رقصت جماهير البطل الأحمر الذي واصل «ذيبه» الذي لا يشبع بطولات الموسم، وحصرها في قلعة المحرق بعراد والاحتفاظ بها في أمسية مثيرة خلال شوطي المباراة من الوقت الأصلي والإضافيين، وزادت الإثارة والندية في ركلات الجزاء التي أخفق فيها الرفاع في واحدة لتلتهي المدرجات الشمالية للمحرق ويخرجون في زفة نجوم الأحمر في يوم حضور ملك البلاد، والذي قام بتتويج الأبطال المحرقاوية إلى عراد مسقط رأس أبطال كأس الملك الذي تعاهد من جيل إلى جيل في حصد البطولات المحلية، وكان دائما نارا تولع بنار العزيمة والإصرار ليعودوا بالكأس الغالية بعد فوزهم بنتيجة (9/ 10) بركلات الترجيح بعد انتهاء الأصلي بالتعادل (1/1) إذ تقدم المحرق بهدف أحرزه حسين علي في الدقيقة 45 من الشوط الأول، بينما عادل النتيجة للرفاع محمد سلمان في الدقيقة 4 من الشوط الثاني. حتى لجأ الفريقان إلى الوقتين الإضافيين وركلات الجزاء.
جاء الشوط الأول مغلقا تماما وحذر شديد في منطقة الوسط، إذ قام كل فريق بأسلوب يمنع الآخر من أخذ البادرة في السيطرة الميدانية على الوسط، بوجود أكبر عدد من اللاعبين فأوجد صعوبة للفريقين في اختراق العمق وفي ظل عدم تقدم الطرفين إلى الأمام تحسبا لهجمات مباغتة، صار اللعب يسير من دون خطورة تذكر، وغابت النواحي الفنية وسيطرت الأمور التكتيكية على الأداء، إذ عمد كل فريق إلى منع مصادر الخطورة للفريق الآخر، من أن تكون كراته مفتوحة ولذلك عانى الفريقان كثيرا في صنع الكرات الهجومية لعدم وجود المساحات الكافية للتمرير والانتقال. وعلى رغم ذلك كانت الأفضلية النسبية في الوسط للرفاع، ولكن لم تتعد كراته من الثلث الأخير للهجوم فيما غابت طلعات محمود عبدالرحمن الجانبية تماما وكان تأثير غياب أبرارو في المحرق واضحا في وسطه.
الرفاع لعب بطريقة 5/4/1 في الحال الدفاعية تتحول إلى 4/4/2 في الهجوم على أساس أن ينضم مريتو إلى محمد سلمان فيما يقوم حسين سلمان من الجهة اليسرى بصناعة الكرات الهجومية، فيما يقوم عبدالله عبدو من الجهة اليسرى بالكرات الجانبية من هناك، فيما لعب الخزامي وايمانويل في الارتكاز ومنعا الكثير من الكرات المحرقاوية التي تحاول أن تقترب من منطقة جزاء مرماهم، فيما التزم داود سعد ونضال إسماعيل بواجباتهم الدفاعية بحذر. ولكن الرفاع على رغم هذا الوضع الفني والتكتيكي لم يتم تطبيق الوضع بالصورة الايجابية، إذ كانت معظم كراته الهجومية مقطوعة ولم يكن حسين سلمان بالوضع الطبيعي، إذ لم يقم بمبادرات لتحرير نفسه عن الرقابة الصارمة من قبل المشخص الذي نجم في القضاء على خطورته، ولم يعمد سلمان إلى الحلول الفردية في التخلص بمهاراته، فظلت كراته بعيدة المنال. وأما مريتو حاول قدر الإمكان التحرك على مساحات الملعب مستفيدا من مهاراته، ولكنه اصطدم بكثافة عددية في وسط المحرق وتباعد عن محمد سلمان الذي بقي في أحضان دفاع المحرق، ولم يكن له أي حضور فعلي في هذا الشوط. دفاع الرفاع لعب بمبدأ السلامة واستطاع السيطرة على الوضع بمساعدة من الارتكاز في منع الخطورة المحرقاوية تماما إلا في بعض الفترات .
أما المحرق لعب بطريقة 4/3/3 على أن تتحول في الدفاع إلى 4/5/1 أيضا هذه الطريقة كان هدفها منع وسط الرفاع من السيطرة على هذه المنطقة بوجود عدد كبير من اللاعبين، ولكن أيضا المحرق وقع في نفس أخطاء الرفاع من سوء تطبيق طريقة اللعب فغابت خطورته تماما إلا في الدقيقة 45 عندما استطاع إحراز هدفه الأول إثر كرة عرضية لعبها ريكو لتجد حسين علي غير المراقب تماما أودعها في المرمى لتضج معها المدرجات الشمالية بالهتافات العالية، وغير ذلك لم نرَ من المحرق حتى هجمات خطرة ذات فاعلية. لعب في ارتكازه سيدمحمود جلال مع فهد الحردان واستطاعا أن يمنعا وسط الرفاع من الهجوم في العمق، وكانا لكل كرات مريتو بالذات بالمرصاد، فيما لعب على الجهة اليسرى محمود عبدالرحمن الذي غابت طلعاته تماما واستسلم للرقابة إلا من واحدة عند الدقيقة 43 والكرة الثابتة، ولكنه لم يستفد منهما ولم يكن له أي ظهور فعلي خلال هذا الشوط، فيما لعب شويطر في الجهة اليمنى وهذا اللاعب أعطيت له مهمة الانضمام إلى ريكو وحسين علي في حال الهجوم على أن يرجع إلى الوراء في الحال الدفاعية مع زملائه في الوسط، قد يكون شويطر نجح في الحال الدفاعية ولكنه لم تكن لديه أي واجبات هجومية . أما حسين علي وريكو فأنهم كانا رهينتين لدفاع الرفاع طيلة الشوط إلا عند الدقيقة 45 عندما تحرر ريكو من الدفاع السماوي ولعب كرته العرضية أمام المرمى لنجد حسين علي الذي تقبلها بصدر رحب إلى داخل المرمى .
دفاع المحرق كان صلبا بقيادة العامر وجليانو وتمكن المشخص من القضاء على خطورة حسين سلمان تماما وإبعاده عن الاقتراب من مناطق الخطر وارغامه على الرجوع إلى الوراء كثيرا. وأما عبدالله أمان فلم تكن له دوافع هجومية واكتفى بالجانب الدفاعي الذي منع فيه تقدم عبدالله عبدو. الحارسان في الفريقين كانا يقظين في المرمى ولا يتحمل محمود منصور مسئولية الهدف في ظل غياب دفاع العمق والظهير الأيمن داود سعد.
جاء الشوط الثاني بأفضلية واضحة لمعظم فتراته لصالح الرفاع الذي استطاع أن يسيطر على منطقة الوسط بفضل تحرر لاعبيه من الإغلاق الذي كانو عليه في الشوط وصارهم الأكثر في امتلاك الكرة واستطاعوا مبكرا من إدراك التعادل في الدقيقة 4 عن طريق المهاجم الخطر محمد سلمان، الذي استفاد من خطأ العامر في إبعاد الكرة وأثناء خروج الحارس لعبها سريعة في المرمى. بعد هذا الهدف توقعنا أن الوتيرة الحماسية والفنية ستزداد، ولكن ظل الوضع كما هو عليه في سابقة مع أفضلية للرفاع عندما تحرر مريتو من الرقابة وصار يتحرك على مساحات الملعب ويلعب كراته بحرية، وأيضا الارتكاز لديه من الخزامي وايمانويل لم يحصلا على الضغط من ناحية وسط المحرق، فاستطاعا بسهولة تامة من القضاء على خطورة المحرق من بداياتها والتمرير السهل إلى اللاعبين من زملائهم، وكان بإمكانه صنع الهجمات لنفسه في الكثير من الكرات التي حصل عليها في مساحات خالية ولم يستفد بتاتا من سلبية وسط المحرق المكشوف خلال هذا الشوط، وحتى التبديل الذي أجراه المحرق بإخراج الحردان وإشراك أحمد جاسم لم يضف الجديد في الفريق، إذ توقعنا سيترصد إلى تحركان مريتو ولكن لم يفعل كما كنا نتوقع. حسين سلمان لم يحرك نفسه بل لم يحرر نفسه من مراقبة المشخص الصارمة الذي وضع عيونه وإصراره على القضاء على خطورته ولم نر منه ما يشفع له سواء من تمريرات أو تسديدات خارجية، وظل على وضعه من دون تغير وأما الطرفان الرفاع والمحرقان كانا حذرين في التقدم إلى الأمام باستثناء داود سعد الذي حاول في أكثر من مرة التقدم ولكن كانت الكرات قليلة التي تأتي له، فاكتفى بالحماية الدفاعية تحسبا إلى محمود عبدالرحمن الذي لم يكن له وجود خلال هذا الشوط كما في الأول - أما حسين علي وريكو غابا بسبب عدم وجود اللاعب الصانع لهما الكرات خلفهما فصارا يحاولان بالمجهودين الفرديين للحصول على مساحات بين دفاع الرفاع المتماسك. مريتو كما قلنا حصل على المساحات ولكن إصراره على الاجتياز من العمق وجد فيها الصعوبة البالغة وإن كان يمتلك المهارات وصار يحتفظ بالكرة لنفسه كثيرا من دون أن تكون هناك تمريرات قاتلة أمام منطقة جزاء المحرق للبحث عن هدف مفاجئ.
أما محمد سلمان وعلى الرغم من قبوله الاستسلام بين دفاع المحرق إلا أنه كان يتحين الفرص وخصوصا في كرة مريتو الماكرة الذي لعبها سلمان في المرمى، ولكنها مرت بجانب القائم الأيمن في الدقيقة 25. ارتكاز المحرق تأثر كثيرا بنقص الجانب البدني لمحمود جلال وحتى دخول أحمد جاسم لم يعوض هذا الأمر، فصارت المنطقة خالية لوسط الرفاع، ولكن أيضا الرفاع لم يستفد منها لصالحه. المحرق في الدقيقة 35 كاد أن يحرز هدفا إثر الكرة الثابتة التي نفدها المشخص بإتقان وأطلق الصاروخ الذي ارتد من العارضة وأبعده دفاع الرفاع سريعا. فيما أضاع ريكو أغلى فرص المباراة التي لن ينساها عند الدقيقة 44 لانفراده بالمرمى ومرّ من الحارس الرفاعي ولعبها في المرمى، ولكن دفاع الرفاع الذي غطى المرمى سريعا أبعدها وأنقذ مرماه من هدف مؤكد في وقت قاتل.
لم تغير الوضع خلال الوقت الأول الإضافي من كل النواحي، وكان السيناريو مشابها للشوط الثاني من الوقت الأصلي، إذ غابت عنه الكرات الخطرة من الفريقين، ولم يستفد الرفاع من انخفاض الجانب البدني الواضح لدى محمد جلال للعبور من المنطقة وخصوصا مع تحركات مريتو ولكنها كانت فردية أكثر منها جماعية. في المحرق أيضا لجأ حسين علي للحلول الفردية في التسديدات الخارجية لكنها لم تكن مركزة. وشهدت الدقيقة 15 من هذا الشوط بطاقة حمراء (الطرد) لمدافع الرفاع أحمد مطر بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية إثر دخوله القوي على محمود عبدالرحمن.
وفي الثاني أجرى شريدة تبديلا إذ أشرك محمد عبدالله بدلا من محمود جلال ودفع علي عامر في الوسط، فيما مال المشخص للعب مع جليانو في العمق وكان هدفه حفظ مركز الارتكاز الذي اهتز من الشوط الثاني في الأصلي والإضافي الأول. وإثر طرد أحمد مطر مع الوقت الأخير من الوقت الإضافي الأول أرجع المدرب ايمانويل من الارتكاز إلى العمق فيما مال حسين سلمان للعب إلى جانب الخزامي لحفظ الارتكاز في ظل النقص العددي إثر طرد مطر. عبدالرحمن مبارك لم يضف أي جديد للرفاع حتى مع أنه كامل قبل طرد مطر وكانت حاسية على الكرة بعيدة عما كان عليه قبل إصابته. في هذا الشوط وضّح أن الرفاع صار يلعب على الوقت وكان يسعى جديا للوصول إلى نقطة ركلات الترجيح .
لجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح ولعب كل فريق 9 ركلات، وتم إحرازها بامتياز باستثناء نضال إسماعيل الذي صدها العريس سيدمحمد جعفر في الكرة التاسعة ليقود فريقه للمحافظة على اللقب وإحراز رباعية الموسم 2008/ 2009.
ركلات الجزاء التي نفذها المحرق أحرزها جميعا عن طريق جليانو ومحمود عبدالرحمن وريكو وإبراهيم المشخص وعلي عامر وحسين علي وعبدالله الدخيل ومحمد عبدالله وأحمد جاسم.
بينما أحرز للرفاع حسين سلمان ومريتو وعبدالرحمن مبارك وايمانويل ونتتهو وداود سعد وحمد الخزامي ومحمد سلمان بينما أضاع نضال إسماعيل الكرة التاسعة ليعلن بها احتفاظ المحرق باللقب.
العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ