ولد في بيروت عام 1965، وفي صباه اجتاحت «إسرائيل» الجنوب في 1972، وشهد بعينيه تهجير مئتي ألف من أهله ومواطنيه، تاركين وراءهم بيوتهم وملابسهم وأحلامهم... وليرى ما يفعله العدو بقومه من تشريد وقتل، فالتحق مع المجموعات الشبابية بعمليات الإغاثة، يوزّعون السكر والطعام على المدارس التي تؤوي النازحين.
بعد عشر سنوات، عادت «إسرائيل» مرة أخرى للاجتياح، ليصل جنودها هذه المرة بيروت، فشارك الشاب في المقاومة، قبل أن يخرج إلى الوجود «حزب الله». وبقي في المقاومة حتى اندحار المحتل في 2000.
في يوليو/تموز 2006، عاد الإسرائيلي هذه المرة للانتقام من الهزيمة، وإعادة الهيبة للجيش الذي لا يقهر، وكانت أكبر موجة نزوح للمدنيين باتجاه الشمال. ويعلّق نوّاف: «ليتذكر الناس كيف كان المشهد صباح 14 أغسطس/آذار، حين عاد كل المهجّرين. لقد حصلت حروبٌ في لبنان خلّفت وراءها أزمة مهجرين إلا الحرب الأعنف (2006)، لم تترك مهجّرا واحدا، فهذه هي ثقافة المقاومة التي تصنع التشبث بالأرض».
ابن بيروت، كان متأثرا بوالده المتدين المكافح، الذي نزح من الجنوب بسبب إهمال الدولة. ويتذكّر أمه الحنون، التي تحمل في جيناتها ثقافة المقاومة، وتعتبر من تمام إكرام الله للأمهات التحاق أبنائهن بقافلة الشهداء. وهو البكر من بين تسعة أخوة وأخوات، بينهم عالم الدين وحملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا، وكلهم من أنصار المقاومة.
حتى زوجته مقاوِمةٌ مثله، حين سألته إحدى الصحافيات عنها قال: «هي من نفس عائلتي (الموسوي)، من البقاع وأنا من الجنوب». وحين أرادت أن تحرجه أكثر سألته: «وهل أحببتها»؟ أجاب مسئول العلاقات الدولية بشيء من الدبلوماسية والحياء: «لقد تعرّفنا على بعضٍ ومشى الحال، وبعد أشهرٍ تزوّجنا في 1988. كانت هي في صفوف حزب الله، واليوم هي منصرفة للشئون العائلية، فلدينا صبايا يجب الاهتمام بهن». ويعترف أكثر: «لقد اعتادت على نمط حياتي، والأكيد أنها تقلق عليّ دائما، أثناء حرب تموز التقيتهم مرة واحدة». ولما خاطبته الصحافية بأنه أبو البنات، قال: «لا يعنيني أن يكون لديّ ولد، فأنا اعتز ببناتي الأربع كثيرا».
اثنتان منهم تدرسان بالجامعة، والأخريان بالمدرسة، أما هو فدرس الهندسة وحقق درجات عالية بامتياز، ولكن القمع الذي مارسته أجهزة السلطة أيام حكم أمين الجميل، منعه من تقديم الامتحانات، فانقطع عن الجامعة، وعاد بعد سنتين ليكمل دراسته ولكن في تخصص آخر... الفلسفة والعرفان! فهو يؤمن أن الحكمة نوعان: عمليةٌ وهي السياسة، ونظريةٌ هي الفلسفة.
كان يعتمد منذ صغره على تأمين مصروفاته الدراسية، وعمل مبكرا في تدريس الكثير من المواد، من العربية والآداب، إلى الفيزياء والرياضيات. يحب القراءة كثيرا، ويخلو بنفسه كل يوم نصف ساعة، ليحاسبها ويكثر من الاستغفار، فهذا «ما يفرّقنا عن نهج السياسيين الآخرين» كما قال.
ويعترف نوّاف: «أنا عاطفيٌ كثيرا كثيرا، عكس ما قد يظنه البعض، لا أتحمّل بكاء طفل أو رؤية المشاهد المؤلمة، أو مشاهد العنف ضد الأطفال والنساء، ومشاهدة ما حصل في غزة كان يجعلني لا أستسيغ الطعام». ويوجّه نصيحة للأشقاء العرب جميعا: «لا تصدّقوا أن هناك صراعا بين قطاعات هذه الأمة، فالصراع الحقيقي هو مع العدو الصهيوني، فلا تجعلوا أحدا يشتت انتباهكم عن القضية الكبرى».
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2513 - الخميس 23 يوليو 2009م الموافق 30 رجب 1430هـ
المقاومة والمساومة
استطاع حزب الله في غضون العشرين سنة الماضية منذ الثمانينات حتى اليوم أن يكبدوا إسرائيل هزمتين عسكرية وسياسية فعسكريا تم إجبارهم على الإنسحاب من الأراضي اللبنانية وسياسيا تم إجبارهم على إطلاق سراح المعتقلين وكان آخرهم سمير القنطار وهذين الانتصارين لم يستطيع العرب أن يحققوه من الستينات والسبعينات من القرن الماضي فظل العرب على المساومة في ذل وظل حزب الله على المقاومة في عز.
نواف الموسوي أحد صانعي سياسات حزب الله
كم أتوق للاستماع لحديثه عبر التلفاز ولتحليلاته المهمة هذا الرجل لو أردنا أن نتحدث عنه وعن ذكائه وصلابة ايمانه وتمسكه بقضايا أمته لاحتجنا لصفحات وصفحات يكفيني أنه أحد صانعي سياسات حزب الله.