مرزوق بدأ يفكر في طرح برنامجه السياسي على الناس. فسواء حصل على ترخيص لجمعيته أم لم يحصل فهو غير مسموح له «الاشتغال» (على وزن افتعال) في السياسة، وسواء كانت لديه جمعية أم لم تكن له فمسموح له «الانشغال» (على وزن انفعال).

بدأ يصغي للآخرين للتعرف على برامجهم لكي لا يتهم بأنه يقلدهم. قرأ اسماء الذين اعلنوا انهم سيرشحون انفسهم وقرأ ما كتبوا... استمع إلى خطابات الذين يسعون للفوز «بالتعيين» في مجلس الشورى وأسلوب المدح والثناء وطريقة اللبس وأساليب الظهور في المناسبات... حضر الاجتماعات الحماسية وغير الحماسية الداعية إلى مقاطعة الانتخابات... دخل على مواقع الانترنت الممنوعة رسميا (والتي يدخلها كل الناس على رغم انف مانعيها) وقرأ المهاترات والحوارات الجيدة وغير الجيدة والشتائم والشائعات والقيل والقال... تصفح الصحف اليومية وحاول قراءة جميع الاعمدة من دون ان يتثاءب مللا منها... جلس في البراحة وشرب القهوة مع الجيران واستمع إلى نكاتهم واقوالهم... ذهب إلى المسجد واستمع إلى الخطب الدينية... فتح الراديو والتلفزيون عله يحصل على معلومات معينة... ركب سيارته وذهب إلى قرى ومدن البحرين وتوقف هنا وهناك وتحدث إلى من استطاع ان يتحدث إليهم... ذهب إلى الجمعيات وجلس مع الناس للحديث إليهم... غير انه ومع كل ذلك لم يجد «ولا برنامج واحد» سواء كان لشخص أو جمعية مؤيدة أو مقاطعة، ولم يجد اي معلومة رسمية أو غير رسمية تفيده من قريب أو بعيد... فالجميع، سواء منهم الداعي إلى الدخول أو الداعي إلى المقاطعة، الرسمي أو غير الرسمي، ليس لديهم اي برنامج أو خطة أو فهم متكامل يطرحونه على الناس...

تنفس الصعداء وشعر انه لم يخسر شيئا وليس متأخرا عن احد، بل لعله أفضلهم جميعا لأنه بدأ يفكر في خطة ومفهوم وبرنامج يطرحه على الناس.

أما الآخرون فمشغولون في كل شيء... إلا فيما يخص «الاشتغال» أو «الانشغال» بالسياسة!

أمسك قلمه وبدأ يكتب افكارا متناثرة هنا وهناك... فما عسى ان تكون أولويته... وما عسى ان تكون أولوية الناس... وهل هناك من سيقرأ برنامجه على اي حال... أم ان الناس (المقاطعة وغير المقاطعة) ستصوت على اي حال (أو لا تصوت) حسب اعتبارات ليس لها علاقة بـ«الاشتغال» أو «الانشغال» بالسياسة. فالمناطق محددة على أسس غير واضحة بالنسبة إلى مرزوق (لأنه لم يشارك في تحديدها وهو ايضا يعتقد انه لن يسمح له بتحديدها في المستقبل سواء فاز أو فشل في اي انتخابات) والناخبون حددوا لمن سيصوتوا من دون الحاجة إلى قراءة اي برنامج سياسي... وهنا احتار مرزوق: هل هو بحاجة إلى أن «يشتغل» أو «ينشغل» بالسياسة اذا لم تكن هناك حاجة إلى السياسة من الاساس!