من يثير النعرات الطائفية؟ من يهدد السلم الأهلي؟ من يسعى لضرب اللحمة الوطنية وتمزيقها؟ من يشعل نار الفتنة يوميا ببياناته وخطاباته؟ شخص واحد يعرفه الجميع، مهمته في هذا الوطن إبقاء نار الطائفية مشتعلة لا تخمد؛ لأهداف يعلم الجميع مصدرها وطرقها وأجندتها.

في يوليو/ تموز الماضي التقى عاهل البلاد مجموعة من أصحاب المواقع الإلكترونية ضمن حملة التصدي للمواقع التي اتهمت بالتأجيج الطائفي، ومن بينهم الستة الذين تم توقيفهم من قبل جهاز الأمن الوطني، إذ طالب جلالة الملك بالامتناع عن الإساءة إلى «أيِّ طرفٍ من أطراف المعادلة الوطنية».

ما الذي كان يقصده عاهل البلاد؟ ومن هم أطراف المعادلة الوطنية؟ فلا يمكن أن يقصد عاهل البلاد «بني صهيون أبناء القردة والخنازير» على حدِّ وصْفِ مثيرِ النعرات الطائفية في خطبه وتصريحاته.

إذا أطراف المعادلة الوطنية في هذه البلاد واضحة للجميع، فهي جميع أبناء هذا الشعب ومكوناته ونسيجه، وبالتالي فإن التعدّي على طرفٍ من هذه المعادلة هو تعدٍّ على الذات الملكية التي كلّفت نفسها بصون هذه المعادلة والحفاظ عليها.

من اعتبرهم العاهل طرفا في المعادلة الوطنية وصفَهم مثيرُ النعرات الطائفية بـ «الصهاينة أبناء القردة والخنازير»؛ بالتالي فإنه تعدّى على طرفٍ من أطراف المعادلة الوطنية، بل عمل على التحريض من خلال المسجد وكلِّ منبرٍ متاحٍ له ضدَّ طائفة في هذا البلد.

أين وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني عمّن يثيرون الطائفية؟ لماذا لم يتحركوا كما تحركوا على المواقع الإلكترونية، أليس ما قاله مثير النعرات يدخل ضمن تأزيم الموقف في البلد والسعي إلى شقِّ الوحدة الوطنية بين البحرينيين.

أليس من حقِّنا المطالبة بمحاكمة مثير النعرات على التعرُّض لطائفة كبيرة في هذا البلد بالقذف العلني ومن على منبر الجمعة.

عندما تحرَّك الحقُّ العام من قبل الجهاز الوطني ضدَّ المواقع الإلكترونية وإحالة القائمين عليها إلى النيابة العامة كان بذريعة الحفاظ على المكتسبات الوطنية، فلماذا لم يتحرك هذا الجهاز الآن لمقاضاته؟!

إن السكوت عن مثير النعرات، يفسح المجال لآخرين بالتعدّي على طوائف هذا البلد وعلى ثوابتنا الوطنية، ومن ثم تتحول الساحة إلى معركة طائفية، تحقق أهداف مثيرِ النعرات ومَنْ هم وراءه يحركونه؛ لخلخلة السلم الأهلي وضرب الطوائف ببعضها لتحقيق مكاسبهم الشخصية.