرى التي تبث برامج باللغة العربية، وهي البرامج والمواهب والتقنية والإدارة والشركاء»، حدد نائب رئيس شبكة التلفزيون الصينية المركزية زانج شانجمينج (CCTV) أحد أهداف القناة التلفزيونية الصينية الجديدة الناطقة باللغة العربية، التي أطلقت قبل أيام، بأنه «إيصال صورة حقيقية عن البلاد (الصين) إلى شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهي ستكون بمثابة جسر حيوي لتعزيز التواصل والتفاهم ما بين الصين من جهة والعالم العربي من جهة أخرى». لذا سيحاول فريق العمل الصيني المكون من 80 شخصا من الصينيين النجاح في مخاطبة 300 مليون مشاهد عربي يقطنون 22 بلدا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة شرق آسيا.

لا يمكن اعتبار مسألتي التوقيت واللغة على أنهما جاءتا محظ الصدفة، بقدر ما يعكسان خطة استراتيجية صينية تتجه نحو المنطقة عموما، وإلى الخليج على وجه الخصوص، ففي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2007، انطلقت من العاصمة السعودية الرياض فعاليات ندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية التي نظمتها وزارة الثقافة والإعلام السعودية.

وفي العام 2007 أيضا وافقت الحكومة الصينية على إضافة 3 دول عربية من بين الست دول وهي عمان والمغرب وموناكو وسورية وناميبيا وبلغاريا كي تكون المقاصد للسياحة الخارجية للمواطنين الصينيين، علما بأن الصين هي أكبر مصدر للسياحة الخارجية في آسيا، ففي العام 2007 سافر 34 مليون سائح صيني إلى الخارج. وتحافظ الصين، من حينها على هذه المكانة بزيادة سنوية تقدر بنحو 10 في المئة. ولا ينبغي أن ننسى أن لدى الصين، وفقا لمصادر صينية رسمية، وحتى العام 2007، «ما يزيد على 1600 جندي يخدمون فى مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، منهم 335 فردا في لبنان و435 فردا في السودان». وقبلها كان تأسيس المنتدى التعاون الصيني العربي في سبتمبر/ أيلول 2004.

وإذا ما وضعنا السياسة والثقافة جانبا والتفتنا نحو الاقتصاد، فسوف نجد أن حجم التبادل التجاري بين العرب والصينيين سيصل إلى نحو 100 مليار دولار بحلول العام 2010، وتعتبر البلدان العربية ثامن أكبر شريك تجاري عالمي للصين. وتصل قيمة الاستثمارات الصينية في البلدان العربية، كما يؤكدها الأمين العام المساعد للشئون السياسية بجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، إلى نحو 2.44 مليار دولا تقابلها استثمارات عربية في الصين بما يقارب من 1.28، حسب أرقام العام 2007، علما بأن حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية قفز من خمسة مليارات دولار أميركي منذ عشر سنوات إلى أكثر من 60 مليار دولار أميركي في العام 2007 أيضا.

يقف وراء إطلاق الصين هذه المحطة العربية، بالإضافة إلى تحسين صورتها لدى المواطن العربي، أربعة عوامل رئيسية:

1. تنامي حاجة الاقتصاد الصيني من مصادر الطاقة المستوردة، فرغم أن بحوزة الصين 1.8 في المئة من الاحتياطي العالمي، لكنها أيضا ثاني أكبر دولة في العالم من حيث استهلاك النفط بعد الولايات المتحدة الأميركية، فمنذ العام 2003، تجاوزت بكين طوكيو في هذا المجال، حيث «تستهلك حاليا نحو سبعة ملايين برميل يوميا، بالمقارنة مع استهلاك الولايات المتحدة البالغ عشرين مليونا».

وتتوقع الكثير من الدراسات «أن ترتفع نسبة استيرادها للنفط، من نحو 40 في المئة من استهلاكها الحالي إلى 50 في المئة بحلول العام 2010، وستقفز نسبة ما تستهلكه الصين من نفط الشرق الأوسط إلى نحو 70 في المئة من استيرادها قبل حلول العام 2015، كما سيبلغ استهلاكها من الغاز، الذي لم تكن تستورد إيا منه حتى العام 2000، نحو 25 مليون متر مكعب بخلول العام 2010 أيضا».

2. حاجة الاقتصاد الصيني المتعافي، الذي حافظ على معدل نمو يقترب من 9 في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة، إلى أسواق جديدة تملك مقومات النمو، وبحوزتها السيولة النقدية التي بوسعها امتصاص نسبة لا بأس بها من الصادرات الصينية من جهة، أو الاستثمار في المشروعات الصينية المجزية من جهة ثانية.

ونظرة فاحصة إلى الاستثمارات المتبادلة المشار إليها سابقا تؤكد هذا الإتجاه لدى القيادة الصينية.

3. التحولات الاستراتيجية في العلاقات الدولية التي بدأت تشهدها السياسة الخارجية العربية، وفي المقدمة منها دول مجلس التعاون، التي بقدر ما بدأت بذور الخلاف تنطلق بينها وبين دول المعسكر الغربي، بما فيها الولايات المتحدة، بقدر ما بدأت بذور التقارب تنتعش بين هذه الدول والصين.

وتخشى الصين، إن هي تأخرت في مواجهة بعض الصعوبات، في حال نجحت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة باراك أوباما في تجميد حالة الكره المتنامية التي زرعتها إدارة جورج بوش السابقة.

4. الاقتراب من ساحة حليف استراتيجي التفت نحو دول آسيا وعلى وجه الخصوص الصين، وهو إيران أبان أزمتها مع الغرب بسبب ما عرف بقضية «الملف النووي الإيراني»، وتدرك الصين، أنه لم يغلق بعد، وأن هناك احتمالات فتحه من جديد في حال تعثر الحورات بين الإدارتين الجديدتين في واشنطن وطهران.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2516 - الأحد 26 يوليو 2009م الموافق 03 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً