العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ

حقوق المرأة على الورق وكممارسة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يبدو أن الحكومة الباكستانية حققت في السنوات الأخيرة خطوات كبيرة باتجاه حماية حقوق المرأة. ورغم المادة 25 من الدستور، إضافة إلى تبني إعلان الأمم المتحدة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، فقد وعدت الحكومة الباكستانية نساء الدولة الأقل حظا بالطعام والضمان الاجتماعي والإسكان والتعليم ومستوى معيشي مناسب ورعاية صحية. إلا أن هذه الالتزامات السياسية نادرا ما جرت ترجمتها إلى ممارسة، وقد فشلت في تغيير حياة العديد من النساء الباكستانيات.

بدلا من ذلك، تستمر هؤلاء النساء بمواجهة عوائق ضخمة. أكثر نتائج التخلف تدميرا في أي مجتمع هو معدل الوفيات المرتفع، ولدى باكستان معدل أعلى في وفيات الأطفال والوفيات عند الولادة من أي دولة نامية أخرى في كل من آسيا وإفريقيا.

ويشكل معدل وفيات الولادة التي يمكن منعها أحد عوارض انعدام العدالة الاجتماعية الأوسع مدى من التمييز ضد المرأة وانتهاك الحقوق الإنسانية للمرأة.

وتقع النساء في باكستان ضحايا لأبشع الجرائم التي يمكن تصورها، بما فيها إلقاء الحامض عليهن وجرائم الشرف. على سبيل المثال، إذا حاولت المرأة في بعض قرى باكستان الزواج بمحض إرادتها يقال أنها عادت بالعار على أسرتها، وقد تتعرض للقتل. ولا يتم طرح أية أسئلة رغم أن هناك قوانين تمنع هذه الممارسة.

وتحارب هيئة حقوق الإنسان بباكستان وعدد لا نهاية له من المنظمات غير الحكومية من أجل حقوق المرأة منذ فترة طويلة. ويقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن المجموع العالمي لجرائم الشرف يصل إلى 5000 جريمة ضد النساء، رغم عدم وجود أرقام رسمية في باكستان حول وتيرة هذه الممارسات.

وقد قامت باكستان مؤخرا بتطبيق قوانين لمكافحة العنف المنزلي، مثل قانون حماية المرأة (تعديل للقوانين الجزائية) للعام 2006، إلا أنه لم يجرِ عمل شيء لإحضار المجرمين إلى العدالة. وقد اعترفت نائبة المدعي العام والخبيرة بقانون الأسرة والتي جرى ترفيعها مؤخرا إلى منصب قاضية في المحكمة العليا ناهدة محبوب إلاهي، أنه لا يجري تنفيذ القوانين بروحها الحقيقية، وهو سبب أنه في العديد من الحالات لا يجري التحقق من الحافز وراء الجريمة، التي يجري تسميتها بالحادث المؤسف.

ورغم أن جرائم الشرف تجتذب اهتمام الصحافة بصورة أوسع، فإن العديد من العادات الاجتماعية ضارة بالمرأة كذلك. من تلك العادات أيضا ما يسمى بـ «الكتابة على المعدة» حيث يزف صبي وفتاة إلى بعضهما بعضا قبل أن يولدا، أو أثناء فترة مراهقتهما المبكرة. بالمقابل، ينص القانون الإسلامي على أنه يتوجب على الرجل أن يتمكن من إعالة زوجته، وأنه يتوجب على كلا الطرفين أن يوافقا على الزواج بحريّة دون ضغوط. ورغم أنه في العام 1929 وتحت الحكم البريطاني للهند تم إصدار قانون منع زواج الأطفال، إلا أن العادات والتقاليد القبلية ما زالت سائدة. حيث تتجاهل السلطات هذه القوانين بسبب مشاركة إقطاعيين متنفّذين في ممارستها.

ومن أشكال زواج الأطفال كذلك ما يسمى «سوارا» و «فاني»، حيث يتم تزويج الفتيات الصغيرات عنوة إلى أفراد قبائل أخرى بهدف حل النزاعات. وقد بدأت محاكم باكستان مؤخرا ملاحظة هذه الممارسات غير القانونية بجدية، كما حاولت اتخاذ إجراءات ضد استمرارها. ولكن مرة أخرى، ينزع المتورطون في هذه الممارسات لأن يكونوا متنفّذين اجتماعيا وسياسيا.

ويخلق أسلوب يسمى «واتا ساتا» مشكلة مماثلة، حيث تقوم الأسرتان عند عقد الزواج بتبادل العرائس. حتى يتسنى لرجل ما تزويج ابنه يتوجب عليه كذلك أن يقدّم ابنة لتتزوج رجل من الأسرة الأخرى بالمقابل. في ممارسة كهذه تجري معاملة المرأة كسلعة تباع وتشترى وليس كمخلوق بشري.

يجب أن تتوقف هذه الممارسات. السؤال هو متى وكيف؟ هناك حلان اثنان للمعوقات التي تواجهها المرأة في باكستان، ويجب أن يأتيا من طرف هؤلاء في السلطة والنساء أنفسهن.

أولا، يحتاج صانعو القرار إلى أن يصحوا ويعترفوا بالواقع الذي تواجهه المرأة الباكستانية وأن يتخذوا إجراءات صارمة لمنع أعمال الظلم هذه من الحدوث.

ثانيا، يتوجب عليهم أن يتأكدوا أن القوانين القائمة يجري تطبيقها بشكل كامل وصحيح.

إضافة إلى ذلك، يعتبر الوصول إلى مستويات التعليم كافة حيويا لتمكين المرأة من المشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مجتمعاتها. تحتاج الحكومة إلى أن تركز بشكل خاص على تعليم الإناث بالذات.

التعليم هو العنصر الرئيسي في الازدهار والتنمية في أية دولة. وهو يفتح المجال أمام قدرات المرأة الكامنة، وترافقه تحسينات في الصحة والتغذية والازدهار الاجتماعي لأسرتها، إضافة إلى مستقبل أكثر إشراقا ووعدا للأجيال المقبلة.

* صانعة أفلام ومحللة اجتماعية سياسية ومضيفة لبرنامج حواري، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً