مرزوق «منشغل» بالسياسة وهو يحاول ان «لا يشتغل» بها... وقضى وقتا طويلا يفكر فقط في «الانشغال»، ولكنه لا يستطيع التفريق بين «انشغال» و«اشتغال». انشغال على وزن «انفعال» واشتغال على وزن «افتعال»... وهو ضائع بين الانفعال والافتعال. فهو ينفعل (يعني ينشغل) كلما قرأ المزيد من التصريحات الرسمية التي لا يستطيع تفكيك رموزها لكي يعرف ما له وما عليه، ثم يحاول ان يفتعل (يعني يشتغل) بأنشطة وبرامج سياسية. غير ان الافتعال (يعني الاشتغال) غير حقيقي لأنه لا يرتبط بالواقع وغير مفهوم ولا أحد يصدقه. فلذلك هو ينفعل (يعني ينشغل) ويبدأ بالصراخ والجدال من دون طائلة.
وبدا له ان العمل السياسي (الاشتغال) هو «افتعال» الامور غير الواقعية وان العمل المسموح به فقط هو الانشغال (الانفعال). فالمحروم من العمل والمحروم من النشاط والمحروم من الخير الذي وفره الله للبشر ( بسبب تدخل بني البشر الآخرين) ينفعل (يعني ينشغل)... وإذا انفعل خرجت منه أفعال وأقوال غير مدروسة لا تؤدي إلى أي نتيجة حسنة، سوى أنها مضيعة للوقت، أو أنها تثير الشكوك والظنون ومن ثم تثير القلاقل أيضا.
وبينما هو حائر، بين الانفعال (الانشغال) والافتعال (الاشتغال) قطع تفكيره حديث جانبي بين اثنين قريبين منه. الأول يسأل الثاني: ما رأيك في قرار عدد من الجمعيات السياسية مقاطعة الانتخابات؟... الثاني يرد: والله أنا مع الدخول ومع عدم الدخول في الوقت نفسه!
مرزوق استشاط غيضا وتوجه إليهما بالحديث: ألا تعلمان أنه لا يحق لأحد أن «يشتغل» بالسياسة، فكيف تؤيد أو لا تؤيد... أنت غير مسموح لك ان تشتغل بالسياسة، والجمعيات غير مسموح لها أن تشتغل بالسياسة فما هذا إلا مضيعة للوقت... أليس من الأفضل لنا جيمعا أن نخرس وندع الأمور تسير كما كانت من دون وجع رأس...؟
استغرب الاثنان من هذا «الانفعال» فسألا مرزوق: لماذا أنت اذن تريد تأسيس «جمعية من لا برج لهم»؟... مرزوق استرجع أنفاسه وقال: اؤسسها بحسب القانون وأنا مسموح لي فقط الانشغال (الانفعال) ولذلك فأنا كنت ملتزما بحكم القانون عندما انفعلت في حديثي معكما!
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 4 - الإثنين 09 سبتمبر 2002م الموافق 02 رجب 1423هـ