أحد المواطنين سئم الروتين، فكتب رسالة يقول فيها:
«أخي العزيز مرزوق، لقد سئمت من روتين الحياة، من العمل إلى البيت، ومن البيت إلى العمل... هذا هو ديدني كل يوم، أخرج من الصباح الباكر ولا أعود إلى البيت إلا عند اقتراب الليل وأنا منهك القوى لا أستطيع ان أقف على قدميّ، فقد أخذ مني العمل مأخذه، فلا أجد فرصة بعد الصلاة إلا للعشاء ثم النوم والراحة لكي أعود مرة أخرى إلى «الروتين» نفسه في اليوم الآتي.
أريد أن أنطلق في الحياة، فلا أجد فرصة لذلك... أريد أن أقرأ كتابا، أريد أن أتابع الأخبار، أريد أن أقرأ صحيفة، أريد أن أفتح بريدي الإلكتروني، أريد أن أحضر ندوة هنا أو محاضرة هناك، أريد أن أجلس مع الأصدقاء، أريد أن أزور الأهل، أريد أن أمارس دوري الاجتماعي وحقي الطبيعي في الحياة، ولكنهم خطفوا مني حياتي فجعلوني أعيش لأعمل بدلا من أن أعمل لأعيش.
عمري يناهز الثلاثين ولم أبدأ الحياة بعد، لا مسكن أستقر فيه، ولا زوجة أسكن إليها، فإن لم أقبل بهذا الواقع المفروض فدوني البطالة لا ترحم...
هذا هو حالي وحال كثير من الشباب البحريني المنهك الذي سُلبت منه الكثير من مقاطع الحياة، فرجائي لك يا مرزوق ان تقبلني عضوا في جمعيتكم الموقرة، فقد لا أجد فرصة أخرى لتقديم طلب الالتحاق بجمعيتكم مرة أخرى».
مرزوق: الروتين مرض العصر منذ زمن بعيد، وهو مرض لا يخص الذين يخافون من فقدان العمل والوقوع في البطالة وإنما أيضا أولئك الذين يتعاملون روتينيا مع الناس والأموال. وعلى هذا الأساس يحاول بعض الأغنياء كسر الروتين من خلال إضاعة المال والوقت على مائدة القمار... وعلى هذا المنوال جاء المثل البحريني باللهجة الدارجة «اللّي ما عنده شغل يختن السنانير»...
على ان ذكر هذا المثل أثار حلفاءنا في جمعية القطط الدلمونية الذين اعتبروا ان مجرد قول هذا المثل إهانة لهم تضاف إلى مسلسل الإهانات التي يلاقونها يوميا على أرضهم وأرض أجدادهم دلمون. فالقطط الدلمونية احتجت عند سماع هذا المثل لأنها تعتبر نفسها أكبر شأنا من توفير فرصة لهو أو إضاعة وقت مع شخص ليس لديه عمل ممتع أو ذو نتيجة... فهم أولا «خلقة الله» وثانيا هم غير مستعدين لأن يصلوا إلى المستوى الذي وصل إليه عدد من أنصار جمعية من لا برج لهم. فعدد كبير من أنصار الجمعية هم من ضحايا الفار العائد، وذلك الفار كان يمارس عملا روتينيا لا فائدة منه، ولذلك كان ينفس عن روتينه بإيذاء من لا برج لهم... واحتجاج جمعية القطط الدلمونية يقول: «كيف تريدون مساعدتنا في اصطياد الفأر الذين كان يكسر روتينه عبر إيذائكم، وأنتم ترددون مثل هذا القول الذي يشجع من ليس لهم عمل على ان يتوجهوا إلينا لإيذائنا». وعلى هذا الأساس فإننا في جمعية من لا برج لهم، وإيمانا منا بضرورة عدم إيذاء حلفائنا في جمعية القطط الدلمونية، نقبل بك عضوا ولكن شريطة ألا تحاول كسر الروتين عبر أساليب مرفوضة... فأمامنا الكثير من الوسائل التي يمكن ان يفتحها الله لنا بعد اجتماعنا في جمعيتنا
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 101 - الأحد 15 ديسمبر 2002م الموافق 10 شوال 1423هـ