خبران مترابطان انطلقا من العاصمة الإيرانية، طهران، يوم السبت 11 يوليو/ تموز 2009. الخبر الأول يتعلق بتقديم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مشروع قانون إلى مجلس الشورى الإيراني بشأن توقيع اتفاقية أمنية بين إيران والبحرين. أما الخبر الثاني فهو تصريح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي -أثناء لقائه وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي- «أن علاقات بلاده مع سلطنة عمان نموذج للعلاقات الطيبة مع جميع البلدان، وأن اتفاقا أمنيا بين البلدين معد للتوقيع عليه».
بالنسبة للاتفاقية الأمنية بين إيران والبحرين، فإنه تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الطرفين من قبل، ولكن الجديد هو طرحها كمشروع قانون أمام البرلمان الإيراني لتصديقها واعتمادها بشكل ملزم، مما يشير إلى توجه الحكومة الإيرانية لتنمية علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي وتهدئة المخاوف التي تثار بين الفينة والأخرى عن وجود أجندة إيراينة قد تستهدف أمن واستقرار المنطقة.
الاتفاقيات الأمنية المعروضة على البحرين تتعلق بعدة بنود، والمعلن عنه هو ما يرتبط بتجريم الاتجار بالبشر، ومنع سرقة الآثار والأعمال الفنية، ومنع الأنشطة الاقتصادية غير القانونية مثل تزوير وثائق رسمية، وتزوير المال وبطاقات الائتمان، وإنتاج وتخزين وتوزيع واستيراد وتصدير واستخدام وحيازة المخدرات غير المشروعة، وليس واضحا كيف ستتعامل الاتفاقية مع المطلوبين لأسباب أمنية أو سياسية.
وكان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني قد صرح بأن إيران مستعدة لإبرام اتفاقيات أمنية ثنائية أو جماعية مع دول الخليج، مشيرا إلى وجود اتفاقيات اقتصادية واسعة مع أغلب دول المنطقة.
وقال لاريجاني في مؤتمر صحافي في المنامة في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 أن بعض الدول تقوم بتخويف بلدان المنطقة. وأضاف أن إيران مستعدة لتقديم ضمانات أمنية واقتصادية لدول الخليج، وتسعى إلى إقامة علاقات تقارب وتفاهم مع جميع الدول، وخاصة دول الجوار. وأكد حينها أن سياسة إيران تجاه دول المنطقة واضحة وليست بحاجة إلى شرح أو تفسير «إننا كمسلمين لدينا مصالح مشتركة ومصير واحد، لذا فإن دول المنطقة لا تواجه أي تهديد من جانب إيران».
وفي 25 ديسمبر/ كانون الأول 2008 التقى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة نظيره الإيراني في طهران، ووافقت حينها كل من إيران ومملكة البحرين على استمرار العمل بـ»الاتفاقية الأمنية الموقعة بينهما منذ خمسة أعوام». وذكر التلفزيون الإيراني بمناسبة اللقاء أن «وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ونظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وقعا اليوم مذكرة تفاهم تنص على تمديد العمل بالاتفاقية الأمنية الموقعة بين بلديهما لخمسة أعوام مقبلة». وأوضح التلفزيون أن «الاتفاقية تنص على التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والجرائم المنظمة وكذلك تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة التعاون الأمني بينهما». واعتبر متقي أن تمديد مذكرة التفاهم هذه بعد مضي خمسة أعوام على توقيعها من قبل الجانبين بأنه مؤشر على «العلاقات الجيدة التي تربط إيران بمملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي».
كما التقى الشيخ خالد بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في طهران (بعد تمديد العمل بمذكرة التفاهم)، وأكد أحمدي نجاد «أن رسالة الشعب الإيراني إلى شعوب المنطقة والعالم كانت وستظل رسالة الصداقة والأخوة وبما يضمن مصالح الشعوب». وأشار أحمدي نجاد خلال لقائه الشيخ خالد بن أحمد بن محمد ال خليفة إلى «تنامي العلاقات بين بلاده والبحرين مؤكدا ضرورة اضطلاع دول المنطقة بحل قضاياها وفي أجواء تسودها الصداقة والأخوة».
ومن جانبه وصف وزير خارجية البحرين علاقات المنامة وطهران بأنها أخوية مؤكدا أن البحرين «مؤيدة لإيران ومساندة لها في أي وقت»، واصفا تطوير وتعزيز التعاون بين البلدين بأنه «عامل مهم وأساسي لأمن المنطقة».
وكانت القيادة الإيرانية قد استفسرت حينها عن الاجتماع الذي عقد في نيويورك في نهاية العام الماضي وضم أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي مع ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا بأن ذلك الاجتماع «ليس موجها ضد إيران بل هو لمصلحة إيران نحن أشقاء إيران نحن أصدقاء إيران ونحن دائما سنكون موقف السند لإيران في أي جانب، فحضرنا الاجتماع وبينا وجهة نظرنا وليس هناك أي شيء أو أي شيء سلبي في هذا الاتجاه». وكانت تقارير قد أشارات إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس قد سعت من خلال ذلك الاجتماع الذي اعتبر الأول من نوعه للحصول على إجماع خليجي يعلن بأن ايران هي العدو الأول لهم في المنطقة وليس «إسرائيل».
وكانت العلاقات بين البلدين في صعود وهبوط، وكان آخرها سلسلة من التصريحات المسيئة لسيادة البحرين بدأت في 2007 على لسان مدير صحيفة «كيهان» حسين شريعة مداري، وهدأت المشكلة، لكنها سرعان ماعادت في نهاية العام 2008، عندما عادت التصريحات المسيئة، ولم تهدأ إلا بزيارة أخرى لوزير الخارجية الإيراني إلى المنامة، تبعتها زيارة وزير الخارجية البحريني إلى طهران، تم تمديد العمل بمذكرة التفاهم حول القضايا الأمنية بين البلدين، والتي يؤمل أن تتحول إلى اتفاقية مصادق عليها من قبل البرلمان الإيراني خلال الفترة الحالية.
العدد 2502 - الأحد 12 يوليو 2009م الموافق 19 رجب 1430هـ