العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ

هكذا قال هشام الشهابي

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

ليست مقولات هشام الشهابي أقوالا عابرة؛ بل هي بمثابة حكم راسخة تنير طريق المناضلين الشرفاء، الصامدين بلا نهاية، الثابتين في مواقفهم بلا نطنطة مثل الأرغوزات عبر مختلف المربعات، والواقعين على مختلف الأطياف، لأن أولئك الأرغوزات كائنات بلا طيف يميزهم، فهم ينشدون أي طيف يحتضنهم ليصبغهم بشكله حتى لو كان نكرة لا يتلاءم مع متطلبات المرحلة التاريخية التي تمر بها البشرية.

إن أولئك الأرغوزات المنطنطة، يفتقرون إلى أدنى وأبسط إدراك يمكنهم به أن يستخرجوا عظمة وعمق الفلسفة الشهابية كمثل قوله في واحدة من مقولاته العميقة المعاني المستعصية الإدراك على فئات المنطنطين المسيلمين:

«الصمود هو الذي أخرج الإنسان من الكهف ليبني ناطحات السحاب».

ويضيف هشام في مسار منطلقاته النضالية المبينة على أسس من الرؤية الجدلية العلمية الارتقائية الغير قابل من يتمثل بها ويأخذ ويعطي بمضامين معانيها أن يستكين في مساكن الكهوف، تلك هي:

«إذا كنت أشعر شعورا متجذرا أنني صاحب حق، وأن هذا الحق ليس في يدي فسأظل أطالب به، وأورث هذه المطالبة لأبنائي ومن سيأتون بعدهم، سنخسر معارك كثيرة، ولكننا لن نخسر الحرب، إنها مسألة حقوق وواجبات متبادلة».

هذا هو هشام الشهابي، في إطار واقعه الحقيقي المجرد، من أقوال المتطفلين على هشام.

على أني أدعو الشعب البحريني أن يقتدي بهشام في صميم الحقائق الهشامية الشهابية النبيلة، وليس من خلال أكوام من المسيلميات التي أراد المجحفون أن يلصقوها بهشام، وهشام غني عنها بقدر ما يكون القرآن الكريم غنيا عن سورة مسيلمة الكذاب:

«الفيل وما أدراك ما الفيل، له ذنب قصير وخرطوم طويل».

إن هشام ليس بحاجة إلى مسيلمياتك عندما قلت إن هشام قد قاد الانسحاب من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي، تحت مسمى الكتلة الشهابية، ولا تاريخ هشام الشهابي النضالي الناصع البياض المتماسك الأركان الثابت القواعد والشاهق البنيان، بحاجة إلى أن هشام من مؤسسي «جمعية العمل الوطني الديمقراطي».

ولم يقف سيل المسيلميات عند هذا الحد، بل تعدتها إلى ما هو أفظع منها في جدول المسيلمين وما حلا لهم أن يطلقوه من مسيلميات لا أساس لها من الصحة، عندما ألصقوا بهشام أنه أحد قادة القوميين العرب؟!

لقد حانت اللحظة التي تتطلب مني الأمانة الوطنية، وحفظ تاريخ نضال الشعب البحريني أبيض ناصعا كما ولدته تضحيات وإرادة شعب البحرين العظيم، وأن أوقف محاولات تعملق مناضلي مطلقي الأبواق، و «نافخي الصواويو»، والمنقضين بالقوة والانتهازية الدنيئة على إنجازات أشراف المناضلين، دونما أن يوجد لأيٍّ منهم حتى مقدار ذرة من خردل في الترتيب لتلك الإنجازات وإبرازها، ووضعها على ساحة النضال الشعبي.

أولئك نفر من البشر الذين لا يحلو لهم إلا نضال التطبيل والترميز وضرب الأكتاف ببعضها البعض في حركة رايح رايح، جاي جاي، وإشعال نيران النضال بنفخ «الصواويو»، أولئك النوع من المناضلين، أتحداهم أن يميطوا اللثام عن الحقيقة المتعلقة بتشكل ونشوء «حركة القوميين العرب» فيما عدا علي ربيعة، إذا ما سعى لإخراج نفسه وتاريخه النضالي، واستهواه لحنها النشاز منذ أن ألف ديوانه في أكثر من 460 صفحة، وسطا فيه على كل منجزات المناضلين الأشراف الذين عملوا بصمت في الظلال ودونما أي ضوضاء أو عنتريات أو تسلق على أكتاف الآخرين، في إعداد العريضة، حيث إن العريضة مرت بمرحلتين: مرحلة إعداد، استمرت إلى ما يزيد قليلا على سبع سنوات، بينما مرحلة التنفيذ، وإخراج العريضة للجماهير لم تستغرق أكثر من شهور معدودات، وقد تم الاتفاق بين المؤسسين على إطلاق اسم المرحلة التاريخية التي خرجت فيها العريضة النخبوية ومن بعدها العريضة الشعبية بـ «مرحلة النضال العرائضي السلمي»، الخالي من قصف الأصوات الرعدية، وسلوك التهييج، لكيلا نترك أي ثغرة يدفع من فجواتها الطرف الآخر بأية إدانة ضدنا بممارسة العنف في الوقت الذي كانت مخططاتنا تهدف إلى وضع الطرف الآخر في زاوية مخططاتنا العقلانية ومتطلبات نضالنا السلمي وتحقيق مطالبنا الوطنية، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن، فاندفع أفراد من شباب لا خلفية لهم في مجال النضال، ولا يملكون قدرا ولو ضئيلا من تجربة نضالية يرتكزون عليها سوى كومة من ميتافيزاقيات ضحكوا بها على مساكين سُذَّج من أبناء الشعب.

في هذه اللحظة التي وصلت فيها أعصابي إلى لحظة التفجر والالتهاب عندما ألتفت إلى يساري هربا من ضيقي لأرتاح لحظة أجدد فيها نشاطي لمواصلة التدبيج التاريخي السليم ولأنقذه من براثن الشطحات الطفولية وكذب المسيلميات التي يطلقها تجار النضال من المسيلمين، من فروخ «أم الصنين»، العاجزون عن أن يبرزوا منفصلين بشخصياتهم، فتراهم ملتصقين بغيرهم مثل «لزقة جونسون» حيث استمدوا صفتهم الحقيقية من المثل القائل: «فرخ أم الصنين... كبر أمه ولا يطير»... في هذه اللحظة وقع نظري على صورة شبه داكنة بلا عيب، يختفي صاحبها خلف نظارة سوداء، فرحت أسرح نظري المطعون بفعل جور الزمن على غلاف الكتيب فتمثلت نفسي كبلبل المطرب الكبير عبدالوهاب «أبص فوقي أبص تحتي»، فوقع نظري على صفحة الغلاف في الزاوية الشمالية الغربية فكانت تحمل اسم «جمعية المهندسين البحرينية» وفي الوسط عبارة «سنفتقدك كثيرا» وعندما انحدرت بنظري إلى أسفل الغلاف وجدت توقيع «هشام الشهابي» فتعجبت ومن حقي أن أعجب، كيف يوقع هشام اسمه على عبارة «سنفتقدك كثيرا» وهو الحاضر حضور نبض الشعب البحريني؟!

غير أني لا ألوم جمعية المهندسين التي أصاب أفرادها، بمثلما أصاب غيرهم الارتباك الذي يمكن التسامح معه بعكس التعامل مع المسيلميات التي من الخطأ التسامح مع متبنيها من المسيلمين لأنها تسيء إلى تاريخ هشام... ولأن غياب هشام المفاجئ السريع: «قد أربك اللحن وهز صميم الخطاب».

كانت الصورة التي يختفي صاحبها خلف نظارات سوداء، هو هشام، وإذا بي أتصور أنه ما كان يبتسم بل كان يقهقه حتى لأحس بأن جسمه كان يهتز، وهو يخاطبني كعادته عندما أركب السيارة بجانبه صباح كل يوم جمعة لنقوم بزيارتنا الأسبوعية لحبيبنا الغالي «أحمد الشملان» الرمز النضالي الذي يكبر بالرغم من صمته مع الأيام ويشتعل، بالعبارة المعتادة التي نتبادلها «يا خوي... يا خوي محمد أنت متنرفز إلى هذا الحد، قلت له يا خوي هشام مما أقرأه في الصحف، وأسمعه في احتفالات تأبينك»، فقال لي: «يا خوي محمد امتثل بروح نص الحكمة القائلة: قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا، فما احتيالك في قولٍ إذا قيلا؟». فقلت له أفضل أن أنفذ بكل إصرار وعزم وإرادة الحكمة القائلة مع بعض التحريف: «إن كل مسيلمي عوى... سألقمه حجرا حتى لو أصبح الصخر مثقالا بمليون دينار».

فقال لي: على كيفك يا خوي، واختفى... غير أني معه ومعكم سألتقي في مسرح نضال هشام الشهابي الشاسع لننهل من حكمه النضالية

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً