استوقف أحد الطلاب مدرس التربية الرياضية ذات يوم قبيل بدء حصته بطرح استغرابه عن عدم ضم نجمه المفضل محليا وهو لاعب فريق المحرق حسين علي «بيليه» إلى صفوف المنتخب الوطني لكرة القدم على رغم المستويات اللافتة التي يقدمها.
أخذ المدرس يوضح للطالب وزملائه المستمعين الأسباب الظاهرة لغياب هذا اللاعب عن تشكيلة المنتخب على رغم كونه أحد اللاعبين المتألقين خلال مسيرتهم الطويلة في الملاعب، مبينا أن المدرب التشيكي ماتشالا برر عدم اختياره بانخفاض مستويات اللاعب وأنه غير قادر على تمثيل البلد ما دام هذا مستواه.
لم يقتنع الطلاب بهذا الجواب، فعاجلوا المدرس بسؤال آخر «هل جيسي جون اللي يلعب مكانه حاليا أفضل منه علشان ما يلعب في المنتخب؟».
هنا عرف المدرس قصد الطلبة فرد بطريقة دبلوماسية: «لغاية في نفس يعقوب» ومضى في سبيله.
هذه العبارة دخلت في فكر هؤلاء الطلاب وأخذوا يتساءلون «ما هي الغاية من عدم ضم أمثال بيليه وأفضل لاعب في المباراة النهائية لكأس الملك لاعب الرفاع حسين سلمان وكذلك زميله في الفريق نضال إسماعيل وغيرهم ممن يستحقون اللعب للمنتخبات الوطنية».
رد المدرس الدبلوماسي أجبرهم على العودة إليه لتوضيح هذه الغاية، وحينها أصبح هذا الأخير في دائرة ضرورة تبيان عبارته.
قال:» نعم، الكثير منا يستخدم هذه العبارة لإخفاء السبب حول شيء ما قام به لأهداف معنية لا يريدها أن تصل للجميع»، والسؤال هو ما الفائدة من ضم لاعبين يقلون أو لا يتعدون الإمكانات المتوافرة في لاعبينا ما دام الهدف هو رفع شأن المنتخبات الوطنية والوصول إلى العالمية؟
وأضاف «في بلد مثل البحرين عملت الجهات الرياضية المعنية على استيراد وتجنيس العديد من اللاعبين بمختلف الرياضات، ولعل أهمها كرة القدم وألعاب القوى وفق أهداف معينة ترفض الإفصاح عنها حتى الآن وسط الأصوات الكثيرة التي تنادي بعدم جدوى هذه السياسة، لكن عدم ضم بيليه وأمثاله من المتألقين، أو استبعاده في الأساس من المنتخب يأتي لتحقيق غاية يهدف لها المعنيون على ما يبدو لأخذ مكان اللاعبين المواطنين ووضع لاعبين مجنسين بدلا منهم».
وكطبيعة لصغر سن هؤلاء الطلبة لم يقتنع أحدهم بالحجة التي يسردها المدرس، وكأنهم يريدون القول ان نجومهم أولى من أولئك الذين يتم جلبهم ليلعبوا باسم البحرين وهم لا يستحقون ذلك، عطفا على المستويات التي يقدمونها، ولعل عدم تسجيل اللاعب جيسي جون لأي هدف مع المنتخب على رغم اشتراكه الدائم كأساسي طوال 29 مباراة يجبر الصبية على عدم الاقتناع، وسط المستويات اللافتة التي يقدمها هذه الأيام «بيليه».
نعم، التألق اللافت للعيان لهؤلاء اللاعبين خلال مسابقتي كأس ولي العهد وعاهل البلاد يثير الكثير من التساؤلات حول الأسماء والتشكيلة التي قام مدرب المنتخب التشيكي ماتشالا باستدعائها لمعسكر المنتخب التحضيري لمباراتي الملحق الآسيوي مع السعودية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، ولعل أبرز صور هذه التساؤلات تدور حول عدم ضم هذا الثلاثي، لا سيما أن الجميع أبدى اتفاقا حول ضرورة ضم هذه الأسماء إلى تشكيلة المنتخب وأنها أحق بكثير من أولئك الذين جلبوا ليلعبوا باسم البحرين.
ثلاثة من أبرز اللاعبين المحليين لو أعطيت لهم الفرصة التي تعطى للاعب المستورد لقدموا أفضل المستويات مع المنتخبات الوطنية، لكن وكما يقول المثل الشعبي «عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب»، وهذا ما نستدله من تصريح رئيس الاتحاد قبل سنوات من أن اللاعبين المجنّسين لدينا، يحتاجون إلى الوقت؛ ليتألقوا مع المنتخبات الوطنية التي يستدعون إليها، ضاربا المثل بأحدهم، وأنه يقدم مستوى رائعا هذه الأيام ويشارك في التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني بعدما كان قبل ثلاث سنوات الماضية مختفيا.
تألق هذا الثلاثي يفرض على المعنيين الالتفات أكثر إلى اللاعب المحلي وضرورة إعطائه الفرصة الكاملة بدل إعطائها لأولئك الذين يجب عليهم أن يقدموا ما يملكون منذ الوهلة الأولى التي يلبسون فيها لباس المنتخب، وخصوصا أن المتعارف عليه أن الدول تقوم بالتجنيس فقط لأولئك الذين يحملون الإمكانات القادرة على الظهور متى ما طلب منهم ذلك، أي منذ البداية، لا أن ينتظر أربع سنوات، لكي يقدم ما يملك.
هذا هو بلدنا، تحب إعطاء الفرصة فيه للأجانب وتبعدها عن المواطن، وهو ما يجب أن يكون العكس في ظل الإمكانات البشرية التي يحسدنا عليها الآخرون، إلا إذا كان ذلك لغاية في نفس المعنيين.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2511 - الثلثاء 21 يوليو 2009م الموافق 28 رجب 1430هـ