في الاجتماع التأسيسي الذي دعا له مرزوق حضرت زوجته وصديقتها. فلقد سعى مرزوق لادخال العنصر النسائي، سواء كان يؤمن به أو لا يؤمن، لتفادي أي اتهام له بأنه ضد اشتراك المرأة في الشأن العام. غير انه لم يعثر على امرأة مستعدة للإيمان بما يقول سوى زوجته التي نشأت فكرة التأسيس (أول ما نشأت في فكره) من أجل الخلاص منها. وزوجته لم توافق على المجيء إلا إذا حضرت صديقتها التي تشاطرها أحاديثها في كل شيء.
كانت زوجة مرزوق مشغولة أكثر الوقت بالدخول إلى المنزل لجلب الماء والشاي والرطب... إلا انها كانت تفهم ما يدور من حديث ولا توافق على أي كلمة مما كان يقوله مرزوق ويطرحه كمبرر لتأسيس جمعية من لا برج لهم. فالسبب الوحيد الذي كانت تؤيده لتأسيس الجمعية هي «الموضة» وان كل مجموعة، صغيرة أو كبيرة، أسست لها جمعية وأصبح لديها رئيس ونائب رئيس وسكرتير... الخ.
أما صاحبة زوجة مرزوق فلم تكن تعلم لماذا حضرت بالأساس، سوى ان حضورها كان استجابة لطلب ملحّ من صديقتها. وكانت دائما تحاول فتح موضوع مع زوجة مرزوق حول أحد الموضوعات المعتادة، إلا ان مرزوق كان يقاطعهما دائما: «بسكم مساسر»، وفي محاولة منه لثنيها عن «المساسر» توجه إليها بالسؤال: «وأنت ما هو رأيك في تأسيس جمعية من لا برج لهم؟». وهنا أجابت «أما أنا فأقول ليس لدي حظ في الفيلان فالمرأة التي أذهب لها حتى تأخذ الفال في كتابها ما تقول أي شيء عدل عندما يأتي دوري، ولكن كلامها عدل إذا قالت شيئا إلى الآخرين؟!».
وهنا استغرب مرزوق فقال: «وماذا تريديننا ان نعمل لك؟».
فأجابت: «والله انت تدافع عن الناس الذين ليس لديهم برج، وأنا فالي كله مهو زين. فلذلك اطالب بتعديل اسم الجمعية إلى «جمعية من لا برج ولا فال لهم». إلا ان مرزوق استشاط غضبا وقال «ان هذا حرف للموضوع الأساسي الذي اجتمعنا من أجله، ولا يمكن ان يتم تغيير الاسم بهذه البساطة». غير ان أحد الأفراد أشار إلى انه لم يتم الاتفاق بعد على الاسم، وان كل شيء قابل للتغيير والتعديل. ولعل هذه الكلمات كانت كالصاعقة على مرزوق، إذ انتبه إلى ان الديمقراطية قد لا تكون في صالحه، وان اخضاع الأمور للتصويت قد يؤدي إلى نتائج معكوسة غير التي خطط لها. وفجأة بدأ يقلب الأمور ويضرب أخماسا في أسداس، وبدا كأن تعبه واعداده سيذهب سدى. وفيما هو شارد في أفكاره جاء من ينقذه، إذ هتف أحد الحاضرين «جوّعتنا يا مرزوق... متى بناكل؟»... وما ان سمع هذا الصوت حتى سارع إلى الصراخ على زوجته بصوت مرتفع ومبتهج «يالله... يالله.. حطي الأكل... جعنا... جعنا».
وبينما كان الأكل يوضع دارت أحاديث أخرى بعيدة كل البعد عن الحديث الذي كدر مزاج مرزوق، وشعر في آخر الاجتماع ان أفكاره حصلت على موافقة الغالبية المطلقة (يعني ستة أشخاص) من الحضور، وان برنامجه سيرى النور بعد ان يرتب أوضاعه
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ