توالت ورش العمل حول «المسؤولية البيئية للشركات: التحديات والفرص» التي عقدها المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) بالتعاون مع الشركات الأعضاء في المنتدى. فبعد ورشة بيروت، التي عقدت بضيافة «أفيردا»، انتقلت الورشة الى المنامة (برعاية شركة ألمنيوم البحرين ـ ألبا)، فالكويت (برعاية بتروفاك)، والظهران في السعودية برعاية التركي للخدمات البيئية، فعمّان برعاية أرامكس. وعقد اللقاء الأخير ضمن هذه السلسلة في أبوظبي في 22 حزيران (يونيو) بضيافة هيئة البيئة ومشاركة مجموعة الاستدامة.
ورش العمل المكثفة، التي طُرح فيها برنامج لاعتماد مبادرة «الاقتصاد العربي الأخضر»، جمعت مدراء تنفيذيين وهيئات من القطاع العام، وناقشت الجدوى الاقتصادية لجهود الاستدامة البيئية للشركات، وقدمت أطرا لدمج أهداف المسؤولية البيئية في استراتيجيات العمل.
وقال أمين عام «أفد» نجيب صعب: «هناك عدد متزايد من الشركات التي تأخذ المبادرات البيئية في الحسبان. وهذا يدل بوضوح على أن قوى السوق تدفع في اتجاه تحسين الأداء البيئي لدى الشركات». وأضاف: «ورش العمل هذه جزء من برنامجنا الخاص بالمسؤولية البيئية لقطاع الأعمال، وهي لمساعدة مدراء الشركات للتحول الى مؤسسات مسؤولة بيئيا، والتعلم كيف يبقون شركاتهم رابحة فيما هي تعمل بطريقة مستدامة بيئيا».
وأشار الدكتور حبيب الهبر، المدير والممثل الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، الى أن «البلدان العربية، مثل بقية العالم، تعاني تأثيرات الركود الاقتصادي التي تستدعي تدابير كفوءة وعاجلة». وقال حسين أباظة رئيس شعبة الاقتصاد والتجارة في يونيب ان «التباطؤ الاقتصادي اليوم يوفر لنا فرصة نادرة لاعادة توجيه طاقاتنا ومواردنا نحو التحول الى أنماط تنمية أكثر استدامة». ودعا الى «تحويل مخاطر البطالة والأمن الغذائي والمائي وتغير المناخ الى فرص خضراء».
وقد أظهرت معلومات عرضت في الورش أن المبادرات الصديقة للبيئة، خاصة في مجالات الطاقة والمياه وانتاج الغذاء، يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة يحتاجها العالم العربي. فالنمو السكاني السريع في المنطقة سيزيد الضغط على الوظائف والموازنات الوطنية اذا استمر العمل وفق الأساليب السابقة. ويضم العالم العربي مئة مليون شخص بين عمر 15 و29 سنة، أي نحو 30 في المئة من مجمل السكان، وهي النسبة الأعلى للشباب بين مناطق العالم. وتبلغ نسبة العاطلين عن العمل حاليا في هذه الفئة 25 في المئة.
مبادرة الاقتصاد العربي الأخضر التي يطلقها «أفد» قريبا، تقدم خريطة طريق عملية لمواجهة البطالة، بتركيزها على أنماط الاستثمار المستدامة في قطاعات منتجة تتطلب كثافة في العمالة. وقد حددت ورش العمل خمسة قطاعات رئيسية للنمو في هذا المجال، هي: الأبنية الخضراء الصديقة للبيئة، وسائل النقل المستدامة، كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، الزراعة العضوية والمستدامة، المياه العذبة. ومن الأمثلة على الوظائف الجديدة التي يمكن أن توفرها برامج الاقتصاد الأخضر، أن خطة بقيمة مئة بليون دولار لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في الأبنية والمدن الأميركية ستخلق مليوني فرصة عمل خلال أربع سنوات.
وأشارت تقارير الى أن تحديات الغذاء والأمن المائي ستتعاظم اذا استمرت المنطقة العربية في السياسات المعتمدة حتى الآن. ووفق البنك الاسلامي للتنمية، يفتقر 50 مليون شخص في المنطقة الى المياه المأمونة، بينما لا تصل الخدمات الصحية الملائمة الى نحو مئة مليون. في المقابل، من المتوقع أن يؤدي التحول الى سياسات اقتصادية خضراء الى ترشيد استخدام المياه ومساعدة المزارعين على الانتاج وتطوير مستوى المعيشة في المناطق الريفية. فالاستثمار في الزراعة المستدامة ومصادر المياه العذبة، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الى تقوية الزراعة العضوية، مع العلم أن سوق هذه الزراعة شهد نموا من 15 بليون دولار عام 1999 الى 46 بليونا عام 2007، كما أنه من المتوقع أن تنفق المنطقة العربية 200 بليون دولار على ادارة مصادر المياه العذبة بحلول سنة 2020.
وعرضت أرقام عن برامج الدعم الاقتصادي التي وضعتها دول العالم لمواجهة انهيار الأسواق، فتبين أن جزءا كبيرا منها تم تخصيصه لبرامج الاقتصاد الأخضر. وقد وصلت النسبة الى 80 في المئة في كوريا الجنوبية، و38 في المئة في الصين، و13 في المئة في ألمانيا، و25 في المئة في الولايات المتحدة. وهذا دليل على اتساع القبول بأن معالجة الانهيار الاقتصادي تمر عبر الاستثمار في البيئة. أدار ورش العمل مدير برنامج المسؤولية البيئية للشركات في «أفد» بشار زيتون. وهي اشتملت على عروض ومناقشات ودراسات حالة وتمارين جماعية. وسوف تثمر هذه الورش، التي دعمها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بتشكيل مجموعات متابعة وطنية لتنسيق نشاطات مستقبلية في إطار «مبادرة الاقتصاد العربي الأخضر» التي يتولاها «أفد» بالتعاون مع «يونيب» وشركاء اقليميين آخرين.
العدد 2507 - الجمعة 17 يوليو 2009م الموافق 24 رجب 1430هـ