قال نزار قباني في قصيدته "جريمة شرف أمام المحاكم العربية" متحدثا عن تشبه الفتيات بالرجال
... وفقدت يا وطني البكارة
لم يكترث أحد...
وسجلت الجريمة ضد مجهول، وأرخيت الستارة
نسيت قبائلنا أظافرها،
تشابهت الأنوثة والذكورة في وظائفها،
تحولت الخيول إلى حجاره...
لم تبق للأمواس فائدة...
ولا للقتل فائدة...
فإن اللحم قد فقد الإثاره...
إن أغلب المصادر التاريخية تشير إلى أن الشذوذ الجنسي بين النساء ظهرقديما منذ الجاهلية الأولى إلا أن التوثيق لم يكن مهتما بهذه الظاهرة، إلى أن وثقت المصادر التاريخية وجود الشذوذ الجنسي بين الفتيات في العصر العباسي، بعد إشاعة اللهو والمجون والميوعة فيه، خصوصا بعد أن سبقه إشاعة الشذوذ بين الرجال، كما هو معروف تاريخيا بأن الخليفة المأمون كان مولعا بصبيه الذي كان يؤثره على زوجته، كما يمكننا أن نشير على سبيل المثال لا الحصر، إلى شعر أبي نواس الذي يصف ولعه وشغفه بأحد غلمانه. إذا، الشذوذ الجنسي بين النساء ليس وليد العصر الحديث في عالمنا العربي، بل تنحدر جذوره إلى نهاية العصر الأموي وبلوغه أوجه في العصر العباسي، وبالتالي فإنه ليس غريبا على مجتمعاتنا العربية كما يردد البعض، بل تعدى ذلك في عصرنا الحالي إلى اعتراف بعض الكنائس الغربية بشرعية ارتباط الأنثى بالأنثى، مع تزايد وجود جمعيات تحمي الشذوذ بشكل عام وشذوذ الفتيات بشكل خاص.
وللإحاطة بتصرفات "البويات" فإنهن يتشبهن بالرجال في مشيهن، وتسريحة الشعر الرجالية، إلى أن تذهب بعضهن إلى تربية الشعر في منطقة الشارب واللحية بحلقها بشفرة الحلاقة الرجالية لتكاثف ظهور الشعر، ويلبسن ملابس رجالية ويكوّن علاقات مع فتيات يطلق عليهن اسم "البنوتة" وقد شهدت إحدى المدارس في البحرين حالة زواج بين إحدى البويات بعد تبادل خواتم الزواج والإعداد لحفل الزواج، كما أخذت هذه المشكلة بالانتشار في المدارس إلى أن أطلق عليها بعض التربويين والاختصاصيين النفسيين بالظاهرة.
حينما كنا صغارا كنا نتوق إلى معرفة الأسرار التي يعيشها أقراننا من الأولاد، فهم يحظون بمساحة من الحرية في التحرك واللعب لا تحظى بها الفتيات خصوصا في مجتمعاتنا الخليجية وعموما في مجتمعاتنا العربية، إلا أن عالم الفتيات اليوم بات حافلا بشتى صنوف الأسرار والسلوكيات التي لم تعد قصرا على جنس دون غيره، فسلوك (البويات) أو المسترجلات والذي يقابله (المتشبهات بالنساء) أو المثليين أو أي مصطلح آخر أصبح حديث الناس في المقاهي والمجالس وعلى أجهزة الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، إلى أن انتقل إلى قبة البرلمان البحريني الذي يعد أول برلمان عربي يناقش هذا الأمر، إذ نشرت جريدة العهد البحرينية في عددها الصادر بتاريخ 21 فبراير/شباط 2007 التالي «يكون مجلس النواب البحريني أول برلمان عربي يناقش تلك الظاهرة التي تحوّلت إلى مادة خلاف بين النائب البرلماني عبدالله الدوسري ووزارة التربية والتعليم»، بل وأصر وزير التربية الدكتور ماجد النعيمي في ذات السياق على أن الوزارة ترفض إطلاق لفظ "ظاهرة" على تلك المشكلة، إذ إن مفهوم الظاهرة يشير إلى تفشي المشكلة واستفحالها، الأمر الذي ينافي الواقع بحسب زعم الوزارة، وفي هذا الشأن يقول مدير إدارة الخدمات الطلابية - جاسم حربان وهي الإدارة المعنية بمتابعة شؤون الطلبة النفسية والاجتماعية والمهنية: «ما هو المعيار الذي يجعلنا نعتبر مشكلة محددة ظاهرة؟ وهنا أتحدث بشكل علمي وهو الشكل الذي يرفض تسمية الأمور بغير أسمائها أو التعميم غير المفيد، فالظاهرة تطلق على سلوكيات تقوم بها مجموعة كبيرة من الناس منتشرة على نطاق معروف إحصائيا وليس لحالات فردية متفرقة، والمشكلة تبدأ عندما نطلق على حالات محدودة أو حتى ملموسة اسم ظاهرة، فكلمة الظاهرة تشعرنا بالخوف لأن معناها وجود حالة واسعة وخطيرة تهدد سلامة السلوك والقيم بالمدارس مثل الأوبئة التي تستدعي الاستنفار». وتشاطر الحربان أيضا بعض مديرات المدارس، إذ صرحّت احداهن بالقول: «هناك حالات في المدارس، ولكنها قليلة، وترتبط غالبا بالسلوك مثل تسريحة الشعر ووضع العطر الرجالي، وتعالج هذه الحالات عبر التوجيه والاتصال بوليّ الأمر، إلا أن واقع المنتديات وشهادة الفتيات في المدارس يقول عكس ذلك، إذ تقول إحدى الطالبات: "في صفنا بس خمس بويات، وهم منتشرين في كل مكان... لكن إدارة المدرسة لا تستطيع عمل شيء». وهذا الحديث ترمي إليه فيض الشرقاوي أخصائية اجتماعية في ندوة خاصة عن البويات بمجلس التيتون النسائي بتاريخ 26-4 -2007، إذ تؤكد أن المشكلة تتفاقم حاليا بسبب عدم تعاون غالبية إدارات المدارس عموما ووزارة التربية والتعليم خصوصا، إذ إن إدارات المدارس تنفي وجود "البويات" في مدارسها وكذلك وزارة التربية، وقد شدد وزير التربية والتعليم في تصريح سابق على أن 'البويات' حالات شاذة وليست ظاهرة، معتبرا تهويل الموضوع مزايدة لا تخدم التربية والتعليم، وقال: «نحن نحرص على التربية الدينية وزدنا حصص التربية الإسلامية في التعليم الثانوي» -نشر في جريدة الوطن البحرينية الموافق الثلاثاء 8 مايو/أيار 2007 - العدد (513) .
مع العلم أنه تم علاج (4-5) حالات جنس ثالث معظمهم من المدارس الثانوية كما نشر بجريدة الوسط بتاريخ 27 فبراير/شباط 2007 العدد (1635) على لسان اختصاصي أول إرشاد نفسي بإدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم -خالد محمود السعيدي الذي قال "إن وزارة الصحة عالجت بين 4 و5 حالات لطلاب يعانون من اضطرابات الهوية أو ما يسمون بالجنس الثالث خلال عام ونصف العام معظمهم في المرحلة الثانوية، وقال إن معالجتهم تمت بشكل جيد".
إلا أن المستغرب حقا هو عدم وجود دراسة علمية تفيد بإحصائيات معينة، إذ ان الطالبات بمختلف المراحل الدراسية يؤكدن تزايد الحالات ووزارة التربية والتعليم تعتبرها حالات فردية وهو الأمر الذي حدا بالنائب عبدالله الدوسري أن يقول في هذا الشأن «اجتمعت بالكثير من المتضررات من هذه الممارسات واستمعت إلى قصص تشيب لها رؤوس الولدان وعلى الرغم من محاولة جهات ذات اختصاص بهذا الموضوع في تقديم مساعدتها في العلاج وتقديم المحاضرات والندوات التي تساعد في القضاء على هذه الممارسات، إلا أن جميع هذه المحاولات تواجه بالرفض من قبل وزارة التربية».
بين تجاذب «البويات» في الصحافة وتصعيدها إلى البرلمان بتوجيه مسؤولية زيادتها إلى وزارة التربية أو إدارات المدارس، البويات مسؤلية من؟ تقول إحدى المدرسات في مدرسة ثانوية: "كلما دخلت الفصل، رأيت إحدى الطالبات تتعمد رفع زيها المدرسي لتكشف عن ملابسها الداخلية ، وحين أنصحها بعدم فعل ذلك تقول نحن بنات مع بعضنا البعض ولا عيب في ذلك،بل وتتعلل أحيانا بحرارة الجو، في حين أن بعض الطالبات يؤكدن أنها تقوم بهذا الفعل في الفسحة المدرسية، لتجتذب بعض البويات إليها، بينما تحكي منى (مدرسة في مدرسة ثانوية أخرى) أن بعض الطالبات في الفصل أبدين إعجابهن الشديد بقوامها الرشيق بعبارات مخدشة للحياء، مما حدا بها إلى أن تلبس العباءة السوداء في المدرسة دائما بدل ارتدائها ملابس عادية قائلة: "أصبحت أخشى من نظراتهن غير البريئة، في حين تقول ليلى (مدرسة أيضا بمدرسة ثانوية) إن بعض الطالبات (البويات) يأتين في اليوم المفتوح مع أمهاتهن وهن يرتدين ملابس رجالية ومتشبهات بالرجال دون أدنى خجل. وفي تصريح سابق لعضو كتلة المنبر الوطني الاسلامي محمد خالد قال: "يلقى اللوم في مثل هذه المشكلة على الأسر الغافلة عن هذا الأمر، وفي حال اكتشفت الأسرة وجود خلل معين لدى الطالبة فمن واجب الطالبة أن تبلّغ إدارة المدرسة"، ولم يغفل خالد مسئولية إدارة المدرسة التي يجب أن تتابع الموضوع باهتمام قبل استفحاله ووقوع ما لا تحمد عقباه. ورأى خالد أن المسئولية الكبرى تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم على اعتبار أنها المعنية بالتربية قبل التعليم، داعيا الوزارة إلى فتح تحقيق عاجل وعدم التستر على أية نتيجة يتم اكتشافها من خلال هذا التحقيق للرأي العام، مع ضرورة إنزال العقوبات بمن يستحقها، وحذر خالد من خطورة ازدياد المشكلة في حال عدم التدخل لإيجاد حل لها.
أما النائب سيدجميل كاظم عضو كتلة الوفاق الإسلامية فقال: "إن إثارة مشكلة (البويات) وطرحها في البرلمان ليس موضوع مزايدة عليه، إنما يمكن القول أن المزايدة كانت في الأسلوب، إذ لا يمكن أن نحمل وزير التربية والتعليم المسؤلية وحده، لكنه يتحمل جزءا منها؛ لأن وزارته لا تعنى بالتعليم فقط، بل بالسلوك التعليمي والتربوي، وأضاف أنه من الظلم تحميل الحكومة مسئولية البويات، إنها مسؤلية مجتمع، فالبيت مسؤول ومؤسسات المجتمع مسؤولة وعلماء الدين وعلماء النفس والاجتماع والإعلام والصحافة والجامعات، أي من مداخل مختلفة في المجتمع، وأشار إلى أن البرلمان قد يستدعي وزير التربية ووزيرة التنمية الاجتماعية ووزير الإعلام المسئول عن بث بعض البرامج، ومسؤولي الشباب والرياضة، ليسألهم ماذا قدمتم لشباب البحرين، وعقب قائلا: "لماذا وزير التربية هو المعني الوحيد؟ أليس الإعلام اليوم يلعب دورا كبيرا في تأطير ثقافة الشعوب، وبث الغث والسمين؟ فالكل مسئول وعليه العمل.
وقد علق النائب عادل المعاودة عن سبب صعود البويات إلى البرلمان قائلا: مجلس النواب جهاز أساسي في المجتمع مهمته مهمة رقابية على أجهزة الدولة، ومعالجة أي قضية مجتمعية بطريقة لا تؤدي إلى إشهارها من منطلق "إنكار المنكر لا يؤدي إلى منكر أكثر منه"، وإذا كانت الجهات المعنية لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة، فما على البرلمان كجهاز رقابي إلا أن يتحرك ليعدل مواقع الخلل، وأضاف أن المسؤلية في ظهور هذه الحالات والحد منها مشتركة بين مثلث معروف وهو (المنزل-الإعلام-وزارة التربية) مشيرا إلى الإجراءات التي يجب أن تتخذها إدارات المدارس بجدية نحو هذه الحالات.
أما في تصريح سابق نشر في الوسط بتاريخ 15 مايو/أيار 2007 قالت مديرة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية والتعليم وداد الموسوي إن «مجمل ما نشر في الآونة الأخيرة عن هذا الموضوع يفتقر إلى الدقة»، إذ أكدت الوزارة أكثر من مرة خلو مدارسها من الانحرافات السلوكية الخطيرة، وأن الحالات الفردية المحدودة من المخالفات السلوكية تخضع للمتابعة والمحاسبة والمعالجة ضمن أنظمة الوزارة وفي إطار تربوي، وأن لائحة الانضباط المدرسي تغطي بشكل كامل الحالات والمخالفات كافة، وأضافت مؤكدة أن المدارس بها من الآليات والأنظمة ما يكفي لمواجهة الانحرافات السلوكية الطارئة التي ترتبط في أكثر الأحيان بتحولات مرحلة المراهقة، وتتم السيطرة عليها بالتوجيه والنصح والإرشاد والتأديب بالتعاون مع أولياء الأمور، وأن حالات الانحراف السلوكي الكبيرة يتم التعامل معها بالصرامة اللازمة وتصل إلى حد الحرمان من الدراسة النظامية من المدارس الحكومية بشكل نهائي، وقد يتم تحويل الخطير منها إلى الجهات المختصة بالدولة، مؤكدة أن الوزارة ليس من مهمتها التشهير بهذه الحالات.
تقول أستاذة الاجتماع بجامعة البحرين سوسن كريمي: "أما التفسير النفسي فلا أستطيع أن أقدمه لأن ذلك ليس من مجال تخصصي، وعلى العموم لا يجب أن يقتصر التفسير على الجانب النفسي، بل يفترض أن يشمل كل جوانب الثقافة المحلية إلى جانب آثار العولمة على الثقافات المهمشة، أما بالنسبة لمسئولية من هؤلاء فمن غير المنطقي أن يتحمل وزيرالتربية والتعليم مسؤلية هذه الظاهرة، إذا أجزمنا بأنها وصلت لمرحلة أنها أصبحت ظاهرة، بل من السخف والجهل أن نعمل ذلك، المسؤلية مناطة بالمجتمع ككل وإن كان يتحتم على وزارة التربية والتعليم القيام بدراسة الموضوع عن طريق تشكيل لجنة من المختصين لتحديد ودراسة الظاهرة، ومن ثم طرح المقترحات. وذلك لأن الوزاة هي إحدى المؤسسات الأساسية المختصة بالتربية ويفترض أن تمتلك الإمكانيات العلمية لدراسة المشكلة، أما ما يخص الإجراء التأديبي لهذه الحالات فالعقاب ليس حلا، بل قد يؤدي إلى عواقب غير حميدة، اللجوء إلى الفصل يكون كمن يدفن رأسه في التراب كي لا يرى ما لا يبتغيه ويخافه، أعود مرة أخرى وأقول إن كان هناك صحة فيما يقال فالوضع إذن يتطلب شجاعة و واقعية في الطرح".
وتضيف: "إن حاسبنا المجتمع فكيف سنحاسب العالم؟ نحن نعيش الآن في ما يسمى بالقرية العالمية أي ما يحدث في آخر أرجاء العالم قد يكون له أثر علينا، والحل هو دراسة للواقع، معرفة أسباب المشكلة وتوفير السبل السليمة للتعامل والعلاج بدل اللجوء إلى العقاب والنفي الاجتماعي، ولنتذكر أننا نتكلم عن أبنائنا، فلذات أكبادنا وليسوا مخلوقات من كوكب آخر أو أبناء أناس ليس لنا بهم أى صلة. علينا أيضا مراجعة ثقافتنا والتناقضات التى نفرضها على هذا الجيل من التوقع بالالتزام بالمواريث، وفي نفس الوقت مواكبة متطلبات العصر، نحتاج أن تكون لنا مواقف واختيارات واعية مما تفرضه علينا الظروف والتغيرات والعولمة.
وقد أكدت فيض الشرقاوي (أخصائية اجتماعية) أن أحد الأسباب التي ساهمت في انتشار هذه الحالات هي عرض مسلسل خليجي - وهو مايؤكده الكثير من الفتيات على صفحات المنتديات - مشيرة إلى أن هذه الحالات كانت موجودة بشكل قليل لكنها انتشرت بعد عرض المسلسل، كما أشارت إلى أن بعض الأهالي يلعبون دورا كبيرا في تحول الفتاة إلى "بوية" إذ إنهم لا يهتمون بقصة شعر الفتاة أو لبسها، ناهيك عن أن بعض الأسر تقوم بمناداة الفتاة باسم شاب، ما يجعل فرصة التحول إلى "بوية" سهلة عند بعض الفتيات، موضحة أنه في السابق عندما يقمن الفتيات بالجلوس مع بعضهن داخل الغرف كان الأمر طبيعيا إلا أنه يعد الآن أمرا مرعبا يجب على أولياء الأمور الانتباه إليه.
وأضافت أيضا على صعيد متصل بأسباب وجود بعض الحالات إلا أن انشغال الوالدين وضغوط الحياة هي سبب من أسباب انتشار هذه الظاهرة، مؤكدة أنه يجب على أولياء الأمور تعليم الفتاه منذ الصغر الفرق بين لمسة البنت العادية ولمسة البنت التي تخفي وراءها أمرا آخر، وطالبت الشرقاوي إدارة المدارس بالتعاون مع الاختصاصيات اللاتي أصبح دورهن في المدارس مهمشا بصورة كبيرة، مشيرة إلى أن التعاون مع الاختصاصيات سيحل جزءا كبيرا من المشكلة كما على أولياء الأمور بالتكاتف مع إدارة المدارس حتى يتم وضع حد لمشكلة البويات، مؤكدة أن على أولياء الأمور عند كشف إحدى بناتهم تتصرف مثل البويات فعليهم إرسالها إلى قسم تعديل السلوك في مستشفى الصحة النفسية، مضيفة أن هذا القسم لا يبعث على الخجل بل سيساعد على تقويم سلوك الفتاة وتفادي حدوث مشكلة أكبر.
وتضيف عائشة الشيخ (الاستاذة بكلية العلوم الصحية) أن مسئولية الأهل والأسر مسئولية كبيرة إذ إن بعض الأسر دائما تفترض حسن النية في تعاملها مع أبنائها مضيفة أن هذا الحديث لا يعني سحب الثقة من الأبناء لكن الحذر واجب، معلقة أن بعض الأسر المنفتحة إذا رأت نوعا من هذه السلوكيات تعتبره قوة في الشخصية، وتشير إلى أنها من خلال تعاملها مع بعض الحالات المباشرة التي أحيلت إليها بعد شكوى الأهل من ملاحظة الشذوذ على فتياتها والتي لا تعرف إلى أين تلجأ، إذ أن أغلب مكاتب الإرشاد الأسري التي تم فتحها والتعامل معها من قبل الجمعيات أو المؤسسات لا تعدو كونها قناة لحل المشاكل والعلاقات الزوجية ولا توجد مكاتب إرشاد نفسي متخصصة في هذا المجال إلا عبر مستشفى الطب النفسي، وكلنا يعرف حساسية المجتمع من عيادة الطب النفسي والنظرة الاجتماعية الخاطئة، مضيفة أن بعض المختصين للأسف يعزفون عن متابعة هذه الحالات ومعايشة الواقع ويختفون وراء الدراسة الاكاديمية.
بعد هذا العرض المفصل عن منشأ هذه الحالات التي تعرف (بالبويات) وتنقلها من أروقة المدارس والجامعات إلى أجهزة الإعلام المختلفة وداخل قبة البرلمان وبين مسؤلية الأفراد والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمختصين، لا بد أن تكون هناك إضاءات إرشادية نوجزها فيما يلي:
- عدم التكتم على السلوكيات المنحرفة داخل المدارس، ومحاولة رفع هذه الانحرافات ومنها مشكلة (البويات) إلى متخصصي وزارة التربية والتعليم، ليقوموا بدورهم على أكمل وجه من خلال سن مناهج تعليمية كفيلة بمعالجة بعض هذه القضايا.
- عمل برامج إعلامية طويلة المدى والمفعول ترصد المشاكل الاجتماعية وتعالجها ليقوم الإعلام بدوره التوعوي الفعال من خلال التكرار والطرح الجيد، وقد تمت مناقشة هذا الموضوع في برنامج هذا المساء (البحريني) الذي يقدمه سامي هجرس بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2008 .
- استحداث وظيفة مرشد نفسي داخل المدرسة متواجد مع المرشد الاجتماعي ليعملا معا يدا بيد للتعامل مع السلوكيات الاجتماعية المنحرفة، وهو ما أكدته الشيخ إيمانا منها بأن اختصاص المرشد الاجتماعي يكون ناقصا من ناحية العمل بدون المرشد النفسي.
- الرجوع إلى مبادئ الدين الإسلامي وغرس المثل والأخلاق في فكر الأهل قبل الأبناء عن طريق دور رجال الدين ومحاضراتهم والمرشدين الاجتماعيين.
- إنشاء قنوات استشارة نفسية خارج مستشفى الطب النفسي ملحقة بالمراكز الاجتماعية والمراكز الإرشادية الأسرية لتتكاتف الجهود في وضع حلول أفضل.
وختاما حاولنا من خلال هذا التحقيق أن نرصد ما قيل عن "البويات" من داخل فئات المجتمع مرورا بالصحافة ووصولا إلى البرلمان، لكن لن نقول كما يكرر البعض نحن مجتمع محافظ له عاداته وتقاليده وهذه سلوكيات غريبة على مجتمعنا، فلم تعد هذه الجملة مطلقة في مجتمع يعيش الانفتاح بكل صوره الإعلامي والاقتصادي والثقافي، ونفي وجود هذه السلوكيات لايعني عدم وجودها أصلا وإلزامية البحث عن أسبابها ودراستها ووضع الحلول لها يصب في صالح المجتمع فالمعنيون هم فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض.
العدد 2439 - الأحد 10 مايو 2009م الموافق 15 جمادى الأولى 1430هـ