وردت كلمة التعليم 17 مرة في كتيب «الرؤية الإقتصادية حتى عام 2030» لمملكة البحرين وهذا دليل على اهتمام القيادة الرشيدة بمستقبل التعليم الأساسي والعالي لأنه الأمل نحو التقدم والتطور لهذه المملكة الفتية ولجميع فسيفساء شعبها.
لا شك ان حكمة القيادة تعلم يقينا ان الإنسان المثقف والمتعلم هو المحرك لقطار النهضة لهذه المملكة الصغيرة بمساحتها والضئيلة بإنتاجها من الهيدروكربونات مقارنة بجيرانها لكن المحظوظة بالرغبة الطموحة لأبنائها في التعليم وتطوير النفس لعلمهم - خاصة الطبقة الوسطى - بالعلاقة الطردية بين التعليم وتحقيق وسائل حياة أرقى لنفسها ومجتمعها.
في مقدمة الرؤية كان هناك إقتناع بأن «النظام التعليمي مازال غير قادر على تزويد الشباب بالمهارات والمعارف المناسبة للنجاح في سوق العمل».
النقد المبطن للسياسة التعليمية السابقة وقرع جرس الإنذار لبيان إخفاق النظام التعليمي في تحقيق متطلبات أرباب سوق العمل في القطاع الخاص يعتبر خطوة اولى نحو الحل الجذري لوضع الخطوط العريضة لديناميكية جديدة للعملية التعليمية فأهل هذه الجزيرة لا يمكنهم الا أن يأخذوا بدفة القيادة في المنطقة في سباق العلم والإ فان العواقب قد تكون وخيمة حين يكون الجيران أغنى وأعلم. فنحن لا نستطيع أن نغير حقائق ما تحت الأرض من زيت وغاز لكن نستطيع شحذ الهمم لإنتاج نماذج تعليمية منافسة فتطوير العنصر البشري هو أساس التقدم.
بما أن الكتيب صدر في العام 2008 فلابد أن يقصد به بصورة عامة جميع مراحل التعليم منذ رياض الأطفال إلى التعليم العالي وهذا يشمل شقي التعليم الحكومي والخاص لكن من الممكن أن المقصود به في كتيب الرؤية هو مخرجات التعليم الجامعي فقط وليس المدرسي لأن القطاع الخاص عادة لا يدفع مبالغ عالية (يتجاوز 500 دينار شهريا) إلا لخريجي الجامعات بافتراض إلمامهم بمهارات عالية قد لا تنطبق على خريجي المدارس.
حاليا التعليم العالي أو النظام التعليمي في المملكة يواجه الكثير من التحديات فهناك ضبابية لتحديد اتجاه البوصلة! أي ما الذي نريده من السماح لـ 12 جامعة خاصة واستثمارية بالتفريخ على أرض المملكة وجذبها حوالي 18.000 طالب من الخليج والبحرين؟
ما هي البرامج التعليمية الإبداعية الجديدة التي سوقتها تلك الجامعات ونجحت بالتالي في جذب هذا العدد الهائل من الطلاب؟
هل سيقوم خريجي بعض الجامعات «الضعيفة» من تحقيق مطالب أرباب سوق العمل في القطاع الخاص، أم سيمتصهم القطاع الحكومي بسبب تضخم درجاتهم مقارنة بزملائهم المتخرجين من جامعة البحرين أو الجامعات الأجنبية في الخارج؟
لابد من وقفة آنية من من أصحاب القرار لأن تدهور جودة قطاع التعليم العالي وتنظيمه سيمس خطط القيادة ورؤيتها لمستقبل زاهر لإقتصاد المملكة.
مما لا شك فيه ان نوعية المخالفات من قبل مجلس التعليم العالي ليست كافية فهي نجحت فقط في إظهار القشور الواضحة والمتراكمة منذ فترات طويلة كعدم استيفاء النسب المحددة لأعضاء الهيئة الأكاديمية، وحصول بعض البرامج على تقدير «لا يبعث على الثقة» وصراحة لو لم تقم البعثة الكويتية بفضح ممارسات بعض الجامعات لما سمعنا أية همسة من مجلس التعليم العالي ومن ثم قيامها بتوجيه الإنذارات.
لا يساورني أي شك ان تلك الجامعات المخالفة ستنجح بإصلاح معظم الإنذارات خلال المهلة الممنوحة لكن الضرر واقع لا محالة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ