العدد 2318 - الجمعة 09 يناير 2009م الموافق 12 محرم 1430هـ

«مضيف الحسيني الصغير»! (منوعات)

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

واقعة الطف... الملحمة الخالدة التي على رغم مرور أكثر من ألف عام على حدوثها، ظلت طرية ومتجددة وكأنها قد حدثت للتو.. هي واقعة لا تضاهيها أيّة واقعة أُخرى في خلودها وبقائها حيّة في الأذهان، ولا حتى في مدى شمولها واتساعها الزماني.

على مدى الأعوام الماضية عرفتنا الصحف والفضائيات العربية بمراسم إحياء عاشوراء في مختلف الدول الإسلامية، ونقلت إلينا تفنن محبي أهل البيت (ع) في ترسيخ هذه الواقعة في الأذهان.

من تلك الأمور التي تشهد تفنن وإبداع محبي أهل البيت (ع) في إحياء عاشوراء ظاهرة «المضايف الحسينية»، وهي عبارة عن طاولات أو غرف تختلف أحجامها تحمل من المأكولات والمشروبات ما لذ وطاب، تقدمها مجموعة من محبي أهل البيت (ع) لعابري السبيل أو لرواد المآتم والمضيف في تلك المنطقة.

بالتأكيد هو أمر ليس بالجديد علينا في البحرين، ولكنها ظاهرة أخذت في الانتشار بشكل محبب، حيث بدأ يبرز فيها الجانب الإبداعي والأخلاقي لهؤلاء الناس... ففي القرية الواحدة تجد ما يقارب عشرة مضايف أو أكثر قد انتشرت، تجدها متشابهة في مضمونها وهو «إحياء ذكرى عاشوراء»، ولكنها مختلفة في أشكالها... فهناك من تجدهم أبدعوا في «المضيف» بنشر العبارات أو «الأراجيز» التي اشتهرت بها واقعة الطف، وآخرون تجدهم قد جسدوا واقعة الطف بعدد من المجسمات التي تعبر عن الواقعة بشكل تصويري جميل، فيما تجد آخرين قد جمعوا من الإصدارات العاشورائية القديم منها والجديد ليوزعوه على «ضيوفهم» والعابرين عليهم، كل ذلك مساهمة منهم في إحياء ذكرى عاشوراء، وتخليد الرسالة التي حملها الإمام الحسين (ع). وفي الاتجاه نفسه تجد آخرين هيئوا «المضيف» ليكون ساحة لنقل المحاضرات والأفلام والمسلسلات التي تروي قصص وسير حياة أبطال واقعة كربلاء.

ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع، هو موقف استوقفني في إحدى القرى، إذ وجدت مجموعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و15 عاما، الذين جمعوا من مصروفاتهم الشخصية مالا لبناء «مضيف» خاص بهم يقدمون فيه لعابري السبيل ما تشتهي أنفسهم من مأكولات ومشروبات... صنعوا طاولات «المضيف» بخشب قديم جمعوه بأنفسهم، ثم اشتروا قماشا أسود اللون ليغطوا به سطح الطاولة. أما «وليمة المضيف» فكانت في اليوم الأول عبارة عن: «سبمبوسة» بـ 300 فلس، 4 أكياس من «الشيبس»، 5 علب عصير، 4 علب بسكويت، جبن، 4 حبات من الخيار، أكياس خبز «روتي». أما في الأيام التالية، فقد شهد «مضيف الصغار» تطورا أكبر، فبعد ما رأى ذووهم فيهم من حماس، بدأوا بمساعدتهم، إذ قام البعض بدعمهم بالمال، والبعض الآخر بدعمهم بجهاز تسجيل مع مجموعة من الإصدارات، وآخرون جاءوا بأطباق مختلفة من الطعام، أما البعض الآخر فجاء بأوراق رسم وألوان ليكون لهؤلاء الصغار «مرسم حسيني صغير».

لو زرت هذا «المضيف» لوجدت طعمه مختلفا عن طعم «المضايف» الأخرى، إذ تتمثل لك فيه مجموعة من الأخلاقيات التي ربما تربى عليها أبناؤنا واستلهموها من واقعة الطف.

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 2318 - الجمعة 09 يناير 2009م الموافق 12 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً