عدد غير قليل من المهتمين بالشأن البحريني بشكل مباشر لا يشعرون بالسعادة من بعض الخطابات السياسية الحالية، وهي خطابات مطروحة في بعض أوساط المعارضة، ومطروحة لدى أوساط تحسب نفسها لصيقة ببعض الأوساط النافذة في الدولة، والخشية أن انتشارها واستمرارها يؤثران على العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الفئات المجتمعية بشكل سلبي، يبدأ بالتشكيك وينتهي بالعنف وعرقلة مساعي الإصلاح والتنمية وإعادة توجيهها إلى ما يشبه وضعية قانون أمن الدولة.

حاليا - ومع الأسف - فإن هناك البعض داخل المعارضة والبعض داخل السلطة ممن يتمنون أن تتدهور الأوضاع الأمنية في عدد من الأحياء السكنية، اعتقادا منهم أن ذلك سيفيدهم في تحقيق أهداف يصبون إليها. فبعض الأوساط في المعارضة تعتقد أن هذه الأحداث تخلق زخما متواصلا من الحركة، والتي تؤدي في النهاية إلى إحراج الحكم. وبعض الأوساط المحسوبة على جهات نافذة في الحكم تعتقد أن عودة التوتر يفيدها كثيرا لأن الوظائف والمزايا والهدايا والعطايا ستزداد وسيحصلون على مواقع متقدمة، تماما كما كان الوضع في أيام أمن الدولة.

الطرفان يستخدمان لغة تؤدي في النهاية إلى التصادم وإلى عرقلة الإصلاح وإلى خلق حال من الشك والريبة بحيث تنتهي كل المساعي التي تدعو إلى الوئام بين فئات المجتمع، وإلى الوئام بين الحاكم والمحكوم. وعليه، فإن الأخبار يتم تضخيمها من الطرفين، والإشاعات تلعب دورها بشكل مباشر في تأجيج النفوس، والغريب أن المتناقضين في المواقع السياسية يتفقون على ضرورة الاستمرار في هذا النهج السياسي الخاطئ.

يتعين علينا جميعا أن نضع لأنفسنا مستوى أعلى في الخطاب السياسي وذلك من أجل المحافظة على المكتسبات الوطنية من جانب، والتأسيس لتفاهم بين مختلف الأطراف تستقيم معه أمورنا بشكل أفضل. وهناك عدد من الأشياء في متناول أيدينا نستطيع من خلالها تحسين واقعنا السياسي. فالمشكلة التي تواجهنا حاليا ترتبط بموضوع «الثقة» أكثر من ارتباطها بأي موضوع آخر.

إن البحرين تستحق خطابا سياسيا جامعا يمكن من خلاله أن نقطع شوطا نحو معالجة المشكلات الأخرى... فالحكم الصالح يحتاج إلى المجتمع الصالح، والعكس صحيح، ومثل هذه البيئة لا تنمو إلا إذا تأسست العلاقات السياسية على أساس من الثقة المرتبطة بالعمل الجاد