العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ

غبار الكويت

مليون طن تسقطها العواصف سنويا

تتعرض الكويت لظواهر غبارية خلال 25 في المئة من أيام السنة، مع حدوث 26 عاصفة ترابية كمعدل وسطي. وهذا معدل يفوق بأضعاف المعدل الطبيعي في الدول المجاورة كالبحرين (5,6 % من أيام السنة) وقطر (7,1 %) والامارات (3,9 %).

ومن المعروف انتشار العواصف الترابية في الأقاليم الجافة عندما تتوافر مجموعة من الظروف، كالرياح القوية المستمرة والقادرة على حمل المفتَّتات الصخرية من رمال دقيقة وغرين لمسافات طويلة بسرعة تزيد على 40 كيلومترا في الساعة، أو تعرض البلاد لفترات من الجفاف تمتد عدة سنوات كما حدث في الكويت في ثمانينات القرن الماضي وفي موسم 2007 ـ 2008.

وتتسبب ملوثات الهواء التي يحملها الغبار في حدوث أعراض كالارهاق والنسيان وآلام الظهر وفقدان الشهية وحكاك الأنف، فضلا عن أمراض تنتقل عن طريق تنفس هواء محمل بالبكتيريا أو الفيروسات كالزكام والتهاب الحلق والأنفلونزا والسعال الديكي والالتهاب الرئوي والشعبي والدفتيريا، كذلك الدرن (السل) الذي ازداد عدد المصابين به في الكويت الى 300 حالة في العام الواحد. كما ازدادت نسبة المراجعين في أمراض الربو والحساسية 50 في المئة في عموم مستشفيات البلاد، خصوصا التهابات الجيوب الأنفية والحلق والاختناق التنفسي من أثر الغبار.


من أين هذا الغبار؟

هناك مصادر طارئة للغبار تفاقم هذه المشكلة، كهبوب الرياح السطحية على كميات كبيرة من التربة السائبة الناتجة عن عمليات الحفر والمشاريع الاستراتيجية، كما هو الوضع حاليا في مناطق عديدة من صحراء الكويت مثل طريق العبدلي وكبد والصبية. ولكي تتشكل الظواهر الغبارية، تحتاج الرياح إلى تربة طينية أو رملية ناعمة جدا، على أن تكون شديدة الجفاف وعارية من الكساء الخضري. وبنظرة عالمية، نجد أن هذه الظروف تتوافر في عدة أقاليم، كالسهل الفيضي لنهري دجلة والفرات في جنوب العراق الذي يمثل مصدرا رئيسيا للغبار والأتربة التي تهب على الكويت.

وقد تسببت ظروف طبيعية في انتشار الغبار في المنطقة. فثمة أجزاء من سورية ومعظم الأراضي العراقية والكويتية والأجزاء الشمالية الشرقية من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من ايران تقع في منخفض كبير، يمتد في اتجاه شمال ـ غرب الى جنوب ـ شرق لمسافة تزيد على ألف كيلومتر، ويبلغ متوسط عرضه نحو 700 كيلومتر. ويمثل هذا المنخفض ممرا طبيعيا للرياح الشمالية الغربية، اذ انه مفتوح من جانبه الشمالي الغربي، وتنتشر على أرضيته المنخفضة كميات كبيرة من الرواسب المفككة الجافة تشمل الرواسب الفيضية من غرين ورمال دقيقة ورواسب السبخات، التي يسهل حملها بواسطة الرياح العالية السرعة لتشكل موجات غبار تتحرك في الاتجاه الجنوبي الشرقي.

وهناك أسباب بيئية، خصوصا هبوط مناسيب المياه الجوفية الضحلة الذي صاحب عمليات تجفيف الأهوار منذ تسعينات القرن الماضي، ونتج عنه جفاف الجزء العلوي من التربة الطينية بما عليه من غطاء نباتي، ما جعل عمليات الانجراف الريحي محمَّلة بكميات كبيرة من الغبار. كما أن للأنشطة العسكرية بشقيها التدريبي والقتالي دورا في تكسير التربة وتفكيكها وتدمير الغطاء النباتي، ومن ثم انتشار الأتربة والرمال في الجو عند هبوب الرياح القوية.


قياس كمية الغبار على الكويت

رصد معهد الكويت للأبحاث العلمية توزيع رواسب الغبار المتساقط على الكويت. وتم الرصد من خلال مصيدة الغبار في منطقة الشويخ من عام 1981 الى عام 2007. وقد أظهر تفاوتا ملحوظا من عام الى آخر، إلا أن 1984 و1989 كانا بمثابة علامة فارقة، اذ تم تسجيل أكبر كمية من الغبار المتساقط. وفي السنوات الأخيرة كان هناك ارتفاع ملحوظ للغبار خلال الفترة 2004 ـ 2007، وانعكس ذلك على عام 2008، مما ينبئ بارتفاع ملحوظ لمعدل الغبار الطبيعي في السنة الحالية.

ان المعدل الطبيعي لكميات الغبار المتساقط على الكويت هو 55 طنا في الكيلومتر المربع الواحد خلال السنة، مما يعني أن المجموع الكلي لكميات الغبار المتساقط على البلاد بمساحتها الإجمالية يقرب من مليون طن. وأظهرت النتائج تفاوتا ملحوظا بين المناطق في كميات الغبار المتساقط، فكان أعلاها في جزيرة بوبيان على المستوى المحلي، في حين سجلت محمية صباح الأحمد أدنى المعدلات. كما تبين احتواء الغبار المتساقط على الكويت على نسبة عالية من الكوارتز بلغت 44 في المئة، والكربونات بنسبة 41 في المئة، مما يجعله الأعلى عالميا في المساحة السطحية للحبيبات نتيجة وجود تجاويف في حبيبات الكربونات. كما يحتوي غبار الكويت على الطين بكميات كبيرة، خلافا للغبار الموجود في معظم دول العالم حيث يحتوي على كوارتز بنسب عالية مع نسبة قليلة من الكربونات.

لا يمكن أن ننهي حركة العواصف الغبارية والترابية والرملية، لكن من الممكن أن نقلل من تأثيرها بمكافحة أسبابها. ومن أهم الوسائل محاربة التصحر وزيادة الغطاء النباتي الذي يساهم بشكل كبير في تثبيت التربة ومنع انجرافها مع الرياح. وتضمن زراعة المساحات الخالية والمهملة عدم إثارة الغبار والأتربة فيها، ولقد تبين أن أكثر من 30 في المئة من الحبيبات المترسبة في المدن تأتي بشكل رئيسي من هذه المساحات.

ومن خلال مقارنة كميات الغبار المتساقط في مصائد الغبار التي وضعت قبل وبعد إنشاء الأحزمة الخضراء، تبين أنها انخفضت بمقدار 50 في المئة جنوب منطقة تنتشر فيها المزارع، كمدينة الجهراء، بالمقارنة مع كميات الغبار في شمالها أي في اتجاه الرياح السائدة (شمال ـ شمال غرب). كذلك يجب تشجيع الزراعة الملحية في مسطحات المد والجزر وفي السبخات، باعتبارها مصادر رئيسية للغبار.

العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً