العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ

أولويات عربيّة ضائعة

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل مدّة سَاوى أحد المسئولين العرب بين خطرين يُهددان العالم العربي. الكيان الصهيوني وإيران!. وهو ما يعني أن الموضوع لا يخلو كثيرا من الإرباك المُفضي إلى فَرزٍ غير منسجم لقضايا المنطقة من الوجهة «الاستراتيجية».

في الحالة الصهيونية تبدو الأمور واضحة جدا. أرض مُحتلّة. وستة ملايين مُهجّر في الشتات. وأحد عشر ألف معتقل. وزخّات متوالية من القتل اليومي، والإعاقة الاقتصادية عبر التدمير المنهجي. إذا النتيجة جليّة بدون رتوش. تل أبيب عدو.

في الحالة الإيرانية لا تبدو الأمور بهذه البساطة. فرغم الاقتناع بأن أشكال العدو تختلف في ملامحها ومنسوبها، لكن طهران «العدو» لم تتشكّل بعد على هيئة خصم ناجز مُكتمل الملامح.

ضياع الأدلّة قاد أنظمة لائكيّة، لا تعترف بالدين كمُكوّن مُلِحٍ في السياسة، لأن تحمل راية الدفاع عن «تمذهبها» بشكل مُستغرب. وضياع الأدلّة قادها أيضا لأن تحاول التهام فلسطين والفلسطينيين بأتعابهم وهمومهم بملاءة المال كي لا يملؤها الإيرانيون!.

في الادّعاء الأول نتساءل: لماذا تُجيّر التحولات الدينية والمذهبية نحو سلوكيات الدول رغم استنكاف التبشير إيّا كان لونه وطعمه. فالأديان على حدّ توصيف أحد الكتّاب «مجموعا عاما من الإجابات التي تُفسّر علاقات البشر بالكون. وهي تنتقل بشكل فوقي» وليس شيئا آخر.

لم يرفع المِجلد أحد من البروتستانتيين أو اللا دينيين عندما تكثلك أكثر من 834000000 مليون إنسان في بحر قرن واحد فقط! وارتفعت أعدادهم في إفريقيا جنوب الصحراء إلى مديات مهولة وصلت إلى 6700 في المئة.

ولم تحتج دول كالنرويج والدنمارك والسويد وألمانيا والنمسا وهولندا على موجة الدخول في الإسلام بين شعوبها، رغم ما يقوله اليمينيون في تلك المجتمعات. هذه تأثيرات جوّالة تحدث بين الشعوب.

وفي الثاني حديث أكثر هما من الأول. يُتّهم الإيرانيون بأنهم يتفاوضون مع الغرب على حساب العرب. والكُل يُدرك بأن الفرص في ذلك (بالنسبة لهم) بدأت منذ حرب الخليج الثانية. ولم تتوقّف إلى اليوم.

ويكفي أن يعلم الجميع بأن الحوافز الغربية التي قُدمت مرتين لطهران، بشأن ملفها النووي كانت تتضمّن حديثا عن تفويض لإيران مقابل قضايا أمنية وتسويات في لبنان وفلسطين، وبيع زهيد لسورية أيّام العداء المفتوح. لكن ذلك لم يتم.

اليوم أخوف ما يُخاف منه بعد إخفاق الادّعائين الأول والثاني أن تتورّط أنظمة عربية في مشاريع غير سويّة مع الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني تجاه إيران بعد بالسماح لوحدات بحرية صهيونية تتقدّمها مُدمّرة إيلات بعبور قناة السويس نحو البحر الأحمر وصولا إلى بحر العرب.

الغريب في الأمر أن يتم تبرير ذلك باستدعاء اتفاقيات مضى عليها أكثر من مئة وعشرين عاما تنص على أن للسفن المدنية والعسكرية «حق المرور البريء في القناة طالما أنه ليس لها توجهات عدوانية تجاه الدولة مالكة القناة».

الجميع يعلم بأن هذه الاتفاقيات وُقّعت قبل قيام الكيان الصهيوني بستين عاما. وبالتالي فإن التعامل مع ظروف وواقع الصراع اليوم في الشرق الأوسط أمر في غاية الأهميّة. لأن الحدود الأمنية للدول لا ترتبط فقط بالمسافات الجغرافية أو الزمنية بقدر ارتباطها بالعلاقات والمصالح.

فأيّ دولة لا يُمكن تُسمّي عدم الاعتداء عليها (فقط) في دائرة جغرافية معقّدة وهي تمتلك حصريّة التصرف في ممرات مُحدّدة على أنه كذلك؛ خصوصا إذا كانت تعتبر نفسها غور قومي واستراتيجي في المنطقة. لأن هناك أعداء للأصدقاء، وأصدقاء للأعداء، وهكذا دواليك.

اليوم الكيان الصهيوني يريد بالوصول إلى بحر العرب لتشكيل معادلة التالي: إذا قام بضربة على الأراضي الإيرانية، فإن طهران سترد. ومن أجل استيعاب الضربة الأولى تقوم تل أبيب بتوزيع قوّتها العسكرية عبر إقامة منصّة بحرية خارج فلسطين لتأمين الرّد الثاني (البحري) على الضربة الإيرانية. هذه خلاصة المسار. ومن الأجدى للدول العربية أن تُقرّر مصالحها عبر مباينتها لذلك المسعى، فهو الأنفع لها حتما.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:14 م

      شكراً للأستاذ محمد

      كل الشكر والتقدير للأستاذ محمد على هذه المقالات الرائعة التي يتحفنا بها .
      أطلب من الأستاذ محمد أن يكتب لنا مقالاً يحلل فيه موقف سماحة الشيخ هاشمي رفسنجاني لأنه كثر اللغط حوله وأنا أعرف أن الخبر اليقين لن يحمله لنا إلا الأستاذ محمد .

    • زائر 1 | 4:18 ص

      rashed.saleh@gmail.com

      رؤية جيدة للمنطقة . العرب مطالبون الى جانب ذلك مراعاة شعوبهم

اقرأ ايضاً