انعقد «منتدى الجزيرة الرابع» السنوي بين 14 و16 مارس/ آذار 2009 بحضور نخبة من الإعلاميين والمفكرين والخبراء والأكاديميين للحديث عن الشرق الأوسط ما بين الإعلام والسياسة، بهدف الاهتداء إلى منهج يمكّن المهتمين بهذه المنطقة من فهم التعقيدات المتداخلة، وذلك لحساسية الشرق الأوسط وقضاياه... فالتعقيد في التغطية الإعلامية يتداخل مع الدين والتراث والتاريخ وعلم الاجتماع والاقتصاد، والمنطقة تمر بفترة انتقالية بسبب المتغيرات العالمية ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية وما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة وما بعد مجيء باراك أوباما على رأس الإدارة الأميركية وما بعد التحركات الإقليمية المتشابكة التي تبدو غريبة وخارج السياق المعتاد.
تغطية الشرق الأوسط لا تحتاج إلى آليات وتكنولوجيا متطورة في وسائل الإعلام، وإنما تحتاج إلى عمق فلسفي حضاري مركب، لأن منطقتنا كانت ومازالت ساحة لاصطدام حضارات وثقافات، وتلاقح أفكار، وانبلاج حضارات سابقة وهي تقع حاليا في أسفل السلم الحضاري ولكن هذا الواقع رفضه شعوب هذه المنطقة الذين يؤمنون بأن موقعهم ليس في الدرك الأسفل، وإنما في المقدمة والطليعة.
مدير عام شبكة «الجزيرة» قال إن إنسان هذه المنطقة الشرق أوسطية يتميز بقوة «الذاكرة» التي تفرض حضورها على الأحداث، فما يحدث اليوم ليس نتيجة ما يجري في الوقت الحاضر، وإنما هو ممتد في التاريخ، وفي عمق الانتماء الحضاري لإنسان هذه المنطقة.
آخرون أشاروا إلى تعقيدات متضاربة... ففي الوقت الذي تتصاعد فيه أصوات رسمية عربية لإعادة الوحدة على أساس وجود خطر إيراني، ترى أن هذه الدعوات مازالت ترفض التحاور مع من لديه أوراق على واقع الأرض، إذ مازالت حركة «حماس» و«حزب الله» خارج قاعات السياسة العربية الرسمية، ولكن في الوقت ذاته تجد أن بريطانيا تنفتح على «حزب الله»، والاتحاد الأوروبي ينفتح على «حماس»، وأميركا تنفتح تدريجيا على إيران... مما يعيد طرح التساؤلات حول الوجهة الاستراتيجية الحضارية التي نتجه نحوها على المستويات الجماهيرية والنخبوية والرسمية...
منتدى «الجزيرة» حاول طرح فهم آخر للشرق الأوسط لفك رموزها بهدف التعاطي بصورة أكثر تعمقا من ردود الأفعال التي تبدو أنها متناقضة مع واقع الحال ومع تاريخ الإنسان في هذه المنطقة ومع تطلعات المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2383 - الأحد 15 مارس 2009م الموافق 18 ربيع الاول 1430هـ