مرزوق سمع بنشاطات عدد من النساء اللاتي صعّدن حملتهن من أجل استعادة حقوقهن من القضاء الشرعي. واستغرب من عددهن الكبير وكيف ان لكل واحدة منهن قصة مأساوية ازدادت سوءا بعد وصولها إلى المحاكم الشرعية، وعلى هذا الاساس قرر الاجتماع ببعضهن ودعوتهن إلى الانضمام إلى جمعية من لا برج لهم.
إلا ان اللقاء انتهى بدرس لمرزوق بدلا من أن يعطي النسوة درسا في العمل الجماعي. فبمجرد أن فتح مرزوق معهن فكرة الانضمام إلى جمعية من لا برج لهم، واذا به يجد نفسه امام كتل بشرية ملتهبة بالحماس الذي حصلن عليه بعد المعاناة التي مررن بها.
احداهن قالت: نحن لا نحتاج إلى جمعية من لابرج لهم ولا نحتاج إلى جمعية حقوق انسان ولا إلى جمعية نسائية... نحن نعرف ماذا نريد ونعرف كيف نحقق ما نريد، وليس لدينا وقت لإضاعته في ملء اوراق وتسجيل اسمائنا والحصول على رخصة جمعية.
امرأة اخرى قالت: والله الجمعيات النسائية ما تقصر تساندنا، ولكن هي ايضا الله يساعدها مشغولة في تأسيس اتحاد نسائي، كل مرة نسمع انه تأسس ونكتشف بعدين انه لا تأسس ولا شي. واحنا بصراحة انتظرنا سنوات واحنا مقهورين، وما نقدر ننتظر إلى ان يولد هذا الاتحاد، والله يعلم اذا كنا سنكون على أولويات الاتحاد اذا قام أم ان هناك أمورا أهم من قضايانا لديه ستمنعه من الالتفات إلينا.
امرأة اخرى قالت: والله آخر شي نسويه ان نروح إلى جمعية من جمعيات حقوق الانسان. وأنا شخصيا ذهبت اليهم وقالوا لي اكتبي قصتك فكتبتها، ثم قالوا لي تعالي في الموعد الفلاني وقولي اللي عندك، وذهبت وقلت كل شي عندي، ثم قالوا لي روحي دافعي عن نفسك، واذا صار عندنا وقت سنتصل بك وندافع عنك ايضا، لاننا مشغولون بفرز اوراق القضايا التي انهالت علينا من كل مكان، واحنا مازلنا (والحديث مازال لعضو الجمعية الحقوقية) مشغولين بخلافاتنا، ولا ندري من سينتصر منا على الآخر. وقد وعدوني بان الذي سينتصر ويتسلم اوراق الجمعية سيتصل بي ويساعدني، ولكن ما حد اتصل، وأنا ما اعرف من الذي انتصر، وبصراحة ما عندي وقت لهم، وهم ما عندهم وقت لي، ولذلك أنا لن اذهب إلى جمعية أو غير جمعية، انا عندي روحي، وعند جماعتي النسوان المظلومات واحنا نقدر نحقق ما نريد من دون الحاجة إلى اذلال نفسنا هنا أو هناك!!.
مرزوق اهتزّ وهو يسمع لاول مرة فلسفة تقول: ان العمل الأهلي المنظم قد يكون عائقا امام تحقيق مصالح الناس، وعلم ايضا ان هذه الحال المشلولة تتمثل في كثير من الجمعيات الاهلية التي حصلت على ترخيص... وهكذا عاد إلى منزله وهو يفكر في ألف باء العمل الجماعي وكيف ضل بعضنا فيه الطريق
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ