يمكن أن يكون مشروع البيوت الآيلة للسقوط أحد الأمثلة الحية لغياب التخطيط والتنسيق بين مؤسسات الدولة وأكثرها وضوحا, فالمشروع الذي كان من المفترض أن يدخل الفرحة لآلاف الأسر البحرينية التي ظلت ولسنوات طويلة تعيش في منازل أشبه ما تكون بالخرائب نتيجة الفقر وضيق ذات اليد أصبح نقمة ومعاناة يومية تعيشها هذه الأسر.
حسب إحصاءات المجالس البلدية يصل عدد الأسر التي تنطبق عليها شروط القبول للمشروع 5000 أسرة بحرينية في حين لا يعرف تماما عدد الخرائب التي يسكنها المواطنون ممن لا تنطبق عليهم الشروط كالاستفادة من إحدى الخدمات التي تقدمها وزارة الإسكان أو أن يفوق راتب رب الأسرة 600 دينار وأن يكون لرب الأسرة عقار آخر ولا يهم إن كان هذا العقار «خريبة» أخرى.
حتى الآن لم يستفد من المشروع غير 300 أسرة فقط على مدى الثلاث سنوات الماضية في حين تم هدم ما يقارب من 800 منزل بعضها منذ ما يقارب السنتين ولم يتم البدء في إنشائها مرة مما جعل أصحابها مشردين ولا يعرفون متى سيتم إعادتهم لمنازلهم مرة أخرى.
المشكلة لم تقتصر على من هدمت منازلهم فهناك 140 أسرة أخرجت من بيوتها بطلب من المجالس البلدية أو وزارة البلديات المسئولة عن ملف البيوت الآيلة للسقوط ولم يدفع لها بدل الإيجار منذ بداية العام الحالي وحتى الآن مما جعل هذه العوائل معرضة للطرد من الشقق والمنازل التي استأجرتها بعد أن تراكمت عليها ديون الإيجارات المتأخرة للسبعة الأشهر الماضية.
ولا تتوقف المشكلة عند هذا الحد فحتى المقاولين المنفذين لعمليات الهدم والبناء لم يسلموا من هذه الكارثة ولم يستلموا حتى الآن مبالغ الأعمال التي قاموا بها لتصل مجموع المبالغ التي يطالبون بها وزارة البلديات إلى 24 مليون دينار في حين أن الموازنة المخصصة من قبل الدولة لا تتعدى العشرة ملايين دينار للعام 2009 ومثلها للعام المقبل 2010 ما يعني أن هناك نقصا بواقع 4 ملايين دينار.
الآن وقد وصل المشروع إلى طريق مسدود أصبح الجميع يتنصل من مسئوليته فالمجالس البلدية التي أمرت المواطنين بالخروج من منازلهم تقول إنما هي فعلت ذلك بأمر من وزارة البلديات وبموافقتها والوزارة تلقي باللوم على عدم وجود موازنات خاصة بالمشروع ويبقى المواطنون الذين شُرّدوا يتابعون التصريحات والوعود علّها ترجعهم لمنازل جديدة بدلا من الخرائب التي هجروها.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 2502 - الأحد 12 يوليو 2009م الموافق 19 رجب 1430هـ