وصلت إلى مرزوق رسالة من أحد المواطنين تطلب الانضمام إلى جمعية من لا برج لهم. يقول صاحب الرسالة: «والدي من الذين هاجروا في مطلع القرن العشرين الى عبادان في إيران ولم يعد الى البحرين إلا في نهاية الستينات. ومع اننا أبناء هذا البلد ولنا الأقارب والأنساب إلا أننا عشنا غرباء في الوطن طوال الطريق... مرض والدي الذي اعشقه ولم ينته مرضه حتى فارق الحياة. تخرجت من المدرسة بنسبة 95 في المئة وحصلت على بعثة في علوم الحاسوب، على رغم انها لم تكن رغبتي، وأحببت فتاة تكبرني سنا وتزوجتها... وقفت عجلة الحياة لديّ وأنا في الجامعة التي دفعتني الظروف الصعبة فيها إلى هبوط مستواي... لقد عانيت الكثير في حياتي لكني لا احتاج إلى طبيب نفسي... فأنا أحب كل الناس وأبرر لهم خطيئاتهم وآمل منهم أن يبرروا خطيئاتي... انا اكتب هذه الرسالة لأنني لم استطع النوم، وهذه عادتي، دائما بين النوم واليقظة، ولعل انضمامي الى جمعية من لا برج لهم يحقق لي تلك الرفقة التي طالما وددت الحصول عليها لتعينني على مصاعب حياتي».
مرزوق قرأ رسالة المواطن الذي يشعر بغربة لأن والده اضطر للهجرة خارج البحرين ثم العودة اليها، ويشعر بالغربة لأنه اضطر لدراسة مادة في جامعة البحرين لم تكن من اختياره، ويشعر بالغربة لأنه أحب فتاة تكبره سنا ما أدى إلى شعور بعض المحيطين به أنه مختلف عنهم...
ولا شك ان مشكلة المواطن العزيز مشتركة مع كثير من أبناء البحرين. فكثيرون هم الذين اضطر آباؤهم إلى الهجرة خارج البحرين، الى السعودية أو الى ايران. وحتى ان هناك جزيرة ايرانية (بندر لنجة) تحتوي على جميع اشكال البحرينيين، ولو زرتها فإنك ستسمع مختلف اللهجات البحرينية، ولو سألت المتحدثين فسيقولون لك انهم من سار أو أبوصيبع أو أية قرية اخرى.
ولو ذهبت الى السعودية فسترى كثيرا من الناس هاجروا من البحرين وكان آباؤهم يعيشون في البديع أو في سترة، وهؤلاء جميعهم يشعرون انهم ابناء البحرين، والآخرون يعتبرونهم كذلك، ولكنهم لو قدر لهم الرجوع الى البحرين فإنهم سيشعرون بشيء من الغربة.
والشعور بغربة المواطن ازداد عندما دخل جامعة البحرين التي توزع التخصصات بحسب نظام يعتمد الأرقام السرية (ارقام البطاقات السكانية) وهو نظام غير قابل للشفافية مطلقا، وبالتالي فإن حظك من حظ كل المواطنين الذين يتم التعامل معهم بأسلوب متخلف.
أما حبك لفتاة تكبرك سنا، فإن هذه المشكلة أقل تعقيدا من غيرها فالحب لا يعرف حدودا، والقلب وما هوى.
ومرحبا بك عضوا في جمعية من لا برج لهم
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 35 - الخميس 10 أكتوبر 2002م الموافق 03 شعبان 1423هـ