العدد 2508 - السبت 18 يوليو 2009م الموافق 25 رجب 1430هـ

وزارة محاربة الفقراء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في آخر إبداعاتها، قامت وزارة التنمية الاجتماعية بتوجيه رسالة تهديدٍ جديدة عنوانها: «صناديق جمع تبرعات غير مرخصة».

رسالة التهديد الممهورة بتوقيع مديرة المنظمات الأهلية، وصلت إلى عددٍ من الجمعيات والصناديق الخيرية، التي وجدت نفسها تواجه قرارا مدروسا، وغير مفهوم، وغير مبرّر أصلا، لأنه يضرب مؤسسات العمل الأهلي الخيرية في الصميم.

الرسالة الغريبة تقول: «لقد نمى لعلم الوزارة قيام بعض الجمعيات/ والأندية بجمع المال دون ترخيص من الوزارة، وذلك بوضع الصناديق/ الحصالات في المجمعات التجارية»، وهذه العبارة تدين الوزارة العتيدة، بأنها اكتشفت بعد خمسة وعشرين عاما من انطلاق تجربة الصناديق الخيرية، أنها تخالف القوانين! فكيف فاتت هذه المخالفة جميع الوزراء والوكلاء والمدراء السابقين، ولم يكتشفها إلا الطاقم الحاكم بالوزارة الحالية، المتخصّص كما يبدو في ملاحقة الصناديق الخيرية وعرقلة عملها ومشاغبتها، على طريقة «توم وجيري»!

شخصيا لا أدري هل هناك نادٍ بحريني يقوم فعلا بجمع التبرعات، إلا أنني أعلم أن كل الصناديق الخيرية من مختلف المناطق، يعتمد الجزء الأكبر من موازناتها على جمع التبرعات وبعدة طرق، ومن بينها الحصالات. وربما يعجب القارئ إذا علم أن الحصالات تغطّي ما بين ثلاثين وأربعين في المئة من إيرادات الصناديق شهريا. من هنا تظهر خطورة هذا الإجراء الذي اتخذته الإدارة المذكورة، والذي سبّب إرباكا شديدا للصناديق الخيرية والقائمين عليها.

الوزارة الفاضلة ذهبت إلى واحدٍ من البلدان الزراعية الفقيرة جدا (بنغلاديش) لاستنساخ ما يسمى بـ «بنك الفقراء»، وزرعه في تربةٍ اقتصاديةٍ بترولية مختلفةٍ تماما... في الوقت نفسه تتعامى عن تجربةٍ رائدةٍ (الصناديق) نابعة من تربة الوطن، عمرها ربع قرن. وبدل أن تدعم هذه التجربة وتشدّ من أزر القائمين عليها، نراها تتدخّل بصورةٍ فجةٍ وغير مدروسة، لوضع مزيدٍ من العراقيل في طريق تطوّرها، وتعارض قيام اتحاد نوعي بينها، وإصدار قرارات تعقّد عملها، وتجفيف منابع التبرعات، مع ما يعنيه ذلك من تقويض التجربة وإصابتها في مقتل.

الوزارة لم تكتف برسائل التهديد للصناديق الخيرية، وإنما قامت بخطوةٍ «مباركةٍ» أخرى في سياق حربها على الفقراء، وذلك بتوجيه رسائل تخويف موجّهة للمجمعات التجارية، لحملها على «ضرورة عدم السماح للجمعيات بجمع الأموال داخل المجمعات»... وفي ختام الرسالة عبارة: «شاكرين لكم تعاونكم معنا... وتفضلوا بقبول فائق التحيات»! فهكذا يكون التعاون على البرّ والتقوى... وتحقيق التنمية الاجتماعية!

إذا كان الطاقم الحالي بالوزارة يرى أن هناك مادة تمنع الجمعية أو النادي (وهما مختلفان عن الصناديق) من جمع المال، فعليها أن تبحث في تعديل القانون، وخصوصا بعد أن ورطّت العالم بقضية تحويل الصناديق إلى جمعيات، وبنفس الحجة المضحكة المبكية: «مخالفة القانون»!

إن أقلّ ما تطالب به الصناديق الخيرية إيقاف هذا القرار الغريب الأطوار، وتوقّف الطاقم الحالي بالوزارة عن مشاغبة المنظمات الأهلية القائمة على العمل التطوعي. ولتطمئن بأن هذه الأموال إنما تذهب لسدّ حاجات الفقراء والمعدمين، وتلبية حاجاتهم الضرورية جدا، من طعام أساسي في حدود الكفاف، وشراء حقائب مدرسية لأطفالهم، وإعانتهم على مصائب الغلاء والبلاء... والقرارات التي تفتقر إلى الكياسة والفطنة الاجتماعية والذكاء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2508 - السبت 18 يوليو 2009م الموافق 25 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:24 م

      إقتراح للصناديق

      أوصي جميع رؤساء وأعضاء الصناديق الخيرية -جزاهم الله عن فقراء البلد خيراً - أن يجتمعوا بوزيرة التنمية الإجتماعية ويطرحوا امام الوزارة خيارين لا ثالث لهما. فإما إلغاء هذا القرار الظالم بحق الفقراء المستفيدين من مساعدات هذه الصناديق، وإما تنفيذ القرار ولكن بشرط مساعدة هذه الصناديق وتعويضها بالمبالغ التي تحصل عليها من هذه الحصالات التي تعتبر أحد مصادر دخلها لمساعدة الفقراء والمحتاجين. حقاً إنه قرار مضحك ومبكي في نفس الوقت.

    • زائر 13 | 8:07 ص

      الابداع من أجل محاربة الفقراء الشيعة لا غير !

      إن من مأسي الشعب البحريني اليوم وأمس هو الحرب على الشيعة ، وإلضغط عليهم بكل الطرق ، ولو علم الرسول (ص) ، بما تفعلونه بالفقراء ، لتبرأ منكم يا وزارة التنمية الطائفية!

    • زائر 12 | 6:28 ص

      لتطرح البديل

      لتقوم وزارة التنمية بطرح البديل من أجل النهوض بمستوى معيشي لائق للشعب البحراني ..! ألا يعلمون بأن تلكـ الصناديق لها مردود معنوي قبل أن يكون مـادي لذوات الطبقة الفقيرة ..!!
      حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 11 | 6:02 ص

      البحرين

      في صناديق خيريه تبوق بالهبل واعضائها احوالهم تحسنت بامتياز جراء بوقهم من الجمعيات الخيريه ومايعطون المحتاجين ويعحزونهم وينشفون ريقهم على المساعده وساعات يسكتون عنهم وهم باشد الحاجه وجمعيات تتعذر بعدم تبعيه المحتاج للمنطقه يعني انت مو من منطقتنا مابنعطيك فأني اقول عن تجره خلهم يولون وزين يسون فيهم وان شاء الله ازيد لانكم ظلمتوني وعندش اياهم ياوزيره وكل ظالم اجي اظلم منه

    • زائر 10 | 5:49 ص

      razeel360@hotmail.com

      اقترح الغاء هذه الوزارة والحاق موظفيها بوزارة العمل كالسابق لانها وزارة تفشل

    • زائر 9 | 4:35 ص

      البحرين

      لا ترحم ولا تخلي رحمة الله تنزل، هذه مشكلة وزاراتنا والمشكلة الأكبر في وزارات الدولة أنهم يقولون ما لا يفعلون فلو أن نصف ما يقولونه يطبق لأصبحت البحرين جنة ، ثانيا هل قرار الوزيرة مدروس؟ وهل بحثت أثره على المدى الطويل؟ وما هي البدائل التي تم إيجادها لتغطية الفرق التي كانت تسده الصناديق ؟ في الحقيقة لا أعتقد أن الوزارة فعلت أي مما سبق ولن تفعل... والله المستعان.

    • زائر 8 | 3:06 ص

      عون او فرعون

      حكومةالمفاجئات .. بالامس الى اليوم وغذا ارقام المجنسين تزاد ويوفر لهم فوق ما يحلمون،ويبقى المواطن الاصيل محاصر حتى في مساعدة يسيرة تسد جوعه وجوع عياله، اليس من العار ان تقف وزارة تسمى التنمية لقطع شريان مساعدة المحتاجين،عجبي من وطن يتدفق فيه النفط من 70 عام واهله يعانون الفقر والحرمان!! اليس من العيب ان تستعرض وزارة التنمية عضلاتها على الفقراء،،، وصدق من قال جبناه عون صار علينا فرعون

    • زائر 7 | 2:55 ص

      سياسة مدروسة

      أنا لا أفهم من سياسات هذه الحكومة العتيدة بمختلف وزاراتها إلا أنها تريد أن تقضي على الطبقة الوسطى. ولا يتأتىء ذلك إلا من خلال توسيع الهوة بين الأغنياء المتخمين والفقراء المعدمين.

    • زائر 6 | 2:51 ص

      jamo1413@gotmail.com

      ابو هاشم الله يرحم والديك ادري ان تعليقي ما له علاقة بالموضوع بس ليش ما تنشر غسيل الوقح ابو جلد الضب في البلاد ترى فشلنا وايد.

    • زائر 5 | 2:37 ص

      mohammed_del@hotmail.com

      ويستمر مسلسل محاربة الفقراء من أبناء شعبنا من قبل هذه الوزارة ، فبعد منع الكثيرين من الحصول على علاوة الغلار بحجة أنهم لايستحقون جاء الآن الدور على مساعدات الصناديق الخيرية ..
      ألا تعلم الوزيرة بأنها تعقد الأمور وتصعب عمل المتطوعين ؟؟

    • زائر 4 | 2:00 ص

      أدفعوا لهم إذا

      إذا كنتم تحاربهوم حتى بتلك الحصلات .. والتي تسد الجزء اليسير من احتياجيات تلك المؤسسات أدفعوا لهم إذا مقابل تلك الحصلات، تريدون أن تقطعوا هذا الوسيلة ؛ أطرحوا البديل

    • زائر 3 | 1:57 ص

      الله أرحم وأرأف والرزق منه وعندهُ.

      أما آن لكم أن ترحموا الضعفاء والفقراء والمساكين - أم آن لكم أن تحاربوا ولا عجب !!!
      اتقوا الله فإنه أرحم منكم. آيات الظلم مخيفة فاحذروا !
      لا نمانع النظم والقوانين التي تعين هؤلاء.
      بالله نسألكم - هلاّ طلبوا منكم دفع رواتب المتطوعين على هذ العمل الخيري ؟؟.
      إن الله يرى !! ويعلم ! فاتقوا واتقوا واتقوا .

    • زائر 2 | 1:38 ص

      faj.005@hotmail.com

      انا من مؤيدي التنظيم في جميع الاعمال حتي الخيرية منها فما ان تحصل ندوة او احتفال الا وقد قام مجموعة من حملة الاكياس للجمع للاعمال الخيرية التي لا احد يعرف ما هي ؟؟؟ التنظيم من الوزارة مطلوب وبشكل جدي ولكن من دون تميز كما هو معهود في استصدار التراخيص . شكرا سيد

    • زائر 1 | 1:02 ص

      al3tshan@hotmail.com

      يحكى ان شاباً يحلم بذراع مفتولة العضلات، لا لشيء إلا ليخطف الأبصار ويحصد الإعجاب أمام المجتمع، وبدل أن يمرِّن عضلاته الضامرة دفع مبالغ طائلة لبتر ذراعه الطبيعية واستبدالها بأخرى بلاستيكية تتخللها تفاصيل وانتفاخات توحي بعضلات جبارة. مثل وزارتنا مثل ذاك الشاب فهي بدل أن تدعم الطاقة المحلية الكامنة في الصناديق راحت تريد بترها وياليتها ستعوضنا ببنك الفقراء البنغالي !!
      الشاب كان يحلم بمظهر قوي أمام الناس والوزارة ربما تحلم بمظهر مملكة غنية أمام العالم

اقرأ ايضاً