قبل ثلاثة أيام قال محافظ نينوى الواقعة شمالي العراق أثيل النجيفي إن قوات البيشمركة الكردية منعته من دخول إحدى المناطق التابعة لمحافظته، ودعا النجيفي بعد يومين على تلك الحادثة رئيس الوزراء العراقي إلى إرسال قوات حكومية لتحل محل القوات التابعة لإقليم كردستان، وهو الطلب الذي يواجه رفضا كرديا.
نينوى ومركزها الموصل، هي ثاني أكبر محافظة عراقية من حيث التعداد السكاني بعد العاصمة (بغداد)، وهي مكونة من خليط طائفي وعرقي. ومعظم الكيانات السياسية المشاركة بالعملية السياسية والمعارضين لها يشعرون أن لهم حصة في هذه المحافظة، ففيها العرب (معظمهم قبائل سنية)، والأكراد (سنّة)، والتركمان (سنة وشيعة)، والشبك (شيعة وسنة)، واليزيديون (يتكلمون الكردية ولهم ديانة خاصة)، بالإضافة إلى المسيحيين.
وتعيش كل هذه المكونات صراعات قومية واستقطابات سياسية أحد محاورها الخلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، حيث تدعو الأخيرة إلى استقطاع 16 وحدة إدارية من المحافظة وضمها إلى إقليم كردستان باعتبارها من ضمن «المناطق المتنازع عليها».
بالمقابل يرفض العرب اقتطاع هذه الوحدات ويعدونها من ضمن الحدود الإدارية الأصيلة لمحافظة نينوى منذ التوزيع الإداري للدولة العثمانية وحتى الآن، وإن وصف «المناطق المتنازع عليها» لا ينطبق على هذه المناطق، لا بل يرون أن الأنظمة السابقة التي حكمت العراق قضمت من المحافظة مناطق ووحدات إدارية ومنحتها إلى محافظة دهوك «دون وجه حق».
وهكذا تفاقمت الأزمة أكثر بين الطرفين وخصوصا بعد أن دعمت حكومة كردستان قرار مسئولي الوحدات الستة عشر «المتنازع عليها» بعدم الانصياع لقرارات مجلس محافظة نينوى ومحافظها ما لم تمنح كتلة نينوى المتآخية الكردية (12 مقعدا من أصل 37 عدد مقاعد مجلس المحافظة) على منصب رئيس مجلس المحافظة ونائب المحافظ، الأمر الذي ترفضه كتلة «الحدباء» العربية الفائزة بغالبية الأصوات (19 مقعدا).
وفيما يدافع الأكراد وكتلتهم «نينوى المتآخية» عن ضرورة مشاركة الفائزين والخاسرين في إدارة المحافظة، ترى كتلة «الحدباء» العربية أن من حق الناخب أن يرى الفائز والخاسر قد نالا استحقاقهما الانتخابي.
وبغض النظر عن صواب أو خطأ الرأيين، فإن هناك تحشيدا قوميا تعيشه نينوى طرفاه القوميون من العرب والأكراد، وهي نتيجة حتمية لسياسات ست سنوات خاطئة بدأت بدخول قوات البيشمركة الكردية مع القوات الأميركية وسيطرة الأكراد على محافظة نينوى التي يمثل العرب ثلثي سكانها وهو الحافز الذي كان وراء مشاركة عربية كثيفة في هذه الانتخابات، فاقت معدل المشاركات بين كل المحافظات العراقية. والهدف كان واضحا، وهو إعادة التمثيل الانتخابي الصحيح، والانتصار لكتلة أقل ما كانت توصف به قبل الانتخابات أنها رفعت شعار إنهاء ما قيل «احتلال البيشمركة لنينوى»!
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2439 - الأحد 10 مايو 2009م الموافق 15 جمادى الأولى 1430هـ