العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ

أحمد الدوسري يرحل عبر التاريخ ليتعرف على ملابسات موت «ابن زريق البغدادي»

عن مؤسسة الدوسري للنشر والإبداع صدرت أخيرا رواية «ابن زريق البغدادي - عابر سنين» لمؤلفها أحمد الدوسري.

تقع الرواية في 245 صفحة من القطع المتوسط، وهي في مجملها رحلة عبر التاريخ إلى زمن جميل حين كانت بغداد حاضرة الإسلام وحاضنة الشعر وقبلة الشعراء، إذ يعود بنا المؤلف إلى العام 471 الهجري وتحديدا بعد انقضاء نحو خمسين عاما أو يزيد على وفاة الشاعر ابن زريق البغدادي الذي ترك مدينته متوجها نحو الأندلس طلبا للمال، وهناك قال قصيدته اليتيمة «لا تعذليه» مخاطبا بها ابنة عمه التي كانت تنتظر أن يعود بمهرها، ولكن صده الأمير الأندلسي، فوضع القصيدة تحت وسادته ثم نام نومته الأبدية.

الرواية تصور البطل في رحلة بحث مضن عن ملابسات موت ابن زريق ومعرفة تفاصيل رحلته من بغداد إلى الأندلس، بناء على طلب من الوزير في بلاط الخلافة واستجابة لرغبة الخليفة نفسه، ولكنه بعد ثلاث سنوات من البحث الشاق يجد نفسه مرغما على العودة إلى مدينته إلا أنه يدخلها في الليل متسللا حتى لا يعرف بخبره أمير المؤمنين فيأمر بقتله، غير أن الشاعر الفقيد يظل هو المحور الذي تدور حوله الأحداث وتتلاقى الشخصيات، ومن الملفت أن المؤلف وفق إلى حد بعيد في اختيار اللغة السردية لروايته مستوحيا من عصر الخلافة العباسية الكثير من مفرداته ذلك العصر الذي كان يموج بالأدب وبقصص الشعراء وبمآسيهم، ومع الاستغراق في الأحداث تجد الشخصية المحورية نفسها في لحظة امتزاج روحي مع ابن زريق فيتولد الانطباع بأن صاحب الرحلة هو ابن زريق نفسه.

ومن الرواية نقرأ:

لم أر أو أسمع بقصة أعجب ولا أكثر ألما ومأساة من قصته دونت كل ماسمعته من الناس، أمراء وحقراء لصوص وقطاع طرق عباد وزهاد تجار وشعراء كل شيء حتى الخان في قرطبة استجوبت صاحبه دون فائدة، فقد قال لي إن والده قد اشتراه من صاحبته قبل أن تموت، وأنه لا يعرف أحدا يعرفها وكل مايعرفه عن قصة ابن زريق البغدادي هو أن غرفته التي مات فيها تقع في الطابق الثاني، ثم دلني عليها وكان يسكن فيها طالب نصراني جاء لتعلم اللغة العربية فرجوته أن يخليها لي لكنه رفض، وعندما نقدت صاحب الخان أبا عبدالله الأعرج وأظنه لقبه لأنه كان أعرج حقا دينارين ذهبيين توصل إلى حل مرض للطالب إذ تبادلنا غرفتينا لليلة واحدة فنام هو في غرفتي ونمت أنا في غرفته، والأصح أنه نام في غرفتي مرتاحا مطمئنا ولم أنم أنا في غرفته، الحقيقة أن عيني لم تغمضا لحظة واحدة في تلك الليلة وتخيلت الليلة الأخيرة لأبي الحسن علي ابن زريق البغدادي وهو يتقلى على هذا الفراش حتى فاضت روحه يأسا وكمدا وحنينا وأسفا.

والله لقد كادت تفيض روحي أنا أيضا فيكون خبري وخبره واحدا.

العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً