لم أتعود الكتابة في أي موضوع من أجل الكتابة لكنني وجدت نفسي مرغما للكتابة نظرا لأهمية الزيارة التي قمنا بها لجلالة الملك المفدى في عصر يوم الثلثاء الموافق 10 مارس/ آذار 2009 والتي تكتسب أهمية كبيرة حيث تتزامن مع مرور عشر سنوات لتقلد جلالته مقاليد الحكم في مملكتنا الحبيبة وتحمل المسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقه.
لقد كانت الزيارة لجلالة الملك المفدى ذات مغزى كبير وأثر جميل، وقد كانت توجيهات جلالته بناءة ومؤثرة وذات أبعاد عميقة وتصب في مصلحة الوطن والمواطنين إذا ما نفذت على أرض الواقع وأرجو أن توجه للمسئولين كل حسب موقعه بما في ذلك الآباء والأفراد لتنفيذ هذه التوجيهات والتي تتلخص فيما يلي من وجهة نظري:
1 - تطوير البحرين في كل المجالات والتي تشمل النواحي العمرانية، البنى التحتية والأهم من ذلك الاهتمام بالإنسان البحريني وتطويره ليتسنى لكل مجتهد بأن يأخذ دوره في بناء نفسه والحصول على الفرصة الملائمة للمساهمه الفعالة في بناء الوطن.
2 - المحافظة على الطابع البحريني المتميز في التعامل بين أفراد المجتمع والذي ينبع من أصالة البحرينيين وعراقتهم وما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم لتنعم مملكة البحرين وأهلها بروح التعاون البناء والعمل كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
3 - شدد جلالته على الاهتمام بقطاع الشباب وتطويرهم وإيجاد فرص العمل المناسبة لهم لما لذلك من أثر في تنمية وتطوير المجتمع البحريني وتأهيلهم ليتبوأوا مواقع قيادية في المملكة إلا أنه شدد على أن تكون الأعمال ذات مردود إيجابي وإنتاجي للبلد مع أهمية الأعمال الخدماتية.
4 - المحافظة على التلاحم والوحدة بين أبناء البحرين والتي تبدأ من الاهتمام بالأسرة فردا فردا ومن ثم الجيران والمجتمع مما ينعكس على المملكة ككل.
5 - أشاد جلالته بما تتمتع به مملكة البحرين وشعبها من تقدير واحترام من جميع الدول، حيث الإطراء والمديح للبحرينيين أينما ذهبوا ولأي غرض كان سواء للدراسة، عمل، سياحة أو علاج حيث يتمتعون بدماثة الخلق وحسن التعامل وهذه الأخلاق نفتخر بها كما يقول جلالته ويشدد على وجوب المحافظة عليها.
6 - تطرق جلالته إلى حرية التعبير وركز على أهميتها ودعا الجميع للمساهمة في كيفية تطويرها ودعمها عن طريق القنوات القانونية وأشاد هنا بصحيفة «الوسط» ورئيس تحريرها منصور الجمري ودعا للاستفادة مما تمنحه الصحيفة ورئيس تحريرها من مساحه واسعة من الحرية لطرح ما يختلج في أذهان أفراد المجتمع وما يريدون أن يوصلوه للمسئولين في المملكة بما في ذلك القيادة العليا وجلالته على وجه الخصوص.
لعمري إن التوجيهات والتوضيحات التي أطلقها جلالته هي خلاصة ما يصبو إليه أبناء البحرين وإذا ما وضعت خطة شاملة لتنفيذ توجيهات جلالته سنرى إنجازات شاملة على جميع الأصعدة ورضا أغلبية البحرينيين على مختلف مستوياتهم.
لكن أين تكمن المشكلة؟
قبل أن أبين بعض المشكلات التي نواجهها في البحرين أود أن أسلط الضوء على المحافظة الشمالية التي كنا نمثلها في زيارتنا لجلالة الملك والتي تتلخص بما يلي:
بداية أود أن أتقدم بالشكر للمحافظ لإعداده المنظم للزيارة، ولو كنا نتمنى أن نرى كلمة صريحة لممثل أهالي المحافظة الشمالية لإطلاع جلالة الملك على معضلات المحافظة مع رؤى الأهالي لحلها، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لحل مشكلاتنا متخذين منهج الصراحة والأسلوب الحضاري والمنطقي لمعالجتها. لذا قد نرى أن طرح بعض هذه المشكلات عن طريق صحيفة «الوسط» الغراء التي أشاد بها جلالته آملا أن تقرأ بروية وبقلب كبير كما عودتنا قيادتنا الحكيمة وكما نعرف عن جلالة الملك الذي خبرنا تعامله مع الجميع - عندما كنا نحظى بلقاء جلالته ونشترك في مباريات بكرة القدم قبل سنين طويلة - بمنتهى الإنسانية والأخلاق العالية التي تفوق الوصف ولقد لمست ذلك أيضا أثناء زيارتنا لجلالته.
تقع المحافظة الشمالية جغرافيا على معظم الشريط الساحلي شمالا والساحل الغربي وتمتد بعمق يشمل معظم القرى الداخلية ويقطنها عدد كبير من الموطنين (لا أملك إحصائية دقيقة عنها حاليا) كما يقطنها أيضا مجموعات كبيرة من الآسيويين والغربيين سواء الذين يعملون في مملكة البحرين أو في المناطق المجاورة بالمملكة العربية السعودية والذين يعتبرون البحرين المكان الملائم والمحبب لهم للعيش فيها مما يساهم بقدر كبير في نمو اقتصاد المنطقة وعموم البحرين.
كما أن هذه المنطقة تشتمل على شريط جميل أخضر ولو أنه تم الاعتداء عليه بدون رحمة إلا أنه لايزال يحتفظ بجزء كبير من جماله وبإمكان الزائر للمنطقة أن يلاحظ ذلك بنفسه.
والأهم من ذلك كله أن هذه المنطقة تزخر بالمثقفين ورجال الأعمال بالإضافة إلى المزارعين المنتجين، صيادي السمك، الحرفيين، الرياضيين والمهرة وغيرهم ممن ساهموا مساهمة فعالة في بناء البحرين ورفع اسمها عاليا إلا أنه وللأسف تقتقر هذه المنطقة الغنية بأرضها وأهلها والمحبة والمخلصة جدا لوطنها وقيادتها، تفتقر إلى الكثير من الخدمات والبنى التحتية والتي تشمل المراكز الصحية، المدارس، الشوارع الحديثة، البيوت اللائقة لهؤلاء الكادحين وتتميز أيضا بكثرة البطالة بين الشباب وحتى أولئك الذين يعملون يقومون بأعمال متدنية صابرين محتسبين لكن رغد العيش والرواتب الزهيدة لا تفي بمتطلبات المعيشة مثلهم في ذلك مثل بعض العاملين في المناطق الأخرى بمملكتنا الحبيبة، حيث تجعلهم يعيشون بألم وحسرة لعدم قدرتهم لتوفير السكن الملائم وتلبية حاجيات أبنائهم لأبسط متطلبات المعيشة في بلد يزخر بالإمكانيات والطاقات وقد كان الأمل معقودا على السنوات السمان (أيام كان سعر البرميل 130دولارا أو يزيد)، إلا أن تلك السنوات مرت دونما تحقيق الأمل المنشود وكيف السبيل إلى تحقيق ذلك الحلم الذي بدا بعيدا الآن، خصوصا بعد أن هاجمتنا السنوات العجاف، حيث وصل برميل النفط إلى ما دون 50 دولارا.
في المقابل ربما البعض يقول إن ذلك مرده إلى الاضطرابات المستمرة والأعمال غير المبررة أحيانا، وخصوصا بعض أعمال التخريب التي لا يرتضيها أحد وينبذها الجميع كل في موقعه إلا أن معالجة هذا النوع من المشكلات يجب أن تتم بروية وحكمة آخذين في الاعتبار كل حيثيات الموضوع وبصراحة مع الجميع وبدون مواربة أو اتهام أو تخوين وإذا ما استطعنا ملامسة جذور المشكلة وتكاتفنا يدا بيد لحلها ووجدت الإرادة الصادقة، الجادة والمتعاونة والتي تمتلك النظرة الشاملة والود لجميع البحرينيين بدون استثناء فسوف نستطيع بعون الله تعالى العمل على حلها تدريجيا، ونأمل أن نلقي ضوءا على بعض النقاط التي قد تساعدنا لتفهم ما يجري وفقا لرأينا المتواضع في مقال قادم.
إقرأ أيضا لـ "محمد جعفر شبيب"العدد 2383 - الأحد 15 مارس 2009م الموافق 18 ربيع الاول 1430هـ