كثيرون كتبوا عن البيروقراطية وأمراضها، وكشفوا عن سلبياتها، ودورها في تعطيل المشاريع وعرقلة الأعمال وقتل روح المبادرات، فكيف إذا ضربت قراراتها مؤسسات العمل الخيري القائم على أكتاف المتطوعين وضررت عشرات الآلاف من الفقراء وحوّلتهم إلى متسولين في الشوارع؟
في كل دول العالم يتم احتضان ودعم مؤسسات العمل الخيري، التي ترفد المؤسسات الحكومية بأعمالها وأنشطتها، حتى أصبح ذلك معيارا لتقييم الشركات والمؤسسات التجارية من حيث الالتزام بدورٍ تجاه المجتمع. أما عندنا فتلعب بعض القرارات البيروقراطية دورا تخريبيا ومعرقلا للمنظمات الأهلية التطوعية. ولكي لا نتكلم في النظريات علينا باسترجاع التاريخ القريب... جدا.
اعتمدت الصناديق الخيرية في انطلاقتها الأولى على فكرة جمع التبرعات من الجمهور، سواء بالجباية المباشرة أو الاشتراك الشهري ونشر الحصالات. استمرت تلك الوسائل سنوات، حتى ظهر اقتراحٌ عصريٌ وجميلٌ بالتحويل الشهري عن طريق البنك، بعدما واجهت الطرق التقليدية مشاكل على الأرض. المصارف المحلية رحّبت بالفكرة، حتى تحوّل أكثر المساهمين إليها، فاقتطاع مبلغ صغير من حسابك شهريا للصندوق أمرٌ سهلٌ ومغرٍ لمحبّي الخير الكثيرين، فأصبح يمثل أكبر إيراد للصناديق، وتقلّصت طريقة الجباية المباشرة.
قبل خمس سنوات أصدر مسئول بيروقراطي بأحد البنوك الوطنية قرارا بفرض «رسوم» (جباية) على تحويل أي مبلغ للصناديق، مقدارها دينارٌ واحدٌ مقابل أي مبلغ تحوّله شهريا، إلا إذا تم التحويل مرة في العام. ولأن أكثر المتبرعين من الطبقة «المستورة»، اضطر أغلبهم للتوقف عن التحويل الشهري، فتم تجفيف أحد أكبر مصادر التمويل.
ولمعرفة أضرار هذا القرار المتعسف، نذكّر بأن الكثيرين من أصحاب القدرة المالية المتوسطة كانوا يحوّلون مبلغ 10 دنانير شهريا بطيبة خاطر، دون أن يؤثر ذلك على موازنتهم الشهرية. بعد القرار البيروقراطي، تعذّر دفع مبلغ 120 دينارا دفعة واحدة، فاضطر أغلبهم لإلغاء التحويل البنكي، أو تقليل المبلغ إلى الربع أو النصف، فهكذا تضرّرت إيرادات الصناديق دون استثناء.
إذا استخدمنا الرقم السابق، فإن مجموع ما تتبرع به خلال عام واحد، يكفي لشراء مكيّف هواء لأسرة فقيرةٍ في عزّ حاجتها أيام الصيف، ولولا الصناديق لاضطرت إلى الاستجداء بنشر معاناتها في الصحف أو طرْقِ الأبواب... وهذا ما يفسّر دفاعنا المستمر عن تجربة الصناديق ودعوتنا إلى دعمها وتفهّم عملها، بدل عرقلتها بحججٍ مصطنعةٍ ومبرراتٍ سخيفة، لا تصمد أمام المحاسبة والنقد.
القرار الخاطئ الذي أصرّت عليه البيروقراطية البنكية المتوحّشة رغم انتقادات الصحافة والصناديق الخيرية، دفع الصناديق إلى البحث عن بديل، يعوّض النقص الذي لحق بإيراداتها، وهكذا اضطرت للعودة إلى وسيلة تقليدية، وهو نشر الحصالات. وهو ما شكّل «ظاهرة» كما قالت مديرة المنظمات الأهلية بوزارة التنمية الاجتماعية، ولكنها أخطأت في قراءتها، وتورّطت بإصدار قرار سلبي بمنعها وباسم القانون، وهو قرارٌ لن يكون أقل تدميرا وإضرارا عن القرار السابق لذلك البيرقراطي العتيد.
الصناديق الخيرية تسعى الآن للقاء وزيرة التنمية الاجتماعية، وقد رفعت رسالة مهذبة كلها تعاونٌ ومحبة، تطالب فيها بتجميد قرار منع الحصالات وجمع التبرعات، حتى يتم تنفيذ قرار تحوّل الصناديق إلى جمعيات، واعتماد مبدأ التشاور والحوار، وكلهم أملٌ بانتهاء الإشكالات وإزالة العراقيل والعقبات من طريق المؤسسات الخيرية التي تحمل عن الحكومة جزءا كبيرا من أعباء التنمية الاجتماعية في هذا الوطن الحبيب.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ
البنوك والصناديق الخيرية
افيدك علما يا سيدي الفاضل اني قطعت اشتراكي في الصندوق لان بنك البحرين والكويت يشترط عمولة 5 دنانير له جباية ولا اعلم ان كان هدا القرار ما زال جاريا ام لا وبنك البحرين الوطني يشترط سحب مبلغ الصندوق بعد 15 من تاريخ الشهر تكون فلست وبعدها ندفع غرامة للبنك قدرها 5 دنانير اقسم لك هدا لي صار معي لكن الشره على .... يسمحون لكل من هب ودب يصدر قوانين ويفرضها
بيروقراطية طماعة وظلومة
بارك الله فيك سيدنا ..
أنك دائما تقف على الحقائق التي لاتتغطى بمنخل وتحاول طرحها بمصداقية وموضوعية ، وفعلاً هذا الموضوع حساس جداُ عن طمع وجشع البنوك التي غالباً تتعامل بلغة المال بعيدة كل البعد عن الانسانية همها الأول والأخير جني الارباح من ظهور الفقراء والبسطاء ومستوري الحال .. فما كفاهم تلك الفوائد البنكية على القروض والمعاملات التي باتت تمثل كابوس جاثم على قلوب المواطنين ..
نتمنى أن تتغير تلك البيروقراطية إلى ما يخدم مصلحة الناس .ولكن الواقع لا يطمئن بخير ...
وشكرا ً
كثر الطلبات وقلة المواجر
انني احد العاملين في احد الصناديق الخيرية الكبيرة التي تقدم المساعدة الى اكثر من 300 عائلة، وان ما يحصل عليه الصندوق من جمع الحصالات والتبرعات لا تكفي لسد حاجة الاسر الفقيرة الا بنسبة تصل الى 10% وان كثير من الاسر الفقيرة يتم رفضها لعدم قدرة الصندوق من مساعدتهم لقلة الدخل.
ان قرار الوزارة سيجعل الصندوق يخفض من الاسر المستفيذة وهذا يعتبر انجاز للوزارة. ان الوزارة ترى الجمعيات كخصيم لها تحاربه ولا تسانده،بدليل قد طلبنا منها توفير برنامج للبحث الاجتماعي تتكفل الوزارة به ولكن عمك اصمخ. المشتكى لله
ارحم تُرحم
ياسيدنا المحترم
لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل على الفقراء والمساكين والمعوزين والمعُسرين. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وما خفي أظلم
سلام وتحية
نحن في الصناديق نعاني الآمرين وبدل أن تكافئ الصناديق على جهودها التطوعية نراها تحارب بشتى العراقيل والمسميات ..... ؟
ولكن أحب ان نطمنك لن يثينا شيئ في الحصول على الاجر والثواب وهو رصيدنا في الآخرة
Have a nice week end