العدد 2221 - السبت 04 أكتوبر 2008م الموافق 03 شوال 1429هـ

علماء يتعلّمون دروسا بالقطب الجنوبي تفيد في رحلات الفضاء

سنغافورة - ديفيد فوجارتي 

04 أكتوبر 2008

في ذروة فصل الشتاء بالقارة القطبية الجنوبية يشعر المستكشفون في قواعد الأبحاث باستراليا بأنهم قد يكونون على سطح القمر أو في طريقهم إلى كوكب المريخ..

قال ديس لاج رئيس إدارة الطب القطبي بقسم القارة القطبية الجنوبية الاسترالي في الفترة من العام 1968 إلى العام 2001 والذي يعمل حاليا مستشارا لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) «عندما تكون في القارة القطبية الجنوبية تدرك أن ليس بإمكانك الخروج منها.

ليست هناك وسيلة إنقاذ خلال فصل الشتاء». وأضاف «يمكنك العودة من سفينة الفضاء الدولية أسرع من العودة من القارة القطبية الجنوبية في ذروة فصل الشتاء».

وتابع أن هذه العزلة هي التي تجعل القواعد الاسترالية بالقارة القطبية الجنوبية والمستكشفين الذين يعلمون بها الأنسب للتخطيط لرحلات للفضاء تستمر لفترات طويلة.

وتدير إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) منذ العام 1993 مع قسم القارة القطبية الجنوبية الاسترالي برنامجا مشتركا لدراسة الأوضاع الصحية للناس وكيفية تأقلم مجموعات صغيرة من الناس مع عدة شهور من العزلة وهم يعملون في أبرد مكان على سطح الأرض.

وقال كبير المسئولين الطبيين بالقسم جيف أيتون «يملك برنامج القارة القطبية الاسترالي بعضا من أكثر المحطات عزلة في القارة القطبية الجنوبية حيث العزلة الكاملة تستمر لمدة تصل إلى تسعة شهور في العام».

وأضاف أنّ هذه المحطات مماثلة لرحلات الفضاء وتساعد على التعرف إلى كيفية تأقلم الناس مع أجواء مشابهة. وأضاف «يكون لدينا بعض الناس في أوضاع خطيرة بحق ونجاتهم تعتمد على التكنولوجيا والأنظمة المتطورة وهي أمور شبيهة بالنجاة في الفضاء.

«لدينا أيضا تجربة كبيرة في التعامل مع الأوضاع الصحية التي يمكن أن تحدث في المحطات الاسترالية بالقطب الجنوبي وهي أمور تهم الناس الذين يخططون لرحلات تستمر لفترة طويلة إلى كوكب المريخ وفي رحلات استكشافية أخرى».

و أبدت ناسا اهتماما بخبرة القسم الاسترالي التي اكتسبها على مدار عقود من الزمان استخدم فيها أبرز الأطباء من الممارسين العموم في قواعده. وجرى توظيف البعض منهم من الريف الاسترالي حيث الطب التقليدي الخبير في التعامل مع أيّ تحدٍ طبي.

وأجرى الأطباء هناك جراحات في المخ وعالجوا كسورا وقدموا استشارات لعلاج اضطرابات نفسية. وقال أيتون «تعاملنا مع حالات حمل في القارة القطبية الجنوبية. هذا جزء من الوضع الطبي الذي علينا التعامل معه». ومثل هذه الخبرة الكبيرة ستكون مهمة بالنسبة إلى الرحلات التي تستمر لفترات طويلة للمريخ أو ما أبعد من ذلك. وتمثل الحالات الطبية الأخرى تحديا أيضا.

وأوضحت الدراسات أنّ المستكشفين بالقارة القطبية الجنوبية يعانون من نقص في فيتامين «د» بسبب عدم تعرضهم لأشعة الشمس كما يعانون من اكتئاب وضعف أجهزة المناعة.

وأشار أيتون أيضا إلى أنّ الدراسات أوضحت أنّ الفيروسات الكامنة تنشط مثل: فيروس إيبستون بار أو أي فيروس آخر من عائلة فيروسات الهربس.

وقال «لم يتضح تماما حتى الآن ما يسبب انخفاض المناعة. بحثنا عوامل نفسية وتأثيرها على جهاز المناعة. وبحثنا آثار نقص فيتامين «د» على نظام المناعة والتوتر في أجواء صغيرة ومغلقة» مضيفا أن الدراسات أوضحت تغيرات مشابهة على أجهزة المناعة لمن يقومون برحلات في الفضاء. وقال لاج: إنّ الفيروسات تميل إلى البقاء كامنة في الجسم ثم تنشط في الفضاء أو في القارة القطبية الجنوبية.

والصحة النفسية قضية أخرى مهمة.. البقاء داخل قاعدة صغيرة مع حوالي عشرة زملاء لشهور بعيدا عن العائلة والأصدقاء يمكن أن يكون مصدرا مهما للتوتر بالنسبة إلى بعض المستكشفين.

وقال لاج وأيتون أنّ العدد الأكبر من الناس تأقلم بشكل جيد مع الحياة في القارة القطبية الجنوبية وظهرت فقط حالات نادرة للغاية لبعض المستكشفين الذين عانوا من انهيار نفسي.

وأجرى لاج دراسة استمرت لمدة 25 عاما على مشكلات الصحة السلوكية في القارة القطبية الجنوبية وقال إن معدل هذه المشكلات أربعة في المئة من جميع الاستشارات الطبية التي تم الحصول عليها من الطبيب المتواجد بالقاعدة.

وتابع «هناك مشكلات في النوم ولكن ليست هناك اضطرابات ذهنية تقليدية.

«كان هناك شخص شكا من أنه يسمع بكاء رضع. توجه إلى الطبيب وقال له: إنه يسمع بعض الأصوات ولحسن الحظ شفي؛ لأن ذلك حدث قرب انتهاء فصل الشتاء».

وبالرغم من أن هذه الحالات نادرة إلا أنّ ظهور حالة واحدة فقط في القارة القطبية الجنوبية أو في الفضاء يمكن أن يكون كارثة.

ودراسة الأحوال الصحية والنفسية قبل القيام بجولة استكشافية وربما أيضا الخضوع لفحوص وراثية في المستقبل ستكون من الأمور المهمة.

وقال لاج إنه يتحتم استبعاد من يعانون من أزمات ربو وصرع ومن يتلقون علاجا للقلب أو يعانون من مشكلات في القلب ومرضى ضغط الدم المرتفع. وتابع أنّ من المهم أيضا البحث في التفاصيل مثل فهم الطبيعة البشرية وكذلك الاختلافات الثقافية. وأضاف «عندما تتعامل مع البشر عليك النظر في الأصول والمتمثلة في قدرتهم ع إلى التعايش والعمل معا».

وهذا يتضمن محاربة الملل عن طريق توفير نوعية جيدة من الطعام وفهم أيضا أنّ ممارسة بعض الأنشطة واحتساء كأس أو اثنين من المشروبات المفضلة أثناء تناول وجبة العشاء من الرغبات الطبيعية

العدد 2221 - السبت 04 أكتوبر 2008م الموافق 03 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً